إنتاج المغرب من السيارات يتخطى إنتاج دول أوروبية.. قريبا

المنتج الأكبر في أفريقيا مع اقتراب الإنتاج من 700 ألف سيارة سنويا.
الجمعة 2023/11/03
رحلة الألف ميل مع صناعة السيارات في المغرب

بين عامي 1959 و2023 رحلة طويلة استطاع خلالها المغرب أن يرقى بصناعة السيارات ليتبوأ مكانة بارزة بين المصدرين، وتؤهله ليصبح مركزا للتصدير إلى الاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط وأفريقيا.

طنجة (المغرب) - يشهد قطاع صناعة السيارات في المغرب تطورا لافتا، حيث استطاع أن يحتل المرتبة الأولى أفريقيا وذلك باستقطاب استثمارات كبرى من شركات.

قفزت صادرات المغرب من السيارات بنحو 44 في المئة خلال الربع الأول من عام 2023 إلى 33.9 مليار درهم أو ما يعادل 3.37 مليار دولار، وفقا لبيانات مكتب الصرف المغربي، ويتصدر المغرب صناعة السيارات في أفريقيا بعد أن أزاح جنوب أفريقيا عن الصدارة عام 2018.

وأظهر تقرير لمؤسسة كابيتال إيكونوميكس البحثية أن إنتاج السيارات في المغرب سيتجاوز نظيره في رومانيا وإيطاليا، والأكبر في القارة الأفريقية متجاوزا جنوب أفريقيا مع اقتراب الطاقة الإنتاجية من 700 ألف سيارة سنويا.

وأوضحت المؤسسة أن قطاع السيارات المغربي بصدد تحقيق تقدم جيد بعد أن تعززت قوته على مدى السنوات العشر الماضية لينافس إنتاجه بعض المنتجين في وسط وشرق أوروبا.

“النمو المتين للصادرات في المغرب مدفوع بقطاع السيارات والفوائد المحتملة لتركز شبكات إمدادات للقطاع في دول حليفة اقتصاديا وسياسيا، مما يدعم توقعات النمو القوي للناتج المحلي الإجمالي للبلاد الذي قد يرتفع بمعدل يتراوح بين أربعة وخمسة في المئة في المتوسط سنويا على مدى العقود القليلة القادمة” وفقا لتقرير كابيتال إيكونوميكس.

وذكر التقرير أن ارتفاع صادرات السيارات وانخفاض الاعتماد على واردات السلع الوسيطة وقوة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر سيدعم مركز ميزان المدفوعات المغربي.

33

في المئة نسبة صادرات المغرب من السيارات لتصل إلى ما يزيد عن 10 مليارات دولار عام 2022

وأشار إلى أن هذا بدوره قد يفسح المجال أمام بنك المغرب المركزي للمضي قدما في المزيد من تحرير سعر الصرف عبر توسيع نطاق تداول الدرهم، ما من شأنه تعزيز قدرة المغرب على استيعاب الصدمات ودعم قدرته التنافسية الخارجية.

وكتب الخبير الاقتصادي لدى المؤسسة إلياس هيلمر أن في ظل زيادة استثمارات شركات صناعة السيارات العالمية الكبرى وتعميق سلاسل التوريد، فإن قطاع السيارات المغربي بات عاملا رئيسيا في دعم قطاع التصنيع وتعزيز التوقعات القوية لنمو الناتج المحلي الإجمالي في الأمد الطويل.

وأضاف أن على مدى العشر سنوات الماضية، سار قطاع صناعة السيارات في المغرب بخطى سريعة لينتج 460 ألف سيارة العام الماضي ارتفاعا من 60 ألفا في 2011.

وقال إن “السياسات الصناعية وتحرير التجارة والاستثمار في البنية التحتية المحلية بجانب القرب من الأسواق الأوروبية الرئيسية وانخفاض تكلفة العمالة دفع رينو وبيجو (اللتين أصبحتا الآن تحت مظلة شركة ستيلانتس) إلى ضخ استثمارات كبيرة في المغرب”.

