إيقاف اختبار العذرية للمجندات في إندونيسيا يلغي العنف القائم على الجندر

التخلص من الفحص المهين للمرأة رغم عدم صحته طبيا يمنع التمييز ضد النساء.
الأحد 2021/08/15
القبول سيصبح على أساس الكفاءة

أوقف الجيش الإندونيسي اختبارات العذرية للمجندات بعد دعوات من منظمات غير حكومية لإنهاء هذه الممارسة التي يعتبرها الخبراء مؤلمة ومذلة للنساء. ولاقى هذا القرار ترحيبا واسعا من قبل العديد من المنظمات الحقوقية التي تُعنى بشأن المرأة وفي أوساط النساء، ورأى فيه الكثيرون قرارا يساعد على إلغاء العنف القائم على النوع الاجتماعي ضد النساء في إندونيسيا.

باليكبابان (إندونيسيا) - لاقى قرارإيقاف اختبار العذرية للمجندات في إندونيسيا ترحيبا واسعا من طرف المنظمات الحقوقية التي تعنى بالمرأة داخل البلاد وخارجها، والتي لطالما اعتبرت هذا الإجراء مهينا ومذلا للمرأة .

ورحبت اللجنة الوطنية لمكافحة العنف ضد المرأة بإعلان هذا القرار، لكنها طالبت في الوقت نفسه الجيش بإصدار قواعد خطّية حول هذا الموضوع، داعية القوات البحرية والجوية إلى أن تحذو حذوه.

وقالت رئيسة اللجنة تيريزيا إيسواريني “نحتاج إلى التأكد من إلغاء اختبارات العذرية”.

وأضافت أن هذا الاختبار تمييزي وتدخلي، وقد يخلّف شعورا بالخزي والخوف والصدمة لدى الضحايا.

وأكدت عليم قبطية، المفوضة في اللجنة الوطنية لمكافحة العنف ضد المرأة، أن ذلك سيجعل النساء أكثر ثقة وأن قبولهن في الجيش سيكون على أساس الكفاءة، وقالت “ليس من العدل الطُلب من النساء إثبات حسن أخلاقهن (من خلال اختبار العذرية) بينما لا يطبق نفس الأمر على الرجال المجندين؟ كيف تثبت ذلك”؟

ممارسة مذلة

أنديكا بيركاسا: تلك الممارسة بحق النساء قد ولت إلى الأبد، وبالتالي سيتم تجنيدهن بنفس الطريقة التي يجري بها تجنيد الرجال
أنديكا بيركاسا: تلك الممارسة بحق النساء قد ولت إلى الأبد، وبالتالي سيتم تجنيدهن بنفس الطريقة التي يجري بها تجنيد الرجال

وأوقف الجيش الإندونيسي “اختبارات العذرية” للمجندات، بعد دعوات من منظمات غير حكومية لإنهاء هذه الممارسة “المؤلمة والمذلة”، وفق ما أعلن عنه رئيس الأركان الإندونيسي أنديكا بيركاسا.

وقال أنديكا بيركاسا للصحافيين في مدينة باليكبابان، في الجزء الإندونيسي من جزيرة بورنيو، “كان ذلك جزءا من التقييم (للمجندات) لكننا لم نعد نفعل ذلك”. وأضاف أن الجيش يحاول باستمرار التعلم والتحسن.

وأوضح بيركاسا، أن تلك الممارسة بحق النساء قد ولت إلى الأبد، وبالتالي سيتم تجنيدهن بنفس الطريقة التي يجري بها تجنيد الرجال.

كما لفت إلى توقف الجيش عن إجراء الاختبارات نفسها لخطيبات الجنود قبل الموافقة على الزواج.

ولطالما أكدت السلطات العسكرية أن اختبار العذرية كان ضروريا للتحقق من سلامة غشاء البكارة للمجندات بهدف استبعاد المرشحات اللواتي من شأن سلوكهن الجنسي الإضرار بصورة الجيش بحسب المروجين لهذه الممارسة.

