إنهاء حملة التسجيل المدني يحرم الآلاف من الموريتانيين من حقوقهم الأساسية

منظمات حقوقية دولية تطالب السلطات الموريتانية بضرورة تمديد الحملة.
الأربعاء 2024/01/17
عقبات بالجملة

نواكشوط - أثار إنهاء حملة التسجيل المدني في موريتانيا انتقادات واسعة، خصوصا وأن الكثير من الموريتانيين لم يسعفهم الحيز الزمني الضيق من التسجيل، فضلا عن الكثير من الإخلالات التي رافقت الحملة منذ انطلاقتها في يوليو الماضي.

ووقعت عدد من المنظمات الحقوقية الدولية ومكونات المجتمع المدني في موريتانيا على رسالة طالبوا من خلالها السلطات الموريتانية بضرورة تمديد الحملة، معتبرين أن فترة الستة أشهر غير كافية.

وقال فيرمين مبالا، الباحث المعني بغرب ووسط أفريقيا في منظمة العفو الدولية “إن انتهاء حملة التسجيل المدني في الحادي والثلاثين من ديسمبر 2023 سيحرم الكثير من الناس من إمكانية الحصول على رقم التعريف الوطني اللازم للتمتع بحقوقهم الأساسية، مثل الحق في التعليم أو الصحة أو حتى الحق في التصويت. ومن الضروري تمديد الحملة كي تفي موريتانيا بالتزاماتها الإقليمية والدولية المتعلقة بحماية حقوق الإنسان”.

وتأتي حملة التسجيل المدني التي انطلقت في 11 يوليو 2023، في أعقاب حملات سابقة نظمت في عامي 2011 و2017 على وجه الخصوص.

المنظمات حثت السلطات الموريتانية على تعزيز الطابع الإنساني لظروف الاستقبال في مراكز التسجيل

وقد لمست المنظمات الدولية، بما في ذلك منظمة العفو التي قامت بزيارة إلى موريتانيا في نوفمبر الماضي، الحماس الذي ولدته هذه الحملة، وتجلى ذلك في الطوابير الطويلة في مراكز استقبال المواطنين حيث يجري التسجيل، لكن تلك المنظمات سجلت أيضًا الصعوبات والعقبات التي يواجهها الآلاف من الأشخاص في الوصول إلى هذا الحق الأساسي.

ومن خلال زيارة العديد من مراكز استقبال المواطنين وجمع الشهادات، تمكنت المنظمات من ملاحظة المضايقات المتعددة التي يتعرض لها عدد كبير جدا من الناس للتسجيل والحصول على رقم التعريف الوطني اللازم للحصول على وثائق الحالة المدنية الأخرى، مثل بطاقة الهوية الوطنية، وممارسة العديد من حقوق الإنسان.

ومن بين هذه العوائق، عدم توحيد وشفافية إجراءات التحقق من الهوية، والتي تختلف باختلاف مراكز التسجيل والموظفين المسؤولين عن تطبيقها، أو الأخطاء في نسخ الأسماء وما يسفر عنها من إجراءات تصحيح مطولة، أو الالتزام التقييدي المفروض أحيانًا على الأشخاص المولودين قبل عام 2005 بالقيام برحلات طويلة ومكلفة إلى مسقط رأسهم للحصول على شهادة الميلاد اللازمة للتسجيل.

الحق في الهوية يعتبر حق أساسي من حقوق الإنسان، ومعترف به في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب

كما تضمنت العوائق تشديد عمليات التفتيش على بعض الناس، ولا سيما سكان وادي نهر السنغال، بسبب شكوك الموظفين المسبقة بشأن أصولهم، فضلا عن الصعوبات الفنية واللوجستية التي تواجهها مراكز التسجيل، والتي أعاقت تقديم أي خدمة للمستخدمين لعدة أيام.

وحالت تلك العقبات أمام إمكانية التسجيل والحصول على الهوية لآلاف الموريتانيين، ولا سيما النازحين أو اللاجئين خارج البلاد، والعائدين إلى أوطانهم، والحراطين، والموريتانيين السود.

ويعتبر الحق في الهوية حق أساسي من حقوق الإنسان، ومعترف به في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب. وهذا الحق ضروري لممارسة الحقوق الأخرى، مثل الحق في التعليم والصحة والمشاركة السياسية والحماية الاجتماعية والعدالة.

وأعربت المنظمات الموقعة على الرسالة عن قلقها إزاء الإنهاء المبكر لحملة التسجيل، مما يهدد بإبقاء وضع الآلاف من عديمي الجنسية والمهاجرين غير المسجلين، محرومين من أبسط حقوقهم ومعرضين للتهميش والإقصاء.

وطالبت المنظمات السلطات الموريتانية بتمديد حملة التسجيل المدني وتبسيط الإجراءات، وتقليل التكاليف المرتبطة بعملية التسجيل، وضمان التعامل بدون تمييز، ونشر التوعية حول أهمية العملية، وتعزيز قدرات موظفي الأحوال المدنية.

كما حثت السلطات الموريتانية على تعزيز الطابع الإنساني لظروف الاستقبال في مراكز التسجيل، واحترام كرامة وأمن وسرية الأشخاص الحاضرين، مشددة على أهمية إشراك منظمات المجتمع المدني المحلي بشكل أكبر في عملية التسجيل، مع الاعتراف بدورها الأساسي في الوساطة والتوعية والمتابعة.

4