إيقاف أكبر عملية إخلاء للفلسطينيين منذ عقود يحتاج إلى ضغوط دولية

الجيش الإسرائيلي ينتهك اتفاقية جنيف ويسعى إلى طرد فلسطينيين معوزين من ثماني قرى فلسطينية.
السبت 2022/06/18
القرى تواجه خطر أكبر عملية طرد للفلسطينيين

بن لينفيلد

الضفة الغربية (فلسطين) - يواجه حوالي ألف ومئتي رجل وامرأة وطفل فلسطيني يعيشون في زاوية نائية في الضفة الغربية الطرد من قبل الجيش الإسرائيلي في أي لحظة.

وإذا تم تنفيذ المخطط، فإن إخلاء ثماني قرى فلسطينية والتي يعتمد سكانها على الرعي في منطقة مسافر يطا سيكون أكبر عملية طرد للفلسطينيين منذ احتلال إسرائيل للضفة الغربية في عام 1967.

ويقول محامو حقوق الإنسان الإسرائيليون إن ذلك سيمثل انتهاكا خطيرا لاتفاقية جنيف الرابعة.

إلى أين سيذهبون بالضبط؟ لا يبدو أن هذا السؤال يقض مضجع وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس.

وفي اجتماع طارئ لحوالي 100 شخص في باحة مدرسة الفخيت، تحدثت إلى القرويين الذين يكسبون سبل عيشهم من خلال رعي الأغنام والزراعة القاسية.

وهناك أمر هدم إسرائيلي للمدرسة وفي المرة القادمة التي أزور فيها الفاخيت، قد تختفي المدرسة والقرية والفلسطينيون جميعا.

طرد الفلسطينيين لن يؤدي إلا إلى تفاقم التوترات في المنطقة، ويجب أن يعارضه حلفاء إسرائيل القدامى والجدد

ويعكس مأزق قرية الفاخيت حقيقة أنه منذ توقيع إسرائيل على اتفاقيات في عام 2020 مع العديد من الدول العربية لتطبيع العلاقات، فإن السياسة الإسرائيلية تجاه السكان المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية أصبحت أكثر قسوة من نواح عديدة.

واعتبر الكثيرون أن التطبيع خطوة تاريخية نحو شرق أوسط أكثر سلما، وربما أعطت إسرائيل الشعور بالأمان بصورة أكبر في المنطقة، لكنها لم تؤد إلى اعتدال في السياسات القومية المتطرفة لحكومة رئيس الوزراء نفتالي بينيت أو خففت من الأعمال القاسية تجاه الفلسطينيين.

ويبدو أن إسرائيل تشعر بحرية أكبر حول سرقة الأراضي وغيرها من الانتهاكات التي تشكل جزءا لا يتجزأ من ضمها الفعلي للضفة الغربية.

إن تهجير الفلسطينيين المعوزين في مسافر يطا لتمكين تطوير منطقة تدريب للجيش سيمهد الطريق لما يتوقعه الخبير الإسرائيلي البارز في الضفة الغربية درور إتكس وهو نقل تلك الأرضي إلى المستوطنين اليهود.

وقد يشكل الطرد أو الزيادة في القمع هنا سابقة لعمليات إخلاء أخرى عبر أراضي الضفة الغربية، التي يقول المجتمع الدولي إنه يعتبرها قلب الدولة الفلسطينية المستقبلية.

وهدمت الجرافات الإسرائيلية منازل خمس عائلات من القرية وأربع أخرى في قرية المركز المجاورة، مما أجبر العائلات على النوم في الخيام والكهوف.

وقال محمد حمامرة، وهو راعي أغنام من قرية مفجرة الصغيرة إن الحكومة الإسرائيلية والمستوطنين “يريدون الأرض من دون الناس”.

وقال حمامرة إن والده وجده ولدا في قرية مفجرة وقبل ذلك جاءت عائلته من تواني المجاورة، وجاء الاحتلال الإسرائيلي إلى المنطقة فقط في عام 1967، وبعدها وصل المستوطنون في انتهاك للقانون الدولي، وفي السنوات الأخيرة انخرطوا مرارا وتكرارا في أعمال عنف ضد الفلسطينيين وحتى ضد النشطاء الإسرائيليين اليساريين الذين يحاولون حمايتهم.

وأصيب محمد حفيد حمامرة البالغ من العمر أربع سنوات في رأسه بحجر رشقه مستوطن خلال اضطرابات في شهر سبتمبر، وقد أصيب هو نفسه في ذراعه ودمر المستوطنون المنازل في القرية.

وأنهت المحكمة العليا في الرابع من مايو عمل المستوطنين، متجاهلة الأدلة القاطعة على عكس ذلك، وقضت المحكمة أن الحمامرة والقرويين هم فقط متجولون موسميون وليسوا مقيمين، وليست لهم أي صلة بأرضهم ويمكن طردهم، وابتهج زعماء المستوطنين، مدركين أنهم سيكونون المستفيدين.

إخلاء ثماني قرى فلسطينية يعتمد سكانها على الرعي في منطقة مسافر يطا سيكون أكبر عملية طرد للفلسطينيين منذ احتلال إسرائيل للضفة الغربية

وسيكون من الخطأ اعتبار هذه الإساءة للسكان الأصليين العزّل والذي لا يمارسون أي نوع من أنواع العنف من قبل إسرائيل مجرد مشكلة محلية، فهي ليست كذلك.

ونشهد تعميق الاحتلال الإسرائيلي في جميع أنحاء الضفة الغربية، مع زيادة في هدم المنازل، وعنف المستوطنين، والاستيلاء على الأراضي، وبناء المستوطنات غير القانونية، وممارسة الضغوط على الفلسطينيين للانتقال، واستخدام القوة المفرطة من قبل الجيش.

ومن المؤكد أن المشكلة ليست كلها من جانب واحد، حيث شن المهاجمون الفلسطينيون مؤخرا سلسلة من الهجمات على أهداف مدنية داخل إسرائيل، مما هز هيكل الدولة شديد الترابط.

لكن ما يجري ليس ردا على العنف الفلسطيني، بل هو “سرقة مؤسسية” للأرض الفلسطينية، كما يسميها إتكيس ويقوض ذلك التزام الدول العربية حول قيام دولة فلسطينية مستقلة.

وأثارت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة مخاوف بشأن عمليات الإخلاء، لكن هناك حاجة إلى استجابة منسقة أقوى للضغط على إسرائيل لوقف عمليات الإخلاء.

ومن ضمن الأسباب التي جعلت إسرائيل تصعد من انتهاكاتها هو ميل المجتمع الإسرائيلي إلى اليمين السياسي، وتحول الجيش الإسرائيلي إلى ذراع إنفاذ للمستوطنين اليهود، ورضوخ إدارة الرئيس جو بايدن، وربما الانشغال بالحرب في أوكرانيا.

وقد تبدو الضفة الغربية بعيدة ودون صلة مباشرة بالمعادلة الاستراتيجية الشاملة في المنطقة، إلا أنها منطقة محتلة وليست شأنا إسرائيليا داخليا. إن الطرد الوحشي للفلسطينيين من أراضيهم لن يؤدي إلا إلى تفاقم التوترات في المنطقة، ويجب أن يعارضه حلفاء إسرائيل القدامى والجدد، بصورة هادفة.

7