لكن منظمة الصحة العالمية أكدت أن هذه الاختبارات ليست لها أي قيمة علمية كما لا تسمح بالجزم ما إذا كانت المرأة المعنية قد مارست الجنس فعلا.

ورحبت منظمة “هيومن رايتس ووتش” التي شجبت هذه الممارسة منذ سنوات بالقرار، مشيرة إلى أن اختبار العذرية شكل من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي وممارسة تثير انتقادات كبيرة، لافتة إلى أن كل الهيئات العسكرية الإندونيسية لجأت إليه على مدى عقود لاختبار المجندات.

وجمعت عريضة على موقع “تشاينج.أورغ” تدين هذه الممارسة “المؤلمة والمهينة والتي تفتقر إلى أي أساس علمي”، حوالي 70 ألف توقيع.

كما رحبت منظمات حقوق الإنسان في إندونيسيا بإنهاء اختبار العذرية الذي وصفته بـ”التعسفي والمهين” باعتباره كان يطال الفتيات الراغبات بالانضمام إلى القوات المسلحة الإندونيسية.

وكانت السلطات المختصة في البلاد قد فرضت على مدى عقود كشف العذرية، والذي كان يسمح للأطباء باستخدام أيديهم لتقرير إذا كانت الفتاه “عذراء” أولا، وهو شرط أساسي لانضمام الإناث إلى الجيش. وكانت الاختبارات تطبق في بعض الحالات على النساء اللواتي سيرتبطن بضباط من الجيش.

ورحبت النساء الإندونيسيات بإنهاء الاختبار، ومنهن أنيندي (اسم مستعار) التي تذكر بأسى كيف أنها فشلت في الاختبار قبل 23 عامًا بغية الانضمام إلى القوات البحرية قبل أن يجري رفضها رغم حصولها على درجات عالية في بقية الاختبارات.

وقالت أنيندي “سيكون ذلك أمرا تاريخيا إذا أنهوا هذا الاختبار لأنه كان إجراءً مهينًا للمرأة”.

وأشارت إلى أن والدها كان ضابطا في البحرية وكان يحلم أن يسير أحد أبنائه على خطاه. ولكن أنيندي، التي لم تكن عذراء، طلبت من الطبيبة عدم فحصها لأنها لم ترغب في أن تتعرض للمس دون موافقتها.

وأضافت أنها لم تمنعها عن فحصها خوفا من اكتشاف أمرها، ولكن لأنها شعرت بعدم الارتياح من الإجراء، وهذا هو الثمن الذي تدفعه المجندات لدخول الجيش، وفق قولها.

وأجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع نساء من جميع أنحاء إندونيسيا خضعن للاختبار، وخلصت إلى أنه كان سلوكا يمارس على الصعيد الوطني. وقال الباحث هارسونو إنهم قابلوا امرأة أجرت الاختبار في العام 1965، لافتا إلى أن ذلك يعني أن تلك “الممارسة غير العلمية والمسيئة والتمييزية مستمرة منذ أكثر من خمسة عقود”.

وكانت منظمة الصحة العالمية قد أكدت في تقرير لها في العام 2018 أن اختبار العذرية غير علمي وضار وينتهك حقوق المرأة ومن شأنه أن يؤدي إلى عواقب فورية وطويلة الأجل تضر بالصحة الجسدية والنفسية والاجتماعية للنساء اللائي خضعن الاختبار.

وواصل بأن الجيش وقوات الشرطة في إندونيسيا يقومان بإجراء اختبار كشف العذرية المسيء على المجندات، بعد ثلاث سنوات على إعلان منظمة الصحة العالمية عدم صحته العلمية، بحسب منظمة “هيومن رايتس ووتش”.

وأضافت المنظمة أن ضباطاً كباراً في الجيش والشرطة أبلغوها أن القوات الأمنية لا تزال

تمارس فرض “الاختبارات القاسية والتمييزية” التي تجري تحت ستار من الفحوص النفسية لأغراض تتعلق بالصحة النفسية والأخلاق.

