إيران ترعى اجتماعا لحماس والجهاد الإسلامي لتهدئة الخلافات

غزة - عقدت حركتا حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتان الاثنين، اجتماعا مشتركا في مدينة غزة، لأول مرة منذ جولة التوتر الأخيرة مع إسرائيل في قطاع غزة قبل نحو ثلاثة أسابيع، حيث وصفه البعض بـ"لقاء المصالحة"، بينما أكدت تقارير أنه جاء بطلب وضغط إيرانيين، لتهدئة الموقف بين الحركتين ولمنع الانزلاق إلى مواجهة أوسع بينهما.
ودبت خلافات حادة بين الحركتين على خلفية امتناع حماس وجناحها العسكري عن المشاركة في جولة التصعيد الأخيرة في قطاع غزة، والتي استهدفت إسرائيل خلالها حركة الجهاد الإسلامي.
واختارت حماس، الطرف الفاعل البارز عادة في النزاع الذي طال أمده، عدم توجيه أي صاروخ تجاه إسرائيل، واكتفت بالدعوة إلى وقف العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، وذلك لتقيدها حاليا بسياسة إسرائيلية تقدم منافع اقتصادية مباشرة لسكان القطاع من دون المرور بالحركة.
كما أن حماس تشعر بالقلق من التنافس بينها وبين حركة الجهاد على كسب الود الإيراني، وهي تريد أن تحصل على هذا الدعم لتقوية نفسها وتنويع أوراق المناورة لديها، وتريد أن تحصل عليه لوحدها بصفتها الحاكم الفعلي في القطاع، ولا يمكن أن تقبل بأيّ منافسة من أيّ جهة أخرى.
وهذه ليست المرة الأولى التي تترك فيها حماس حركة الجهاد في مواجهة مع إسرائيل، وهو تكتيك نجحت إسرائيل في فرضه على قطاع غزة مرتين، الأولى عام 2019 عندما قتلت إسرائيل القائد في سرايا القدس بهاء أبوالعطا، وقالت إنها تستهدف الجهاد فقط، والثانية خلال الجولة الأخيرة من التصعيد الإسرائيلي ضد قطاع غزة.
وأصدرت حركتا المقاومة الإسلامية: حماس والجهاد الإسلامي بيانا عقب اجتماع (لم يُحدد مكانه) أكدتا فيه تعزيز العمل المشترك بينهما، وحذرتا إسرائيل من عواقب "أي غدر" تجاه الشعب الفلسطيني و"المقاومة".
وقال البيان المشترك إن "اجتماعا قياديا عالي المستوى عُقد ظهر اليوم (الاثنين)، شارك فيه قادة سياسيون وعسكريون وأمنيون من الحركتين".
وأكد الطرفان أن "المقاومة خيارنا الإستراتيجي، لا تراجع عنه ولا تردد فيه، وهي مستمرة وبتنسيق عال ومتقدم بين الحركتين والفصائل كافة".
وأضافا "نحذر العدو (إسرائيل) من أي غدر تجاه شعبنا ومقاومته الباسلة، وسيكون ردنا عليه حازما وحاسما وموحدا".
وناقشت الحركتان "سبل تطوير مشروع المقاومة الذي تتبناه وتتصدره الحركتان، إضافة إلى كل فصائلنا الوطنية، وآليات تعزيز حاضنته الشعبية والوطنية بما يمهد الطريق نحو ثورة شعبية شاملة تخوض المواجهة مع الاحتلال في كل شبر من أرض فلسطين"، وفق البيان.
واتفق الطرفان على "تعزيز أوجه العمل المشترك وتفعيل اللجان المشتركة بين الحركتين في المـستويات السياسية والعسكرية والأمنية".
وشددا على "حرصهما على إنجاز الوحدة الوطنية الفلسطينية من خلال تشكيل مجلس وطني فلسطيني جديد يمثل شعبنا كاملا في الداخل والخارج".
وأفادا بأنه "لتحقيق هذه الغاية ستواصل الحركتان جهودهما المشتركة لتشكيل تكتل وطني يوحد الجهود المبذولة على هذا الصعيد".
وقال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أحمد المدلل في حديث لإذاعة صوت الأقصى إن "اللقاء بين حركتي حماس والجهاد جاء في سياق اللقاءات الطبيعية المستمرة بين إخوة الدم والميدان".
وأضاف "لا يمكن أن نعطي لأعدائنا فرصة بأن يصنعوا أي تفرقة بين مقاومتنا".
وجاء هذا الاجتماع بعد تقارير عدة أكدت انسحاب الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي من "غرفة العمليات المشتركة" التي تضم فصائل مسلحة في قطاع غزة، من بينها حركة حماس التي تسيطر على القطاع، إضافة إلى فصائل أخرى صغيرة.
كما جاء بعد وصول الاحتقان بين الحركتين إلى مستويات كبيرة، خاصة بعد اعتقال أجهزة أمن حماس مجموعة مسلحة من حركة الجهاد الإسلامي كانت تنوي مهاجمة الجيش الإسرائيلي، قبل أيام.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر، لم تسمها، قولها إن هذا الاجتماع جاء بطلب وضغط إيرانيين لتهدئة الموقف بين الحركتين ولمنع الانزلاق إلى مواجهة أوسع بينهما، في ظل الغضب الكبير في صفوف القاعدة الشعبية للحركتين.
وأشارت المصادر إلى أن حركة حماس هي من بادرت بالدعوة إلى عقد الاجتماع، لافتة إلى أن اجتماعا آخر سيعقد في العاصمة الإيرانية طهران بين رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، والأمين العام للجهاد الإسلامي زياد النخالة الذي يتواجد في طهران.
وكان القائد العام للحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، قال في وقت سابق إن "الحرب الإسرائيلية الأخيرة في قطاع غزة كانت مؤامرة للاستفراد بفصيل دون آخر، ومن ثم الانتقال إلى مواجهة باقي الفصائل ومنع المقاومة من تكوين جبهة موحدة".
وقال تحليل نشرته صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية إن "إيران تدرك أنه من المهم أن تظل الجماعات الفلسطينية موحدة، حيث تحاول إيران استخدام الجهاد الإسلامي، وهي مجموعة صغيرة نسبيا، كوكيل إيراني، لإظهار أن إيران يمكن أن تهدد إسرائيل".
وكان 49 فلسطينيا قتلوا وأصيب عشرات آخرون في موجة توتر بين إسرائيل وحركة الجهاد في قطاع غزة، بدأت في الخامس من الشهر الجاري واستمرت ثلاثة أيام، قبل أن تنتهي بإعلان اتفاق لوقف إطلاق النار بوساطة مصرية.
وتوسطت مصر في إعلان اتفاق لوقف إطلاق النار لإنهاء جولة التوتر التي وصفت بأنها الأشد منذ مايو 2021، إثر قتال عسكري عنيف بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل استمر 11 يوما وخلف مقتل أكثر من 255 فلسطينيا و13 في إسرائيل.