إهانة أم انتقاد.. لا فرق في قاموس أردوغان

الأربعاء 2015/03/18
لا عودة إلى الديمقراطية طالما ظل أردوغان في السلطة

اسطنبول (تركيا) - ترقى تهمة إهانة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى الحبس لسنوات طويلة منذ أن تولى المنصب الرئاسي العام الماضي.

وفي السابق، اعتاد النشطاء على توجيه انتقادات لاذعة إلى أردوغان، ولم تشهد تركيا أي اعتراضات حكومية على تلك الانتقادات رغم كثرتها.

ونظمت جماعات يسارية وأحزاب معارضة مظاهرات واسعة ضد حكم حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي يحكم تركيا منذ عام 2002، كان أكبرها مظاهرات في إسطنبول احتجاجا على إزالة حديقة في وسط المدينة.

وأوقفت الشرطة التركية ثلاثة أشخاص بتهمة إهانة أردوغان عبر موقع تويتر، في وقت يشكو الناشطون الحقوقيون من القيود على حرية التعبير في هذا البلد.

وأوقف الأشخاص الثلاثة، وهم إمرأتان ورجل، في أماكن سكنهم وسيحالون خلال الأيام المقبلة على محكمة. وذكر الإعلام التركي أن إثنين منهم أوقفا في إسطنبول والثالث في فتحية (جنوب غرب).

ويقول كثيرون إن أردوغان بات يتجه نحو شخصنة كل مشاداته ومعاركه مع خصومه، حتى لو كانت تدور حول قضية عامة.

وفي سعيه إلى توسيع صلاحياته الرئاسية وتعديل الدستور التركي لتحويل السلطات إلى مركزية أكبر في صنع القرار، لا يبدو أردوغان مستعدا إلى الإصغاء إلى اي انتقادات توجه إليه من قبل المعارضة أو حتى اختلاف في الرأي من داخل حزبه الحاكم.

ورد أردوغان على الاتهامات المتزايدة له حول قيامه بالتأسيس لنظام حكم شمولي بعد تعديل الدستور. وقال خلال عطلة نهاية الأسبوع إن الدستور الجديد الذي يمنحه مزيدا من الصلاحيات لن يؤسس لـ”دكتاتورية” في البلاد.

وصرح في محافظة كاناكالي الغربية “يقولون إن النظام الرئاسي سيجلب الدكتاتورية. هل هناك دكتاتورية في الولايات المتحدة أو المكسيك أو البرازيل؟”

وأضاف “التغيير حتمي. وبناء تركيا الجديدة حتمي. ووضع دستور جديد حتمي. والنظام الرئاسي سيكون بإذن الله حتميا”.

ويتطلب إجراء أي تعديلات دستورية دعم أكثر من ثلثي أعضاء البرلمان المؤلف من 550 مقعدا أو 367 مقعدا على الأقل.

ويسعى حزب العدالة والتنمية الذي يمتلك حاليا 312 مقعدا في البرلمان، إلى زيادة عدد مقاعده في انتخابات 7 يونيو المقبل.

وتتهم المعارضة أردوغان بأن له توجهات دكتاتورية. وفي قضية أخرى، ذكرت صحيفة “حرييت” أن طالبا من قيصري (وسط) حكم عليه لوصفه الرئيس التركي بأنه “ديكتاتور” خلال تظاهرة العام 2013، أوقف فيما كان لا يزال حرا حتى الآن.ونقل الشاب إلى سجن قيصري حيث سيمضي عقوبة بالسجن 14 شهرا.

لا يبدو أردوغان مستعدا إلى الأصغاء إلى أي انتقادات توجه إليه من قبل المعارضة أو حتى من داخل حزبه الحاكم

ومنذ انتخاب أردوغان رئيسا في أغسطس الفائت، ازدادت الملاحقات في تركيا بتهمة “إهانة” الرئيس وطالت فنانين وصحافيين وأفرادا عاديين. وأحصت نيابة إسطنبول ملاحقة 84 شخصا على الأقل في ستة أشهر.

وطالبت المعارضة التركية بإلغاء المادة 299 من قانون العقوبات التركي التي تنص على معاقبة أي شخص “يمس بصورة” الرئيس، معتبرة أنها تنافي حرية التعبير.

واليوم يمتلك أردوغان قصرا فخما جديدا ومعارضة منزوعة الأنياب وحزب حاكم يؤكد تأييده في كل مناسبة، كل هذه العوامل ساعدته على صياغة دور قوي لنفسه كرئيس للدولة في تركيا.

لكن الانتخابات قد تحرمه من هدف تحويل نظام الحكم إلى رئاسة تنفيذية كاملة وتغلف الحياة السياسية بالشكوك، حيث أن السلطة أصبحت في نظر خصومه مركزية وتسممت الأجواء باتهامات بالفساد وكذلك حملات التطهير لخصومه في الشرطة والقضاء.

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب العدالة والتنمية الحاكم سيواجه صعوبات في تحقيق الأغلبية التي يحتاجها، ويبدو أن أردوغان يعول على الخطة البديلة المتمثلة في نظام حكم رئاسي كأمر واقع، يقول المحللون إنه يحمل في طياته بذور عدم الاستقرار.

وفي الآونة الأخيرة وقف الرئيس التركي على درجات سلم قصره الجديد المكون من 1150 حجرة يستعرض الحرس الرئاسي الذي ارتدى أفراده أزياء من مختلف العصور في التاريخ التركي، في خطوة وصفها أيكان إردمير النائب عن حزب المعارضة الرئيسي حزب الشعب الجمهوري بأنها محاولة لاستمالة الناخبين من التيار اليميني.

وقد لا يقابل تشديد أردوغان قبضته على السلطة بمقاومة تذكر من الحلفاء الغربيين، في ضوء موقع تركيا المتاخم للعراق وسوريا وإيران ورئاستها لمجموعة العشرين وضرورة تعاونها في مكافحة تنظيم داعش.

وكان أردوغان الذي يصر على الاحتفاظ بالحكم في البلاد قرر إنهاء الدور الفخري لسلفه ليصبح رئيس السلطة التنفيذية، وهو يأمل في تغيير الدستور في حال حقق حزبه فوزا كبيرا في الانتخابات التشريعية المقبلة.

وقد عززت انتخابات الهيئات القضائية على ما يبدو مساعي الرئيس التركي لتقييد السلطة القضائية وتخليصها من نفوذ فتح الله كولن رجل الدين الإسلامي الذي يتهمه أردوغان بمحاولة الإطاحة به عن طريق فضيحة فساد مصطنعة.

ومنذ ظهرت تحقيقات فساد استهدفت الدائرة المقربة من أردوغان بنهاية عام 2013، جرت إقالة أو نقل مئات من القضاة وممثلي الادعاء وآلاف من ضباط الشرطة. وأسقطت محاكم دعاوى ضد المتهمين بالكسب غير المشروع.

12