"إم.جي.إم.تي".. الجين المسؤول عن إصابة النساء بالزهايمر

أفادت دراسة حديثة بأن بعض الجينات تلعب دوراً حيوياً في تطور الإصابة بمرض الزهايمر وخصوصاً لدى النساء، في اكتشاف قد يكون أحد أقوى الأمثلة على ارتباط بعض الجينات بالإصابة بمرض العصر.
لندن- حدد العلماء الجين الذي يبدو أنه يزيد من خطر الإصابة بمرض الزهايمر لدى النساء، مما يوفر دليلاً جديداً محتملاً عن سبب تشخيص النساء بالمرض أكثر من الرجال.
ويلعب الجين الذي يطلق عليه اختصاراً اسم “إم.جي.إم.تي” (MGMT)، دوراً مهماً في كيفية إصلاح الجسم لتلف الحمض النووي لكل من الرجال والنساء. لكن الباحثين لم يجدوا علاقة بين “إم.جي.إم.تي” ومرض الزهايمر لدى الرجال.
ونُشرت الدراسة المشتركة في مجلة “جمعية مرض الزهايمر والخرف”. وقالت الدكتورة ليندسي فرير المؤلفة المشاركة في الدراسة، رئيسة علم الوراثة الطبية الحيوية في كلية الطب بجامعة بوسطن إنه “اكتشاف خاص بالنساء ربما يكون أحد أقوى الارتباطات بين الخطر الذي تمثله بعض الجينات وبين الإصابة بمرض الزهايمر لديهن”.
وأوضح الدكتور ستيفن تي ديكوسكي، أستاذ علم الأعصاب في كلية الطب بجامعة فلوريدا “عرفنا منذ فترة طويلة أن انتشار مرض الزهايمر أعلى لدى النساء، وكان يُعتقد سابقا أن ذلك يرجع إلى أن النساء يعشن أطول من الرجال، وقد ثبت الآن ارتباط الأمر بالآليات الجينية أيضا”.
الجين "إم.جي.إم.تي" قد يكون جزءًا مفقودًا مهمًا من لغز التنبؤ بمخاطر الإصابة بالزهايمر بالنسبة إلى النساء
فيما أوضح الدكتور ريتشارد إيزاكسون، مدير عيادة الوقاية من مرض الزهايمر في كلية شميدت للطب بجامعة فلوريدا أتلانتيك، أنه “نظراً إلى عوامل الخطر الجينية الفريدة مثل الجين محل الدراسة “إم.جي.إم.تي” وغيره من الجينات على غرار جين “أي.بي.أو 4ε (APOE ε4)”، إلى جانب عوامل الخطر الخاصة بالجنس مثل الانخفاض المفاجئ في هرمون الإستروجين أثناء الفترة الانتقالية قبل انقطاع الطمث، فقد تكون تلك أحد الأسباب الرئيسية للإصابة بالمرض بين النساء”.
وأشارت الدراسة أيضاً إلى دور مهم يلعبه جين “أي.بي.أو 4ε” في الإصابة بالزهايمر لدى النساء، إذ وُجد أن وظيفة الجين الأساسية هي تحريك الكوليسترول في الجسم وبالتالي فإن غيابه يؤدي إلى ترسب كميات كبيرة منه وتراكم الأحماض الدهنية في الجسم. ولاحظ العلماء أن غياب هذا الجين دائماً ما اقترن بوجود بروتيني “بيتا أميلويد” و “تاو” وهما بروتينان يمثلان السمات المميزة للإصابة بمرض الزهايمر. وبالتالي بالجين “إم.جي.إم.تي” وفي النهاية الإصابة بالمرض.
وبحسب دراسات سابقة، فإن غياب جين “أي.بي.أو 4ε” يعتبر من أقوى أسباب التطور المستقبلي لمرض الزهايمر لدى الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً، وهو “الأمر الذي ينطبق بشكل خاص على النساء اللواتي يتأثرن أكثر بغياب هذا الجين أكثر من الرجال”، كما قال إيزاكسون.
وتشير الدراسات إلى أن العديد من النساء اللواتي يحملن هذا الجين لا يصبن بمرض الزهايمر، في حين أن النساء اللواتي لا يحملن الجين قد يصبن بالمرض. يقول إيزاكسون “ربما يكون الجين “إم.جي.إم.تي” محل الدراسة الجديدة جزءًا مفقودًا مهمًا من لغز التنبؤ بمخاطر الإصابة بالزهايمر بالنسبة إلى النساء، لكن من الضروري إجراء المزيد من الدراسات”.

