إيران اختبار لولاء جونسون للولايات المتحدة أم إلى أوروبا

اختيار رئيس الوزراء البريطاني الجديد إشراك بلاده في تحالف تقوده واشنطن يمكن أن يعززال فرص في إحياء الجهود المتوقفة للتوصل إلى اتفاق تجارة مع واشنطن لفترة ما بعد بريكست.
الجمعة 2019/07/26
الناقلات البريطانية في مرمى نيران الحرس الثوري

لندن- يشكل احتجاز إيران لناقلة النفط التي تحمل العلم البريطاني اختبارا لولاء رئيس الوزراء البريطاني الجديد بوريس جونسون، إذ أن عليه أن يختار بين المشاركة في تشكيل قوة تقودها أوروبا لمرافقة الناقلات في مياه الخليج، وبين الانضمام إلى تحالف تسعى الولايات المتحدة إلى تشكيله.

وسواء مال جونسون إلى هذا الخيار أو ذاك فإنه سيواجه أجندة معقدة تتضمن الخروج من الاتحاد الأوروبي وإبرام اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة. ويمكن كذلك أن يعني هذا الخيار استمرار أو نهاية الجهود الأوروبية للإبقاء على الاتفاق النووي الهادف إلى خفض تطلعات إيران النووية والذي انسحبت منه واشنطن العام الماضي.

ويرى عدد من المحللين الأميركيين أن هذه لحظة حاسمة بالنسبة لمصير السياسة الأوروبية تجاه إيران ككل. وكتبت صحيفة “وول ستريت جورنال” في مقالها الافتتاحي “يمكن أن يعلن جونسون وبكل بساطة أن بريطانيا ستنضم إلى حملة ممارسة أقصى الضغوط على إيران ويدعو إلى التوصل إلى اتفاق جديد معها”.

وأضافت “وبالتالي من المرجح ألا يبقى أمام باقي دول أوروبا إلا خيار الانضمام إلى الشريكين بريطانيا والولايات المتحدة لتشكيل جبهة موحدة في نهاية المطاف”. وانبثقت فكرة تشكيل قوة بقيادة أوروبية في مياه الخليج من اجتماع ترأسته رئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماي هذا الأسبوع.

إيان بوند: ربما يكسب ود ترامب بمرافقة القوات الأوروبية للسفن في الخليج
إيان بوند: ربما يكسب ود ترامب بمرافقة القوات الأوروبية للسفن في الخليج

واقترحت بريطانيا أن يشترك الشركاء الأوروبيون في تشكيل “قوة حماية بحرية” لضمان مرور السفن التجارية بسلام في مياه الخليج. ولكن مثل هذه القوة يمكن أن تكشف عن اعتماد بريطانيا المستمر على حلفائها في الاتحاد الأوروبي في الوقت الذي يسعى فيه جونسون إلى إخراج البلاد من الاتحاد الأوروبي بأية طريقة في 31 أكتوبر.

وخيار جونسون الآخر هو إشراك بريطانيا في تحالف تقوده الولايات المتحدة طرحته إدارة دونالد ترامب في اجتماع حلف شمال الأطلسي الشهر الماضي. وفي حال اختار جونسون التحالف الأميركي، يمكن أن يعزز ذلك فرص لندن في إحياء الجهود المتوقفة للتوصل إلى اتفاق تجارة مع الولايات المتحدة لفترة ما بعد بريكست.

ولكن ذلك يمكن أن يخلق خطرا على السفن العسكرية البريطانية إذ يمكن أن تصبح مضطرة إلى الالتزام بقواعد الاشتباك الأميركية الأكثر عدوانية والتي لا تدعمها لندن حاليا. وأشاد كل من جونسون و ترامب بالصداقة بينهما خلال المنافسة على زعامة حزب المحافظين البريطاني وبالتالي رئاسة الوزراء.

ورحب ترامب باختيار جونسون ووصفه بأنه “ترامب بريطانيا”، وذكر مصدر مقرب من جونسون لصحيفة “ديلي ميل” أن الوقت حان “لإعادة هيكلة” العلاقات الأميركية البريطانية. ولكن ذلك قد يقضي على الجهود البريطانية لإنقاذ ما تبقى من اتفاق 2015 مع إيران والذي انسحب منه ترامب العام الماضي.

ونشرت صحيفة “رسالة” الإيرانية المحافظة رسما كاريكاتيريا يصور جونسون على أنه خادم بريطاني يربت ترامب على رأسه في المكتب البيضاوي، أما صحيفة “سازانديغي” الإصلاحية فعنونت “ترامب البريطاني”.

ولم يدل جونسون بعد بأي تصريح بشأن استيلاء جنود إيرانيين يرتدون الأقنعة على الناقلة “ستينا اميرو” في مضيق هرمز المؤدي إلى مياه الخليج، ولكن يتوقع أن يفعل ذلك الآن. وبعد لحظات من إعلان تعيينه الأربعاء صرح وزير الخارجية الجديد دومينيك راب بأن هذه القضية “حساسة جدا بالتأكيد” وسيتم إطلاعه على تفاصيلها بالكامل.

ولكن حتى لو قرر جونسون المضي قدما في الجهود الأوروبية لتأمين مضيق هرمز الذي يعتبر من أكثر الممرات المائية ازدحاما بناقلات النفط، فلا يزال يتعين عليه التنسيق مع القوات الأميركية المتواجدة في المنطقة المحيطة بإيران.

وقال إيان بوند مدير السياسة الخارجية في مركز الإصلاح الأوروبي إن جونسون ربما يكسب ود ترامب من خلال مرافقة القوات البحرية الأوروبية للسفن في مياه الخليج. وأضاف بوند “نظرا إلى أن ترامب يشتكي دائما من قلة مساهمة الأوروبيين في الدفاع عن أنفسهم، يجب أن يفكر في أن اتخاذ الأوروبيين خطوات بهذا الشأن أمر جيد”، مستدركا “ولكن من الصعب معرفة ما إذا كان هذا سيكون رد فعل ترامب”. وتابع أن جونسون قد يقوم بضم عدد من الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مثل النرويج  إلى “التحالف الدولي”.

ورأى أن ذلك سيكون تطبيقا عمليا لما قالته تيريزا ماي وهو “سنخرج من الاتحاد الأوروبي وليس من أوروبا”. ولكن سانام فاكيل الباحث في “كاثام هاوس” نصح زعيم بريطانيا الجديد بـ”تجنب إغراء التحالف بشكل تام مع واشنطن فيما يتعلق بإيران”.

وكتب يقول “فبدلاً من دمج السفن والأزمة النووية، يمكن للمفاوضات الثنائية بين المملكة المتحدة وإيران بشأن الناقلات أن توفر للجانبين نتيجة لحفظ ماء الوجه”. وأضاف “يمكن أن تجعل بريطانيا من نفسها جسرا بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وفي الوقت ذاته تعزز مكانتها بعد بريكست”.

5