إيران تنفي حصول لقاء بين ماسك وسفيرها في الأمم المتحدة

طهران – نفت إيران بصورة "قاطعة"، السبت، حصول أي لقاء بين رجل الأعمال الأميركي إيلون ماسك وسفيرها لدى الأمم المتحدة، معربة عن "استغرابها" لنقل وسائل إعلام هذا الخبر، بحسب ما نقلت وكالة إرنا عن المتحدث باسم الخارجية إسماعيل بقائي.
وفي وقت سابق، صرّح أحد أعضاء البعثة الدائمة لإيران لدى الأمم المتحدة في نيويورك، ردا على سؤال لوكالة "تاس" الروسية بشأن هذا اللقاء، قائلا "ليس لدينا تعليق على هذا الموضوع".
ونقلت وكالة "أسوشيتد برس" عن مسؤول أميركي، أن اللقاء الذي جمع بين ماسك، وسفير طهران لدى الأمم المتحدة، سعيد إيرواني، تم بناء على طلب من إيران، وهو ما يتناقض مع تقرير سابق نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، التي أفادت بأن المبادرة جاءت من جانب مستشار ترامب.
ووفقا للتقرير الذي استند إلى تصريحات المسؤول الأميركي طلب عدم الكشف عن هويته، فإن الاجتماع عُقد الاثنين، حيث تناول الطرفان عدة قضايا، منها البرنامج النووي الإيراني، ودعم طهران للجماعات المناهضة لإسرائيل في الشرق الأوسط، وآفاق تحسين العلاقات بين إيران والولايات المتحدة. ومع ذلك، لم يتم اتخاذ أي قرارات فورية خلال اللقاء.
وأضاف المسؤول أن الإيرانيين سعوا لعقد اجتماع مع ماسك أغنى رجل في العالم ولم يتم ذلك في البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة.
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، قد ذكرت، الخميس، نقلا عن مصدرين إيرانيين رفضا الكشف عن هويتيهما، أن ماسك التقى إيرواني، يوم 11 نوفمبر الجاري، لبحث سبل تخفيف التوتر بين واشنطن وطهران.
وقالت الصحيفة أيضا إن ماسك، الذي عينه ترامب، في إدارته المقبلة، "طلب الاجتماع مع إيرفاني"، ووصفه المسؤولون الإيرانيون بأنه "إيجابي" وبمثابة "أخبار جيدة".
وذكرت الصحيفة أن الرجلين التقيا لأكثر من ساعة في مكان سري الاثنين.
من جانبها، ذكرت قناة "سي بي إس" الأميركية، أن ماسك التقى سفير إيران لدى الأمم المتحدة قبل يوم واحد من تعيينه رئيسا مشتركا لقسم خفض التكاليف الجديد في إدارة ترامب.
وردا على تلك التقارير، رفض أحد ممثلي البعثة الإيرانية الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك التعليق على اللقاء. أما مدير الاتصالات في حملة ترامب، ستيفن تشونغ، فقال "لا نعلق على تقارير الاجتماعات الخاصة التي قد تكون حدثت أو لم تحدث".
وفي السياق نفسه، لم يقدم ماسك أي إجابة عن أسئلة الصحيفة بشأن اللقاء.
وفي حال تأكيد الخبر، فإنه يبعث إشارة مبكرة إلى أن ترامب جاد بشأن إجراء حوار مع إيران وعدم الركون إلى النهج الأكثر تشددا الذي يفضله العديد من المحافظين في حزبه الجمهوري وكذلك إسرائيل.
وانقسم الإعلام الإيراني، السبت، حول لقاء لم تؤكده طهران بين اعتباره "خطوة إيجابية" أو "خيانة"، مع الدعوة إلى عدم المبالغة في قراءة أبعاده.
وكتبت صحيفة "جمهوري إسلامي" اليومية "على الرغم من أن هذا النبأ وهذه المحادثة غير رسميين، إلا أنه يمكن اعتبارهما بداية مسار جديد في السياسة الخارجية لبلادنا"، لم تذكر الصحيفة اسم إيلون ماسك في مقالها، مكتفية بالإشارة إلى "شخص معروف ومؤثر ومقرب من دونالد ترامب".
