"إيكو" رهان سوري متجدد على الدراما البوليسية القصيرة

تشهد الدراما السورية في الآونة الأخيرة ظاهرة تصوير المسلسلات البوليسية أو السيكولوجية ذات الحلقات القصيرة المخصّصة للعرض على المنصات الإلكترونية، والتي باتت تحقّق نسب مُشاهدات عالية من جيل الشباب خاصة، بعيدا عن المطّ المُربك للحلقات دون موجب في الغالب. ومن بين هذه الأعمال يحضر المسلسل السوري الاجتماعي البوليسي “إيكو” الذي انطلق تصويره مؤخرا في دمشق.
دمشق - شرعت منصة “تن تايم” وبالتعاون مع “دراما شيلف” أخيرا في تنفيذ أولى إنتاجاتها الأصلية عبر مسلسل “إيكو” (صدى) من تأليف سيف رضا حامد وإخراج محمد عبدالعزيز وتحت إشراف المنتج تمام سلامة.
وانطلقت عمليات تصوير المسلسل منذ أيام قليلة في أستوديوهات جُهزت خصيصا في دمشق لتصوير العمل بما يتناسب مع اللغة البصرية الجديدة للدراما، لتنطلق الكاميرا لاحقا بين عدة مناطق جبلية وساحلية سورية.
وعن العمل قال المنتج السوري تمام سلامة “المسلسل يندرج ضمن النمط الاجتماعي التشويقي البوليسي، ويتألف من ثماني حلقات، قصته سورية خالصة بعيدة عن فكرة ‘البان آراب’ (الأعمال العربية المشتركة) وتعدّد جنسيات أبطاله، وتقوم الحكاية على الغموض والإثارة وتتخلّلها حالات رومانسية تجمع بين شخصياته بإطار مختلف عمّا هو سائد”.
ويلعب بطولة العمل كلّ من معتصم النهار الذي يعود إلى الدراما السورية بعد طول غياب، وقمر خلف ونادين خوري وعلي سكر وليا مباردي وهافال حمدي وشادي الصفدي وآخرون.

محمد عبدالعزيز: المسلسلات القصيرة تحقق الشرط السينمائي وتجذب الشباب
ويؤدّي معتصم النهار في المسلسل شخصية صاحب دار نشر وطباعة يتعرّض لموقف حرج ما يجعله يعيش جوا من الإثارة والتشويق مع المحقّق الذي يجسّد دوره الفنان علي سكر في ثاني تعاون بينهما على التوالي بعد أن قدّما معا شراكة مميّزة في مسلسل “صالون زهرة” للنجمة اللبنانية نادين نسيب نجيم وتأليف نادين جابر وإخراج جو بوعيد.
ولا يخلو العمل الذي تدور أحداثه في إطار اجتماعي من الأكشن والتشويق من قصص الحب والرومانسية، حيث يضطرّ نجوم السلسلة لفتح قصص الماضي ليجدوا أنفسهم أمام حقائق صادمة.
وأكّد سلامة ضرورة العودة لإنتاج بعض الأعمال السورية الخالصة، مبيّنا أن منصة “تن تايم” تسعى لدعم الإنتاج الدرامي وطرحه بهوية بصرية جديدة بناء على النموذج القصير السائد حاليا لمواكبة عالم الديجيتال الذي يُتيح إمكانية المُشاهدة بأي وقت بعيدا عن برمجة المحطات التلفزيونية والتقيّد بتوقيتاتها.
وقال المخرج محمد عبدالعزيز “العمل سيشكل إضافة جديدة للدراما السورية على المستويين الدرامي والبصري”، مبيّنا أن “المسلسلات القصيرة” تحقّق الشرط السينمائي والمعرفي أكثر من الدراما التلفزيونية التقليدية، وتمهّد للتحرّر من سطوة العمل الرمضاني الثلاثيني الذي يكبّل التوجّه إلى فضاء غير تقليدي.
وبالتزامن مع تصوير “إيكو”، تعكف الشركتان المنتجتان “تن تايم” و”دراما شيلف” على تكثيف التحضيرات لتنفيذ أعمال عديدة ضمن “السلسلات القصيرة” في لبنان والعراق والإمارات، ومن المقرّر انطلاق تصوير أولى تلك الأعمال في بيروت خلال الأيام القليلة القادمة.
وتظل المسلسلات القصيرة جاذبة للمشاهد السوري ومن خلاله العربي أكثر من الأعمال الثلاثينية، لاسيما مع الاتجاه الكبير نحو عالم السوشيال ميديا، بما تحمله من تكثيف بعيدا عن المطّ في الأحداث.
