إقالات في الحكومة السودانية وسط تصاعد الخلافات داخل مجلس السيادة

بورتسودان – أجرى رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان الأحد، تعديلا وزاريا محدودا بإطاحته بأربع وزراء وتعيين وجوه جديدة في وزارات الخارجية، والإعلام، والشؤون الدينية والأوقاف، والتجارة والتموين، بعد أن ظهرت مؤخرا خلافات داخل المجلس واتهامات بالإبقاء على أعضاء داخل الحكومة تحمي قوات الدعم السريع وقوى الحرية والتغيير.
وذكر بيان صادر عن مكتب البرهان أنه تم إعفاء حسين عوض علي من مهامه واعتماد تكليف علي يوسف أحمد بمهام وزير الخارجية.
وكان البرهان قد كلف عوض في أبريل الماضي، خلفا للوزير السابق علي الصادق.
وشغل الوزير الجديد، علي يوسف، عدة مناصب في الخارجية السودانية قبل إحالته للتقاعد كما ترأس جمعيات الصداقة العربية الصينية، ونشط ضمن لجنة الحكماء لتسوية الأزمة التي أعقبت انقلاب 25 أكتوبر 2021.
وفي قرار آخر أثار جدلا واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بالإعلاميين السودانيين، أصدر البرهان، الأحد، قرارا بإنهاء تكليف وزير الثقافة والإعلام جراهام عبدالقادر من مهامه، واعتماد تكليف خالد علي الإعيسر.
ويُعرف الأعيسر، المقيم في لندن، بنشاطه الإعلامي المؤيد لانقلاب البرهان على حكومة رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك، ويعد من أبرز المناصرين للجيش في مواجهته مع قوات الدعم السريع.
وفي إطار التعديلات الوزارية، قرر البرهان إنهاء تكليف وزير الأوقاف أسامة حسن محمد أحمد، واعتماد تكليف عمر بخيت بذات المنصب.
وشملت الترتيبات الجديدة لحكومة البرهان تكليف عمر أحمد محمد علي بانفير وزيراً للتجارة والتموين، وسبق أن أقال وزير التجارة السابق الفاتح عبدالله يوسف في يوليو الماضي، وكلف وكيلة الوزارة، محاسن علي يعقوب، بمهام الوزارة بشكل مؤقت.
وخلال الفترة الماضية كلف البرهان وكلاء الوزارات بمهام الوزراء في يناير 2022، مع الإبقاء على وزراء الحركات المسلحة في دارفور والحركة الشعبية – شمال بقيادة مالك عقار، باستثناء وزيرين تم عزلهما بعد اتهامهما بمساندة قوات الدعم السريع.
وتأتي هذه التعديلات الوزارية بعد أن هاجم ياسر العطا عضو مجلس السيادة الانتقالي مساعدُ القائد العام للجيش في السودان، البرهان واتهم أعضاء في المجلس بتوفير ما أسماه بـ"حماية" لقوات الدعم السريع وقوى الحرية والتغيير الائتلاف الحاكم سابقاً.
وقال العطا، في كلمة له بالعاصمة الخرطوم لدى لقائه وفد الاتحاد العام للصحفيين السودانيين السبت "بيننا في مجلس السيادة من يحمي "قحت" (قوى الحرية والتغيير) و'الجنجويد' (قوات الدعم السريع)، وهذه مشكلة كبيرة، والدولة بهذه الطريقة ما بتمشي (لن تتقدم)، ولا بد من أن تتم إزاحتهم من مفاصل الدولة بالنقل والفصل والإبعاد عن المنشآت المهمة".
ووفق العطا، فإن هناك وجودا لقوى الحرية والتغيير وقوات الدعم السريع في وزارة الخارجية وبنك السودان وديوان الضرائب والنيابة العامة، وإن "هذا يعقد الانتصار، ويعطل دولاب الدولة".
وقال إن "النيابة العامة مكبلة بالدعامة (الدعم السريع)، والقحاتة (قوى الحرية والتغيير)، ولا تقوم بدورها في فتح البلاغات ضد الخونة والعملاء ومن يعملون على تدمير السودان ويدعمون ميليشيا الجنجويد".
وهذه المرة الثانية خلال أشهر يتهم فيها العطا مجلس السيادة بـالتقصير في حسم الأمر.
وكُلف ياسر العطا في سبتمبر 2023 بالإشراف على وزارات الدفاع والمالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان المركزي والنيابة العامة وديوان المراجع العام.
ويرى مراقبون أن الإقالات تعكس وجود خلافات داخل المؤسسة العسكرية، وتعبر عن حالة من الإحباط إزاء الوضع الميداني للجيش جراء عدم تمكنه من إحراز أي تقدم رغم التعبئة الكبيرة التي قادها على المستوى الشعبي والدعم اللوجستي والعسكري الذي يتلقاه من بعض الدول على غرار إيران وروسيا.
ورغم حديث الجيش عن معارك فاصلة لإنهاء القتال لمصلحته بعد أشهر من الاستعدادات الكبيرة، إلا أن مسار العمليات العسكرية لا يمضي في مصلحته، حيث فشل في استعادة العاصمة الخرطوم كما ولاية الجزيرة، وغيرها من المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.
وتأتي هذه التعديلات الوزارية في ظل حرب يخوضها الجيش السوداني بقيادة البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي" منذ منتصف أبريل 2023، خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 11 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.