إنجازات رياضية تعزز ثقافة ممارسة الرياضة في المغرب

التدبير الجيد والهيكلة الحكيمة للقطاع الرياضي من شأنهما تعزيز بروز قوة ناعمة والمساهمة في التماسك الاجتماعي.
الخميس 2024/02/01
عادة تترسخ

تفيد الإحصائيات بأن أكثر من نصف المغاربة يمارسون الرياضة بشكل منتظم في السنوات الأخيرة، ما يؤكد أنها باتت عادة تترسخ بشكل متزايد في الحياة اليومية للمغاربة.

الرباط - تزايد الوعي بأهمية ممارسة الرياضة في المجتمع المغربي في السنوات الأخيرة. وقد تزايد عدد المغاربة الذين يمارسون نشاطا بدنيا بشكل منتظم، إلا أن الحاجة لا تزال قائمة لتحقيق علاقة “صحية ومتوازنة” مع الرياضة بشكل عام.

وأكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن أكثر من نصف المغاربة يمارسون نشاطا رياضيا بشكل منتظم، ما يكشف عن تزايد الاهتمام بالرياضة.

ويعد هذا الرقم، الذي يبقى قريبا من المتوسط المسجل في دول مثل فرنسا، حيث يمارس حوالي 70 في المئة من البالغين الرياضة، مؤشرا على تغير في طريقة التعاطي مع ممارسة الرياضة باعتبارها أمرا ضروريا، وليس نشاطا ترفيهيا.

واعتبر المدير التقني السابق للجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى عزيز داودة أن هذا التطور يتناقض مع التوجه نحو الاهتمام بالرياضة تحت تأثير حدث معين، مثل إنجاز حققه رياضي أو فريق وطني.

وأوضح داودة، لدى حديثه عن علاقة المغاربة بالرياضة، أنه بشكل تقليدي لم تربط الثقافة الشعبية المغربية الرياضة بالرفاهية، مبرزا أن “المغاربة لم يكتشفوا الرياضة وصاروا يمارسونها بانتظام إلا بفضل إنجازات الرياضيين الوطنيين انطلاقا من ستينات القرن الماضي”.

وأضاف أن الإنجازات العالمية للرياضيين الوطنيين عززت ميل المغاربة إلى النشاط البدني، مشددا على دور الترويج المتزايد داخل المجتمع المغربي لثقافة ممارسة الرياضة وفوائدها، من حيث الرفاهية وتحسين ظروف العيش والصحة.

حح

يذكر أن كثيرين هم الرياضيون المغاربة الذين حققوا إنجازات مهمة جعلتهم من مشاهير الرياضة العالمية، نجوم تعلق بهم المغاربة ولا يزالون إلى اليوم يحتلون مكانة في قلوبهم وذاكرتهم على غرار عبدالسلام الراضي الذي حاز بفضله المغرب أول ميدالية أولمبية عام 1960 وكانت ميدالية فضية أحرزها في سباق الماراثون. ومن الأسماء الشهيرة في الرياضة المغربية سعيد عويطة، إلى درجة أن لقبه أصبح يتداول في الأوساط الشعبية المغربية كمرادف للسرعة.

بالإضافة إلى نوال المتوكل وهي عداءة مغربية، تعتبر أول مغربية وعربية تحرز ميدالية ذهبية وأولمبية وذلك في أولمبياد لوس أنجلس عام 1994 حين تصدرت سباق 400 متر حواجز.

وأكد الطبيب الأخصائي في أمراض القلب المهدي حافظي أنه يلاحظ في الآونة الأخيرة إقبالا متزايدا على ممارسة الرياضة لدى فئة واسعة من المغاربة، خاصة الشباب وكبار السن، مبرزا أن من وجهة نظر طبية، فإن هذه المسألة تساهم في استقرار أفضل للأمراض، وخاصة الأمراض المتعلقة بارتفاع ضغط الدم، وتحسين المتغيرات البيولوجية لدى مرضى السكري.

واستعرض، في هذا السياق، فوائد النشاط البدني على جهاز القلب والأوعية الدموية، مشيرا إلى وجود علاقة وثيقة بين ممارسة الرياضة وانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 20 إلى 30 في المئة.

وعلى مستوى الصحة العقلية والنفسية، أوضح الدكتور حافظي أن الأشخاص النشطين أقل عرضة للتوتر والقلق والاكتئاب، مسجلا أن الدراسات كشفت أن ممارسة الرياضة لها تأثير مضاد للاكتئاب وتحسن من جودة النوم.

حح

ويوصي الأخصائي في أمراض القلب بممارسة الرياضة بشكل معتدل ومنتظم لمدة 150 دقيقة أسبوعيا على مدار 5 أيام، أو 75 دقيقة من التمارين المكثفة على مدى ثلاثة أيام، من أجل تحسين جودة الحياة والوضع الصحي العام، وتفادي الأمراض المحتملة، المرتبطة بشكل خاص بجهاز القلب والأوعية الدموية.

وبالنسبة للأستاذ الباحث بالمعهد الجامعي للدراسات الأفريقية والأورومتوسطية والإيبيرو أميركية، التابع لجامعة محمد الخامس بالرباط عبدالفتاح الزين، فإنه “لم تتم بعد مقاربة الرياضة كواقع مجتمعي، على الرغم من أهميتها في النمو الاقتصادي، ودورها في خفض الإنفاق العمومي في مجال الصحة، بالإضافة إلى تأثيرها الإيجابي على رفاهية الفرد”.

واعتبر أن التدبير الجيد والهيكلة الحكيمة للقطاع الرياضي من شأنهما تعزيز بروز قوة ناعمة في بعض الدول، والمساهمة في التماسك الاجتماعي، داعيا إلى تشجيع ممارسة الرياضة بين الأجيال الصاعدة، خصوصا داخل المؤسسات التعليمية والجامعية، التي تعد حاضنة حقيقية للمواهب.

18