وقارن فريق البحث النتائج المتحصل عليها من أنسجة دماغ النساء بأنسجة دماغ الذكور التي تمّ تشريحها، فلم يجدوا أي ارتباط بين جين “إم.جي.إم.تي” ومرض الزهايمر لدى الرجال. لكنهم عندما قاموا بفحص نشاط جين “إم.جي.إم.تي” تحت التأثيرات البيئية والسلوكيات المختلفة، وجدوا أن تأثيراته لدى النساء مرتبطة بشكل كبير بوجود بروتيني “بيتا أميلويد” و “تاو”.
وتقول الدكتورة فرير إن الارتباط بين “إم.جي.إم.تي” وبروتينات بيتا أميلويد و تاو كان “أكثر وضوحاً لدى النساء اللواتي ليس لديهن الجين ‘أي.بي.أو 4ε'”.
ويؤكد الفريق القائم على الدراسة أن الأمر لا يزال في بدايته وأن المزيد من التجارب والأبحاث سيجري مستقبلاً لاكتشاف الدور الحيوي الذي تلعبه الجينات في الإصابة بالزهايمر.
ولا تدرك الغالبية العظمى من النساء أنهن يواجهن خطرًا متزايدًا للإصابة بمرض الزهايمر مقارنة بالرجال ولم يجرين محادثات مع أطبائهن حول جوانب صحتهن التي تجعلهن أكثر عرضة للإصابة بالمرض، وفقًا لمسح جديد.
وأظهر الاستطلاع الذي أجرته حركة الزهايمر النسائية في كليفلاند كلينك أن 82 في المئة من النساء لا يعرفن أنهن معرضات لخطر متزايد للإصابة بمرض الزهايمر، على الرغم من حقيقة أن النساء يشكلن ما يقرب من ثلثي حالات مرض الزهايمر في الولايات المتحدة. ويقدر خطر إصابة المرأة بمرض الزهايمر في عمر 65 عامًا بنسبة 1 من كل 5.
74
في المئة نسبة ارتفاع المصابين بمرض الخرف في أوروبا الغربية بحلول عام 2050
ووفقًا للمسح، فإن 73 في المئة من النساء لم يتحدثن عن صحة أدمغتهن مع طبيب و62 في المئة لم يناقشن انقطاع الطمث، وهو مجال صحي يقترح البحث أنه يجب مراقبته عن كثب فيما يتعلق بالمرض.
وكان تقرير صادر عن مجلة “لانسيت” البريطانية المتخصصة في الطب في شهر يناير 2022 ذكر أن الباحثين استعانوا بالبيانات السكانية والصحية لمعرفة تقديرات حيال معدل الإصابة بمرض الخرف، الذي يشمل مرض الزهايمر، خلال العقود الثلاثة المقبلة.
ووجد الباحثون زيادة في معدل الإصابة بهذا المرض الخطير في جميع أنحاء العالم بسبب عوامل مثل النمو السكاني وزيادة متوسط العمر المتوقع لسكان العالم، بيد أن الباحثين حذروا من أن معدلات الإصابة الأكبر ستحدث في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وخلص الباحثون إلى أنه في الوقت الذي سوف تشهد فيه بلدان أوروبا الغربية ارتفاعا في حالات الإصابة بمرض الخرف بنسبة 74 في المئة بحلول عام 2050، فسوف تبلغ هذه النسبة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قرابة 367 في المئة ما يعني إصابة 13.8 مليون شخص من السكان بهذا المرض. أي ما يزيد عن 2 في المئة من السكان المتوقع أن يتجاوز عددهم 650 مليون نسمة سنة 2050.
يشار إلى أنه في عام 2018 خرجت تقديرات من التحالف العالمي للشيخوخة أشارت إلى أن حوالي مليوني شخص في الشرق الأوسط يعانون من الخرف مع الأخذ في الاعتبار صعوبة الحصول على إحصاءات حيال الأمر.
ورغم التحذيرات من زيادة معدل الإصابة بمرض الخرف في الشرق الأوسط، إلا أن الأمر لا يحظى بالكثير من الاهتمام.