وشهد العام 2021 ظهور عدد كبير من المسلسلات السورية القصيرة، خاصة تلك التي تعزف على وتر الدراما البوليسية أو النفسية اللتين لا تخلوان في الغالب من إثارة وأكشن، كان آخرها عشارية “عش الغراب” للمخرج وليد درويش وتأليف سامر عادلة، وهي دراما بوليسية تجمع بين التشويق والأكشن، وتتنوّع محاورها بين طموح الشباب وواقعهم من ناحية وماضي كبار السن وتاريخهم من ناحية أخرى، بحيث تتأرجح الشخصيات بين الماضي والحاضر وتتقاذفها رغباتها الجامحة.
وتجري أحداث المسلسل في غابة تشهد العديد من الملاحقات والمطاردات والأحداث الشيقة والمفاجآت التي تحبس الأنفاس، إضافة إلى الأطماع التي تؤدّي بأصحابها إلى ارتكاب جرائم قتل والغدر بين الأصدقاء.
ويُشارك في هذه العشارية كل من حسام تحسين بيك ووضاح حلوم وجمال العلي وأمية ملص وعلا باشا وربا المأمون ومحمد خاوندي وعامر علي ووسيم الرحبي ومؤيد الخراط ورشا إبراهيم ومجد مشرف وطارق نخلة ووسام أبوصعب ورهام عزيز ولبابة صقر وآية سليمان ونور شاهين.
انطلقت عمليات تصوير المسلسل منذ أيام قليلة في أستوديوهات جُهزت خصيصا في دمشق لتصوير العمل بما يتناسب مع اللغة البصرية الجديدة للدراما
ومؤخرا انتهى مدير الإضاءة والتصوير عباس شرف من تصوير أولى تجاربه الإخراجية في عالم الدراما السورية عبر عشارية “روز” من تأليف الفنان طلال مارديني وبطولته، إلى جانب كل من باسم ياخور ومريم علي ونادين تحسين بيك ويارا قاسم وعبدالرحمن قويدر وأمير برازي وآخرين. وهو عمل بوليسي يطرح تنوّعا صريحا بين الخيانة والحب والعطاء والتضحية والكثير من التناقضات الإنسانية المتشعّبة.
وخلال الموسم الرمضاني الماضي عرضت سلسلة “بصمة حدا” في أكثر من فضائية عربية، وهي سلسلة تضمّنت ثلاثية روائية هي “طبق الأصل” و”انتقام بارد” و”البرزخ”، وتغوص في الدراما النفسية التي تكشف عورات المجتمعات العربية عموما والمجتمع السوري خاصة، الذي أنهكته الحرب ممّا انعكس سلبا على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بشكل عام.
كذلك عرض مسلسل حمل عنوان “الروليت” من تأليف معن سقباني وإخراج سعيد رمضان، وهو من عشر حلقات، شارك في بطولته كل من جرجس جبارة ويحيى بيازي ورشا بلال وكرم الشعراني ولمى بدور وطلال مارديني. والعمل بوليسي تشويقي يعتمد على كشف ملابسات جريمة تقع أثناء جلسة جمعت عددا من الشبان والشابات في لعبة الروليت الروسية، وتداعيات ذلك على حياتهم.
ومع هذه الأعمال البوليسية والأخرى السيكولوجية عرض أيضا مسلسل “ضد مجهول”، وهو عبارة عن سلسلة من ثماني حلقات كتبها كل من لواء اليازجي ومحمد أبواللبن وأخرجها السدير مسعود، وهي من بطولة كل من عبدالمنعم عمايري وباسل الخياط وهيا مرعشلي ونظلي الرواس وإيهاب شعبان. ويرصد العمل قصص بعض المهمشين وما يمكن أن تتركه فيهم الحياة من ندب نفسية عميقة تكبّل حيواتهم وتجعلها أكثر تعقيدا.
والمسلسلات السورية القصيرة لم تكن وليدة السنوات الأخيرة، فغالبية المسلسلات السورية التي أنتجت في فترة الثمانينات من القرن الماضي كانت تقتصر على خمس عشرة حلقة تلفزيونية كحد أقصى، ولكن مع دخول الإنتاج السوري فورة المنافسة العربية وارتباط عرض المسلسلات بشهر رمضان بات لزاما على شركات الإنتاج تقديم مسلسلات من ثلاثين حلقة كاملة، وهو ما تسبّب لاحقا في ضعف كبير على صعيد الحبكة والإنتاج، الأمر الذي نفّر المُشاهد العربي من هذه الدراما التي تقول في ثلاثين حلقة ما يمكن اختصاره إلى النصف أو الثلث أحيانا.