إيطاليا تبحث عن استعادة نفوذها غرب ليبيا بعد التدخل التركي

زيارة قائد الجيش الإيطالي تأتي بهدف حماية المصالح الإيطالية في خضم تصاعد العنف في ليبيا وتنامي الدور التركي الذي بات اللاعب الأبرز في الصراع.
الخميس 2022/09/22
ليبيا ساحة نفوذ دولي

طرابلس – تسعى إيطاليا للعودة بقوة على الساحة الليبية وخاصة في مناطق الغرب الليبي للحفاظ على مصالحها في مواجهة تصاعد النفوذ التركي، وكذلك في خضم حالة عدم الاستقرار التي تشهدها بعض المدن وفي مقدمتها العاصمة طرابلس بسبب سطوة الميليشيات والتصعيد العسكري بين حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبدالحميد الدبيبة وحكومة فتحي باشاغا المدعومة من مجلس النواب.

وكشفت وكالة “نوفا” الإيطالية وفق مصادر وصفتها بالمطلعة أن قائد الجيش الإيطالي بدأ زيارة الثلاثاء إلى مدينتي طرابلس ومصراتة، مشيرة إلى أن “أجواء الاجتماعات مع عدد من المسؤولين في مصراتة كانت جيدة حيث تم الاتفاق على إعادة تشكيل التعاون”.

وتعتبر زيارة قائد الجيش الإيطالي إلى ليبيا الثانية من نوعها خلال أشهر قليلة حيث أجرى في السادس عشر من يونيو الماضي زيارة التقى خلالها سفير إيطاليا في ليبيا جوزيبي بوتشينو وقائد البعثة الإيطالية الثنائية للمساعدة والدعم في ليبيا الأدميرال بلاتشيدو توريسي.

السفير الإيطالي في ليبيا ينشط بشكل مكثف في الآونة الأخيرة حيث أجرى لقاءات مطولة مع عدد من السياسيين والمسؤولين

وشدد الجانب الإيطالي حينها على تقديم المساعدات الطبية للمدنيين في فترة الاشتباكات الدموية التي شهدتها العاصمة بين المجموعات المسلحة المتصارعة وفق الاحتياجات من قبل حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دوليا.

ويرى مراقبون أن زيارة قائد الجيش الإيطالي تأتي بهدف حماية المصالح الإيطالية في خضم تصاعد العنف في ليبيا وتنامي الدور التركي الذي بات اللاعب الأبرز في الصراع حيث توجهت القيادات المعنية بالخلاف على غرار الدبيبة وباشاغا وكذلك رئيس مجلس النواب عقيلة صالح إلى أنقرة لكسب ود الأتراك والحصول على دعمهم.

وتمتلك تركيا العديد من أوراق الضغط التي لا تمتلكها إيطاليا على غرار وجود مرتزقة، إضافة إلى عدد من الاتفاقيات، ناهيك عن ربط علاقات مع فصائل مسلحة.

وتأتي زيارة قائد الجيش الإيطالي بالتزامن مع قرار مجلس الشيوخ الإيطالي بمنح المخابرات الإيطالية حرية تنفيذ مهام سرية بالخارج وفق ما أعلنته صحيفة “إل ميساجيرو” الإيطالية وهو ما مثل ضوءا أخضر أمام قيام القوات الإيطالية بعمليات في ليبيا للحفاظ على مصالحها واستثماراتها خاصة في مجال الطاقة.

ويعتبر الإيطاليون أن ليبيا المستعمرة السابقة مجال نفوذ طبيعي لروما حيت تسعى الحكومة الإيطالية لأن يكون لها الصوت الأعلى في ما يجري في ليبيا باعتبار هذه الأخيرة نطاقا حيويا لمصالح روما الأمنية والاقتصادية، ومجابهة تهديدات الإرهاب والهجرة وعدم ترك المجال مفتوحا لأنقرة لتحقيق أطماعها الاقتصادية.

زيارة قائد الجيش الإيطالي تأتي بالتزامن مع قرار مجلس الشيوخ بمنح المخابرات حرية تنفيذ مهام سرية بالخارج

وأجرى المسؤولون السياسيون الإيطاليون زيارات إلى ليبيا خلال الفترة الماضية لدعم جهود حل الخلافات بين مختلف القوى المتصارعة والعمل على التسريع في إجراء الانتخابات ودعم الجهود الأممية والأوروبية على هذا الأساس.

ونشط السفير الإيطالي في ليبيا بشكل مكثف في الآونة الأخيرة حيث شارك مؤخرا في اجتماع حول مشروع مطار طرابلس برئاسة الدبيبة، كما أجرى لقاءات مطولة مع عدد من السياسيين والمسؤولين على غرار رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي.

وتسعى إيطاليا للحفاظ على نفوذها واستثماراتها الهامة في ليبيا، بل وتعمل على تعزيزها في ظل مخاوف من أزمة طاقة ستشهدها أوروبا مع اقتراب فصل الشتاء وبسبب توقف الإمدادات الروسية بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا.

وفي مايو الماضي أعلنت شركة إيني النفطية الإيطالية إمكانية تطوير حقول نفط وغاز مكتشفة وأخرى غير مطورة في ليبيا.

وفي فبراير الماضي وقعت المؤسسة الوطنية للنفط مذكرة تفاهم مع شركة “إيني”، لاستكشاف وإنتاج النفط والغاز في إطار سعي إيطاليا للبحث عن بدائل للطاقة الروسية.

ومثل قرار الجيش الوطني الليبي رفع القوة القاهرة عن الحقول والموانئ النفطية في يوليو الماضي فرصة أمام إيطاليا وشركة “إيني” لتنشيط استثماراتها مع ارتفاع إنتاج ليبيا من النفط، لكن يبقى عدم الاستقرار والصراع بين الميليشيات في طرابلس والمنطقة الغربية مهددا للمصالح الإيطالية.

4