وقالت مديرة حقوق المرأة في المنظمة، نيشيا فاريا “إن استمرار الحكومة الإندونيسية في التسامح مع اختبارات كشف العذرية” المسيئة من قبل قوات الأمن، يعكس نقصاً مروعاً في الإرادة السياسية في حماية حقوق النساء الإندونيسيات.

ودعت منظمة “هيومن رايتس ووتش” رئيس البلاد إلى أن يأمر رئيس الشرطة الوطنية والقائد العسكري في الجيش بحظر هذه الممارسة. ويشتمل الفحص على “اختبار بالأيدي لتحديد ما إذا كان غشاء البكارة سليماً”، والذي قالت عنه منظمة الصحة العالمية في توصياتها السريرية لعام 2014 للرعاية الصحية للنساء المعتدى عليهن جنسياً، إنه يفتقد إلى أي أساس علمي.

عنف ضد النساء

Thumbnail

وكشفت المنظمة أن المتقدمات اللاتي اعتبرن فاشلات في كشف العذرية لم يعاقبن، لكن جميع النسوة اللائي تحدثت المنظمة معهن وصفن الاختبار بأنه مؤلم ومحرج وصادم.

كما وثقت “هيومن رايتس ووتش” استخدام قوات الأمن في مصر والهند وأفغانستان اختبارات كشف العذرية. وانتقدت دعوات لإجراء اختبارات العذرية لفتيات المدارس الإندونيسية. وأشارت إلى أن جميع فروع الجيش الإندونيسي الثلاثة تفرض الاختبارات منذ عقود، كما امتدت في بعض الظروف إلى خطيبات ضباط الجيش.

و حسب منظمة الصحة العالمية يعد اختبار العذرية أحد أبزر مظاهر العنف ضد المرأة. وأكدت المنظمة أن هذا الاختبار لا يزال قائمًا في عددٍ من البلدان.

ومن الناحية الطبية؛ يعد اختبار العذرية أمرا غير ضروري خاصة عندما تتم هذه “العملية” على بعض النساء دون الحصول على موافقتهن إضافة إلى إمكانية الألم الذي قد يشعرن به زيادة عن الإحساس بالدونية. ولطالما استُخدم اختبار العذرية على أساس المعايير الاجتماعية بهدف تنظيم النشاط الجنسي للإناث وتبرير العنف ضد المرأة. أما في مجتمعات باقي أنحاء العالم؛ وخاصة المجتمعات الأبوية فإن هذا الاختبار قد يبدو متقبلا في حالة ما تم عن طريق الأب أو الزوج. بسببِ الضغوط الاجتماعية على النساء والفتيات كي تظللن عذراوات حتى الزواج.

وفي بعض المجتمعات وفي حالة ما تم التأكد من انعدام عذرية الفتاة من خلال هذا الاختبار فإنّها قد تتعرض للعقاب حتى الموت.

وقد أدت كل هذه المواقف التمييزية إلى انتشار العنف ضد المرأة في تلك المجتمعات. هذا وتجدر الإشارة إلى أن اختبار العذرية يجعل الشابة تفهم أنها مسؤولة عن كل نشاط جنسي في كامل حياتها – على الأقل قبل الزواج – حتى لو تعرضت لعملية اغتصاب أو شيء من هذا القبيل.

وحسب الأطباء والعلماء، لا يوجد اختبار أو فحص يمكنه التحديد بدقة ما إذا كانت الفتاة أو المرأة قد مارست الجنس، وبالتالي تقييم ما إذا كانت “عذراء”، لذا فإن فكرة هذا الفحص تعتبر بمثابة “تعصب جنسي” برأيهم.

ليس من العدل الطُلب من النساء إثبات حسن أخلاقهن من خلال اختبار العذرية بينما لا يطبق نفس الأمر على الرجال المجندين

ورغم ذلك، ووفقاً لمنظمة الأمم المتحدة، تم توثيق ممارسة ما يسمى بـ”فحص العذرية” في 20 دولة على الأقل في جميع أنحاء العالم، ومن بينها الولايات المتحدة.

