إيران تنقذ نتنياهو وتسمح للعالم بالتعاطف مع إسرائيل من جديد

نتنياهو بحاجة إلى هذا الهجوم لإنقاذ نفسه ويأمل أن تهدأ الدعوات المطالبة بإقالته في ظل التهديدات الجديدة.
الأربعاء 2024/04/17
جرعة دعم

القدس – شنت إيران، على مدى نحو خمس ساعات، ليلة السبت – الأحد هجومًا كبيرًا جدًا وغير مسبوق على إسرائيل، قائلة إنه جاء ردًا على الهجوم الإسرائيلي على البعثة الدبلوماسية لطهران في سوريا والذي قُتل فيه مسؤول إيراني كبير.

ويتكون الهجوم من أكثر من 350 قذيفة، بما في ذلك حوالي 170 طائرة دون طيار وأكثر من 120 صاروخًا باليستيًا. ووصل بعضها إلى أهدافه في إسرائيل بما في ذلك مطار نيفاتيم العسكري الإسرائيلي.

وجاء في بيان للجيش الإسرائيلي “جنبًا إلى جنب مع تحالف دفاعي من الشركاء الدوليين، حققنا اعتراضًا ناجحًا لـ99 في المئة من التهديدات الجوية التي أطلقتها إيران”.

وتعليقا على الهجوم حذرت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة من أنها سترد بإجراءات “أقوى وأكثر حزما” إذا قامت إسرائيل بالانتقام بعد الضربات.

لكن السؤال الذي يفرض نفسه في هذا السياق هو: لماذا حدث ذلك في حين تتعرض إيران ووكلاؤها لهجمات إسرائيلية قاتلة على الأراضي الإيرانية وخارجها؟

ويقول الصحافي معتصم دلول في تقرير نشره موقع مونيتور الشرق الأوسط “إن الولايات المتحدة وإسرائيل كانتا في حاجة ماسة إلى هذا الهجوم”. ويضيف دلول أن إسرائيل وإيران يشبهان الشقيقين اللذين تراقبهما ولية أمرهما الولايات المتحدة وهما يتشاجران، ولا تتدخل إلا من أجل منع أحدهما من تشكيل تهديد وجودي للآخر.

فف

وعلى مدى الأسابيع وحتى الأشهر القليلة الماضية تعرضت الولايات المتحدة لانتقادات إقليمية ودولية بسبب دعمها المطلق للإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة.

وقد أصبح ذلك أكبر من أن تتحمله، وجعلها بحاجة إلى ذريعة متجددة لتبرير دعمها لإسرائيل، في حين كانت إسرائيل بحاجة إلى هذا الهجوم للتغطية على حربها في غزة، ولصرف انتباه العالم عن الإبادة الجماعية المستمرة، ولتذكير العرب بأن إسرائيل ليست عدوهم، وتوجيه أصابع الاتهام إلى إيران. وبهذه الطريقة، تأمل تل أبيب في استعادة التعاطف الدولي وضمان استمرار مبيعات الأسلحة من الغرب.

وعلى المستوى الشخصي كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بحاجة إلى هذا الهجوم لإنقاذ نفسه بعد أن تضاءلت شعبيته نتيجة تعامله مع الحرب على غزة. ويأمل أن تهدأ الدعوات المطالبة بإقالته في ظل “التهديدات” الجديدة التي تواجهها إسرائيل.

وفي أعقاب الهجوم الإيراني أكد الرئيس الأميركي جو بايدن، في مكالمة هاتفية مع نتنياهو، على “التزام الولايات المتحدة الصارم بأمن إسرائيل”.

وقال في بيان أصدره البيت الأبيض “لدعم الدفاع عن إسرائيل، قام الجيش الأميركي بنقل طائرات ومدمرات للدفاع الصاروخي الباليستي إلى المنطقة على مدار الأسبوع الماضي”.

وأضاف البيان “بفضل عمليات النشر هذه والمهارة غير العادية لجنودنا، ساعدنا إسرائيل على إسقاط جميع الطائرات دون طيار والصواريخ القادمة تقريبًا”.

كما أكدت بريطانيا دعمها الكامل لإسرائيل، مؤكدة استعدادها للتدخل باستخدام طائرات سلاح الجو الملكي المتمركزة في المنطقة. وجاء في بيان لوزارة الدفاع “هذه الطائرات البريطانية ستعترض أي هجمات محمولة جوا في نطاق مهامنا الحالية، كما هو مطلوب”.

ثث

وحتى فرنسا، التي قالت إنها ستقدم اقتراحا لوقف إطلاق النار إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، شاركت بنشاط.

وجاء في بيان للخارجية الإسرائيلية “نحن نعمل بشكل وثيق مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا التي تحركت الليلة (ليلة السبت – الأحد)”. وقال متحدث عسكري إسرائيلي “هذه الشراكة كانت دائما وثيقة، لكنها تجلت الليلة بطريقة غير عادية”.

وفي الأثناء تعرضت إيران لانتقادات جدية بسبب صمت جيشها ووكلائها على الإبادة الجماعية الإسرائيلية غير المسبوقة في فلسطين، ومع ذلك ظلت تدعي أنها الداعم الوحيد للفلسطينيين ومقاومتهم.

وكانت طهران بحاجة إلى هذا الهجوم المدروس من أجل إثبات عدائها لإسرائيل ودعمها للمقاومة الفلسطينية. لكن هذا الدعم جاء بعد فوات الأوان؛ بعد 190 يومًا من بدء إسرائيل الحرب في غزة.

ويُزعم أن هجومها الضخم كان يهدف إلى تدمير إسرائيل، لكنه جاء مصحوبًا بضجة وتحذيرات وإنذار مسبق. وأعلنت إسرائيل أن الطائرات دون طيار قد تم إطلاقها وأن وصولها إلى حدودها سيستغرق ساعتين. وفي النهاية أصيبت امرأة عربية إسرائيلية واحدة فقط، وحصلت إيران على الدعم لنفسها، وأنقذت نتنياهو، وألهت العالم عن تغطية الإبادة الجماعية في غزة، وبررت الدعم الأميركي والغربي لإسرائيل، وأحيت التعاطف العالمي مع الدولة العبرية.

وفي موازاة ذلك سيستمر ذبح الفلسطينيين في غزة والاعتداء عليهم في الضفة الغربية المحتلة، بينما ينشغل العالم بتغطية “الهجمة الكبيرة” وتحليل عواقبها!

6