إلغاء التمييز الإيجابي يثير جدل القبول بالجامعات الأميركية

واشنطن – يسهّل التنوع في العرق والإثنيات داخل المدارس والجامعات، خصوصا الأجنبية منها، الطريق أمام الطلاب والجاليات المهاجرة لمواصلة دراستهم والحصول على شهادات جامعية من أعرق الجامعات في العالم، خصوصا في ظل ما تكشف عنه الدراسات بأن الدراسة أضحت السبيل الوحيد لهروب هؤلاء من الواقع الذي يعيشونه في بلدانهم.
وبالموازاة مع حجم الإرهاق المادي وظروف الدراسة التي أضحت جدّ عسيرة بالنسبة إلى العديد منهم، وخصوصا الطلاب العرب، من ذوي العائلات الميسورة وضعيفة الدخل الذين يحلمون بالابتعاث إلى هذه البلدان، فقد تسهم القرارات التي قد تتخذها بعض الحكومات في تلاشي هذا الحلم وربما أحيانا تؤدي إلى نسفه تماما.
وأعلن مسؤولون في الولايات المتحدة، مؤخرا، عن إجراءات جديدة سيتم بموجبها إلغاء العمل بإجراءات أخرى مماثلة كانت قد اتخذتها حكومات سابقة تشجع المدارس على الأخذ في الاعتبار برنامج التمييز الإيجابي للراغبين في الانتساب إليها لتعزيز التنوع داخلها.
وكثيرا ما تعلن الولايات المتحدة في كل مرة عن شروط جديدة لقبول الطلاب يتم بمقتضاها تحديد سقف معيّن لمعدل المبتعثين وخريجي جامعاتها الذين يتم توجيههم إلى سوق الشغل، حيث تأتي هذه القوانين منصفة لبعض الطلاب، فيما تكون منفّرة ومقيدة لبعض الطلاب لاختيار هذا البلد كوجهة للدراسة.
وكانت دراسة لمؤسسة “بروكنغز” البحثية قد أقرت بأن الأميركيين من أصول أفريقية يمثلون حوالي 4 بالمئة من إجمالي الطلاب في أفضل الجامعات الأميركية. ويقر خبراء في قطاع التعليم بأنه ربما من هذا المنطلق كان الدعم الذي اتخذته الحكومات السابقة لإجراءات التمييز الإيجابي مختلفا بين مؤسسة تعليمية وأخرى.
ومنذ إقرارها تستهدف هذه الإجراءات تتبع المدارس والجامعات لنظام قبول يتم بموجبه التغاضي عن العرق أو ما يعرف حصرا ببرنامج “التمييز الإيجابي”. لكن الإجراء الأخير الذي دعت إليه الحكومة الأميركية ومطالبة المسؤولين بتطبيق معايير محددة تلغي الأخذ في الاعتبار هذا البرنامج خيب آمال العديد من الطلاب وأولياء الأمور وخصوصا العرب منهم والمهاجرين.
ويطلق مصطلح التمييز الإيجابي على القوانين التي تسعى إلى تحسين الظروف التعليمية أو التوظيفية للأقليات في دولة ما، عن طريق وضع خلفياتهم في الاعتبار عند اختيارهم لدخول مؤسسة تعليمية أو شغل وظيفة.
وفي الولايات المتحدة تتبنى مؤسسات تعليمية سياسة التمييز الإيجابي لضمان قبول نسبة معينة من الأقليات العرقية، كالأميركيين من أصول أفريقية وعربية أو لاتينية، في فصولها.
وفي التعليم الجامعي، تضع بعض الجامعات العرق عاملا في اختيار الطلاب المتقدمين لضمان التعددية في فصولها الدراسية. وفي هذه الحالة، قد يتم التغاضي عن قبول طلاب من أقليات عرقية في جامعات كبرى حتى لو كانوا متساوين في المعدل مع نظرائهم من أعراق أخرى.
وفي الكثير من الحالات، يقبل هؤلاء حتى وإن كانت درجاتهم العلمية أقل من متوسط درجات من يتم قبولهم من دون النظر إلى العرق.
وفي إحصائية أخرى كانت دراسة لمعهد السياسة الاقتصادية قد خلصت إلى أن رواتب خريجي الجامعات تزيد بنسبة 56 بالمئة عن خريجي المدارس الثانوية في أميركا، وهي نسبة تؤكد دور التعليم الجامعي في تحديد دخل الأفراد.
كما وجد استطلاع أجراه معهد “بيو” للأبحاث سابقا أن 63 بالمئة من الأميركيين يرون أن سياسة التمييز الإيجابي في القبول بالجامعات تعد أمرا جيدا. لكن القرار الحكومي الأخير رفع سقف التكهنات من إمكانية أن يثير قرار إلغاء العمل بها جدلا واسعا في المدارس والجامعات خلال الموسم الدراسي القادم.
وسبق أن دار نقاش واسع في الولايات المتحدة حول هذا البرنامج الذي صممت الحكومة في عهد باراك أوباما على اتخاذه، لكنه وجد رفضا واسعا ومعارضة شرسة حينها.
وقال رئيس جامعة كولومبيا لي س. بولنغر في كلمة ألقاها بجامعة ويلاميت في ولاية أوريغون حينها، إن المعارضين لسياسة التمييز الإيجابي في الجامعات يرون أن العرق “لم يعد مهما في الحياة الأميركية”، وهو ما يعني عدم اعتباره عند اتخاذ قرار قبول الطلاب.