لكن صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد الإيراني علي خامنئي، تساءلت إن كان "اللقاء السري مع ممثل ترامب، سذاجة أم خيانة؟!"، وانتقدت اللقاء، واعتبرته خارجا عن نطاق صلاحيات حكومة الرئيس مسعود بزشكيان.
وتناولت صحيفة "صبح نو"، المقربة من رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، الموضوع من زاوية إيجابية، مشيدة بالدور الذي يمكن أن يلعبه "ماسك" في القضايا العالقة بين إيران والولايات المتحدة.
وأشارت الصحيفة إلى العلاقات الوثيقة بين ماسك وترامب، واعتبرته شخصية ذات نفوذ في الإدارة الجديدة، ما يجعله قادرا على لعب دور الوسيط بين البلدين، دون الحاجة إلى الانخراط في القنوات الدبلوماسية الرسمية.
كما أبرزت الصحيفة ميزات نهج ترامب في السياسة الخارجية، معتبرة أنه يعتمد على تكتيكات غير تقليدية، تشمل استخدام شخصيات غير دبلوماسية لحل القضايا المعقدة، واصفةً اختيار ماسك كمندوب غير رسمي بأنه جزء من هذه الاستراتيجية غير التقليدية.
والعلاقات الدبلوماسية مقطوعة بين الولايات المتحدة وإيران منذ عام 1980، بعد وقت قصير من الثورة الإسلامية التي أطاحت بسلالة بهلوي التي دعمتها واشنطن.
واتبع ترامب خلال ولايته الأولى (2017-2021) سياسة ممارسة "ضغوط قصوى" على إيران وأعاد فرض عقوبات شديدة عليها أبقتها إدارة خلفه جو بايدن.
وأرسلت إيران إلى ترامب إشارة انفتاح بدعوته مطلع نوفمبر إلى اعتماد سياسة جديدة حيالها، فيما اتهمت واشنطن طهران بالتورط في مخطط لاغتياله.
من جانبها كتبت صحيفة "هام ميان" الإصلاحية "إن خبر اللقاء بين ماسك وإيرواني يظهر أن المسار (الدبلوماسي) ليس في اتجاه واحد وأن الفريق الدبلوماسي الإيراني يسير على الطريق الصحيح".
وأضافت أن "كثيرين يعتبرون ماسك رجل الظل" لترامب، وله "تأثير خاص جداً" عليه.
ورأت صحيفة الشرق الإصلاحية أن اللقاء، في حال تأكيده، سيشكل "خطوة إيجابية"، لكنها دعت "إلى عدم المبالغة في تقدير أهميته".
ويظهر هذا مجددا النفوذ الاستثنائي لمالك شركة تسلا ومنصة إكس، بحضوره الدائم إلى جانب ترامب ومشاركته بالمكالمات الهاتفية للرئيس المنتخب مع زعماء العالم.
وفي ولايته الأخيرة، انسحب ترامب من الاتفاق النووي مع إيران الذي أبرم خلال عهد سلفه باراك أوباما، وسعى بدلا من ذلك إلى اتباع سياسة "الضغوط القصوى" على طهران التي شملت إجبار الدول على عدم شراء النفط الإيراني.
لكن ترامب يقدم نفسه باعتباره رجل الصفقات، وخلال حملته الأخيرة أعرب عن انفتاحه على الدبلوماسية رغم دعمه المعلن لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي أمر بشن ضربات عسكرية على إيران تزامنا مع حرب إسرائيل على حماس.
وأعربت إيران الخميس عن رغبتها في إزالة "الغموض والشكوك" بشأن برنامجها النووي، مع تأكيدها أنها لن تفاوض تحت "الضغط والترهيب"، وذلك خلال استضافتها المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي، الذي رأى أن "العمل المشترك" مع طهران "يبعدنا عن الحرب".