إيران تتبع شعار لا حرب ولا مفاوضات مع إدارة ترامب

طهران - تحاول إيران التهدئة في مواجهة التصعيد السريع للتوترات في الخليج مع الولايات المتحدة، مع حفاظها على لهجة حازمة ضدّ واشنطن، بيد أن هذه المعادلة صعبة التحقيق بالنسبة إلى الجمهورية الإسلامية.
وأعلن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي الثلاثاء أن “المواجهة” الحالية مع الولايات المتحدة “ليست عسكرية لأنه لن تندلع أي حرب. لا نحن ولا هم يسعون إلى حرب. هم يعرفون أنها ليست في مصلحتهم”، مكررا رفضه التفاوض “مع الإدارة الأميركية الحالية”. لكن، تصريحات خامنئي لم تمنع الرئيس الأميركي دونالد ترامب من القول إنه “واثق بأن إيران” سترغب في “التفاوض” قريبا.
ويرى الباحث في معهد واشنطن مهدي خلجي أنه في ضوء الصعوبات الاقتصادية والعزلة الدولية اللتين تعاني منهما إيران، تبدو بعض النخب المحافظة في إيران مستعدة لاستئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة، لاسيما إذا فاز الرئيس ترامب بولاية ثانية.
واعتاد المسؤولون الإيرانيون على إطلاق تصريحات اعتبرها الغرب مرارا استفزازية، لكنهم في الأيام الأخيرة يعمدون إلى درس خطابهم، حتى في أوساط الحرس الثوري الإيراني، الأمر الذي يفضح حالة الضعف الإيرانية، فيما يقول خبراء إنها استراتيجية يتبعها المرشد الأعلى لكسب الوقت، ولأنه يعلم أن قدرت بلاده العسكرية محدودة.
ويقول مهدي خلجي إن العامل الأساسي لإحراز أي تقدم مع النظام الحالي في إيران يكمن في فهم التناقض بين كلمات خامنئي وأفعاله. فتصريحاته مصمّمة لإظهار موقف ثوري متصلّب بشأن جميع الأمور الأساسية، إلاّ أنّ سجلّ سياسته يكشف النقاب عن روح حذرة غير انتحارية وغير محصّنة ضد مواطن الضعف الناجمة عن الضغوط الداخلية.
ويعتبر خلجي أن أفضل وقت لمعالجة المشاكل التي تواجهها الولايات المتحدة مع إيران بفعالية هو أثناء استمرار وجود القيادة الحالية.
يوضح كليمان تيرم، الباحث المختص بالشأن الإيراني في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، أن “السلطات الإيرانية تتبع شعار المرشد الأعلى ‘لا حرب ولا مفاوضات’ مع إدارة ترامب”.
لكنه يضيف أن “تصعيد الخطاب في الجانب” الإيراني يتعارض مع “الوسائل العسكرية المحدودة” للجمهورية الإسلامية. ويمكن لإيران أن تعتمد على عدد لا بأس به من العسكريين يصل عددهم إلى 475 ألف عنصر، يشمل الحرس الثوري والجيش الوطني أي القوة البرية للجيش الإيراني، بحسب المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.
لكن في المقابل، لا تملك القوة الجوية في الجيش الإيراني، الأساسية في أي نزاع مسلح، سوى أسطول متهالك ومدمّر نسبيا، وذلك يعود بشكل أساسي للحظر الدولي على بيع أسلحة لإيران.
وعلى خلفية التوترات الاقتصادية، إيران غير قادرة على رفع إنفاقها الدفاعي بدرجة كبيرة في سباق خاسر أصلا نظرا إلى قدرات الولايات المتحدة التي يفوق ناتجها المحلي الإجمالي مثيله الإيراني بـ47 مرة، بحسب صندوق النقد الدولي.
وفي الأسابيع الأخيرة، ازداد التوتر في العلاقات الإيرانية الأميركية، التي بدأت بالتدهور أصلا قبل عام بعد الانسحاب الأحادي الجانب لترامب من الاتفاق الدولي الخاص بالبرنامج النووي الإيراني الموقع في عام 2015. وأكدت إيران في 8 مايو تعليقها تنفيذ بعض التزاماتها بموجب هذا الاتفاق.
وفي اليوم نفسه، شددت واشنطن عقوباتها على الاقتصاد الإيراني قبل أن تعلن زيادة انتشارها العسكري في الشرق الأوسط على خلفية تهديدات “وشيكة” تستهدف مصالحها في المنطقة. ويلاحظ السياسي والمحلل الإيراني المحافظ أمير محبيان أن أسلوب ترامب “هو الضغط، وعدم المقاومة يؤدي ببساطة إلى ضغط أكبر” من جانبه.
في ابريل، أعلنت واشنطن إدراج الحرس الثوري الإيراني على “لائحة المنظمات الإرهابية الدولية”. وردت إيران بإعلانها اعتبار القوات الأميركية المنتشرة في القرن الأفريقي وآسيا الوسطى “مجموعات إرهابية”.
ويتحدّث كليمان تيرم عن “صعوبة تنفيذ تهديدات استهداف القوات العسكرية الأميركية في المنطقة” على خلفية أن ذلك “يمكن أن يهدد علاقات حسن الجوار مع الحكومة العراقية على سبيل المثال”، مضيفا أن “معارضة الرأي العام القوية في كلا البلدين للحرب هو العامل الأساسي في إبقاء سلام بارد” بين طهران وواشنطن.
ويؤكد “في إيران، الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) حاضرة دائما في الذاكرة الجماعية، كما أن إحدى ركائز(…) الجمهورية الإسلامية هي تأمين شيء من الاستقرار لسكانها، بالمقارنة مع الدول الضعيفة كأفغانستان والعراق”.