ووجد بحث نشرته مؤخراً مجلة “ماري كلير” للمنظمة الإخبارية المختصة بقضايا النساء، أن الأطباء في الولايات المتحدة ما زالوا يتلقون طلباتٍ لإجراء فحوصات العذرية.

وليس هناك إرشادات واضحة من قبل الهيئات الطبية الأميركية الكبرى حول كيفية تناول الأطباء لهذه مسألة، إذ أشارت الكلية الأميركية لأطباء التوليد وأمراض النساء، إلى أنه إجراء غير صالح طبياً.

وقالت طبيبة أمراض النساء جينيفر غنتر والتي تكتب عن قضايا صحة المرأة، إن “أي شخص يؤيد فكرة أن العذرية لها أي علاقة بيولوجية، فهو مخطئ وعليه أن يدرك ذلك”. وأشار الأطباء إلى أنه يمكن أن تنتج عن فحوصات العذرية عواقب نفسية مدمرة للفتيات والنساء.

وقالت عدة وكالات تابعة لمنظمة الأمم المتحدة، في بيان يدعو إلى وضع حدٍ لهذه الممارسة، إنه يمكن أن تسبب فحوصات العذرية الشعور بالذنب، والاشمئزاز من الذات، والاكتئاب، والقلق، بالإضافة إلى صورة جسدية سلبية. وفي الكثير من الحالات، تُنفّذ تلك الممارسة بناءً على طلب أحد أفراد الأسرة، أو الأزواج، وغالباً دون موافقة الفتاة أو المرأة.

وبما أنه لا يوجد أي فحص مماثل للرجال، فإن فحوصات العذرية تعني أن ممارسة الجنس قبل الزواج غير مقبولة للنساء فقط.

ويشير الأطباء إلى أن فحوصات العذرية تخلف في بعض الأحيان عواقب بدنية، حيث يمكن أن تدفع الفحوصات النساء إلى تصرفات محفوفة بالمخاطر من أجل الحفاظ على عذريتهن، مما قد يؤدي إلى حالات العدوى المنقولة عن طريق الاتصال الجنسي. بدورها أدانت المنظمات الدولية اختبارات العذرية باعتبارها تمييزية ومهينة بحق النساء والفتيات، معتبرة إياها شكلا من أشكال التعذيب والمعاملة اللاإنسانية للنساء.

وقالت ليسل غيرنتهولتز مديرة قسم حقوق المرأة بمنظمة “هيومن رايتس ووتش” إن “وجهة النظر الطبية المقبولة على نطاق واسع تقرّ بأن اختبارات العذرية لا قيمة لها”، كما أن فحص العذرية في غير حالات الاعتداءات الجنسية والاغتصاب أو الحوادث والعمليات الجراحية في منطقة الأعضاء التناسلية، هو أمر مخالف لأخلاقيات مهنة الطب.

وأضافت أنه كون أي إجراء طبي يستوجب وجود داع صحي يبرّره، فطلب الخاطب إثبات عفّة خطيبته، أو طلب الأنثى إثبات عدم خوضها تجارب جنسية من خلال هذا الفحص ليس له داع من الناحية الطبية.

ويجري الفحص عادة عن طريق مشاهدة غشاء البكارة بالعين المجردة، وأضاف بعضهم اجتهادا باستعمال اليد لمعرفة ارتخاء عضلات المهبل وهذا ادّعاء غير صحيح من الناحية الطبية ويعكس رغبة بإلحاق إهانة إضافية بالمرأة. وبما أن مشاهدة غشاء البكارة سليما لا ينفي حدوث أشكال مختلفة من العلاقات الجنسية؛ هذا بالإضافة إلى إمكانية إجراء عمليات ترميم وترقيع لهذا الغشاء، وإمكانية تعرض غشاء البكارة لتمزقات عرضية لا علاقة لها بإقامة تجربة جنسية، وتنتفي بذلك “الفائدة المرجوة” من إجراء هذا الفحص.

20