وأشار إلى أنه يجري تصدير الجزء الأكبر من السيارات المنتجة في المغرب إلى أوروبا، مضيفا أن الصادرات ارتفعت من معدل عند 2.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2010 إلى 8.2 في المئة في العام الماضي، ووفقا لمصادر رسمية صدر المغرب 286 ألفا و614 سيارة إلى دول الاتحاد الأوروبي في عام 2019، محتلا المركز الخامس ضمن قائمة الدول المصدرة للسيارات لأوروبا، مما يجعله ثاني أكبر القطاعات التصديرية في المغرب بعد الفوسفات الذي استفاد من الارتفاعات الكبيرة بالأسعار في السنوات الأخيرة.

وقال هيلمر إن المغرب ينتج سيارات بمعدل يفوق هنغاريا ويقل قليلا فحسب عن بولندا ورومانيا، مشيرا إلى أنه من المشجع أن سلاسل التوريد لصناعة السيارات في المغرب آخذة في التوسع، إذ تشير التقديرات إلى أن نحو 60 في المئة من مدخلات الصناعة يتم الحصول عليها من مصادر محلية.

وقال هيلمر إن تقارير تشير إلى أن شركات السيارات العالمية الكبرى تعزز استثماراتها في سلاسل التوريد بالمغرب مع سعيها لرفع حصة المكونات الموردة محليا إلى 80 في المئة.

وسلط التقرير الضوء أيضا على إنتاج السيارات الكهربائية باعتباره من المجالات المزدهرة الأحدث في المغرب الذي يولي اهتماما خاصا بالسيارات الكهربائية والهجينة ويقدم حوافز ضريبية وجمركية لدعم هذا القطاع، كما يسعى إلى تطوير شبكة لشحن البطاريات والطاقة المستدامة.

وتنتج البلاد حاليا ما يقرب من 50 ألف سيارة كهربائية سنويا وكشفت العديد من الشركات العالمية عن خطط لزيادة إنتاج السيارات الكهربائية والأجزاء الوسيطة، بحسب كابيتال إيكونوميكس.

يأتي هذا بالإضافة إلى وفرة موارد الفوسفات في المغرب، إذ تشكل حوالي 75 في المئة من الاحتياطيات العالمية، وهو مصدر رئيسي بديل ورخيص لبطاريات السيارات الكهربائية مما يضيف إلى التوقعات الإيجابية للقطاع وسط التحول العالمي لصناعة السيارات.

ثورة صناعية كبيرة
ثورة صناعية كبيرة

وتتفاوض المغرب مع شركة دونغ فينغ الصينية لصناعة السيارات بهدف إقامة مصنع لها في السوق المحلية، للإنتاج في الشرق الأوسط وأفريقيا. ورغم أن مفاوضات أخرى تجري مع القاهرة إلا أن حظوظ المغرب أكبر لاستقطاب دونغ فينغ بعد أن خطت خطوات كبيرة في مجال صناعة السيارات وبات وجهة للعديد من الشركات التي تشغل عشرات الآلاف من العمال.

ومعلوم أن المغرب بدأ إنتاج السيارات عام 1959، عندما أنشأت الحكومة شركة صوماكا تحت إشراف فني من فيات في مدينة الدار البيضاء بهدف تجميع السيارات لبيعها في السوق المحلية.

وظلت الصناعة هكذا حتى حدث تغيير جذري في عام 2005، عندما استحوذت شركة رينو الفرنسية على حصة أغلبية في شركة صوماكا وبدأت إنتاج سيارتها “داسيا لوغان”.

وكان لشركة رينو الفضل في نمو صناعة السيارات المغربية، إذ زاد الإنتاج بواقع نحو أربعة أمثال خلال تسع سنوات من عام 2005 حتى عام 2014. وبالإضافة إلى رينو، يوجد عدد من كبرى شركات السيارات في العالم مثل نيسان وبيجو وفولكس فاغن ومرسيدس بنز وبي.أم دبليو وأودي.

ويشمل قطاع صناعة السيارات في المغرب اليوم 251 مصنعا، يوفر فرص عمل لأكثر من 160 ألف شخص، ويشكل نحو 27 في المئة من صادرات البلاد.

ووفقا لبيانات مكتب الصرف المغربي، فقد قفزت صادرات البلاد من السيارات 33 في المئة على أساس سنوي لتصل إلى ما يزيد عن 10 مليارات دولار في عام 2022.

10