إعصار دنيال يلقي بظلاله على أسعار الأضاحي في ليبيا

مساعي حكومة بنغازي في استيراد الأغنام وضبط الأسعار لم تخفف العبء على المواطنين الذين يشتكون من ضعف القدرة الشرائية.
الاثنين 2024/06/10
قلة المعروض رفع الأسعار إلى مستويات قياسية

بنغازي (ليبيا) - تشهد أسعار الأضاحي في ليبيا ارتفاعا حادا، ويرجع ذلك لعدة أسباب أبرزها الإعصار دانيال الذي ضرب مدينة درنة وتسبب في خسارة جزء كبير من الثروة الحيوانية في شرق البلاد.

وتأثرت الأسعار بشكل عام بنفوق أعداد كبيرة من الأغنام والأبقار وغيرها من الحيوانات التي يربيها السكان عادة لتكون مصدر رزق لهم.

كما تأثرت بالعوامل المناخية الصعبة كموجة الجفاف التي ضربت البلاد خلال الثلاث سنوات الأخيرة، وتراجع المراعي الطبيعية، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف تربية المواشي، وارتفاع أسعار الأعلاف خاصة مع رفع أسعار العملات الأجنبية، ناهيك عن مضاربة التجار في الأسعار.

كما أن أسعار الأضاحي المستوردة من إسبانيا وأوكرانيا، والتي كانت في الماضي تشهد إقبالا من أصحاب الدخل المحدود، تضاعفت تقريبا وبعد أن كان سعرها نحو 500 دينار ليبي (حوالي 103 دولارات)، وصل هذا العام إلى 950 دينارا.

لتخفيف العبء عن المواطنين، أعلنت الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب في الشرق، اليوم الإثنين، وصول باخرة محملة بالأغنام لتوفير أضاحي للمواطنين محدودي الدخل بأسعار "أقل بكثير من الأسعار السوقية".

وقالت إن الأضاحي ستوزع في مختلف المدن والمناطق بالتنسيق مع السلطات المحلية، لضمان وصول الدعم إلى أكبر عدد من الأسر المحتاجة، حسب بيان نشرته على صفحتها على فيسبوك.

ورغم هذه المساعي وضبطها الأسعار عن طريق جهاز الحرس البلدي، إلا أنها لم تفلح، بسبب تضاؤل القدرة الشرائية للمواطنين الذين يعانون أصلا من عدم تسلم رواتبهم.

ويقع في بنغازي، وهي ثاني أكبر مدينة ليبية، مقر مجلس النواب وحكومة أسامة حماد المتحالفة مع قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) بقيادة خليفة حفتر.

وتم انتخاب مجلس النواب في عام 2014 عندما انقسمت ليبيا في أعقاب حرب أهلية بين إدارتين متنافستين في شرق البلاد وغربها.

وانزلقت ليبيا إلى حالة من الفوضى بعد الإطاحة بمعمر القذافي في انتفاضة دعمها حلف شمال الأطلسي عام 2011.

ورغم توسع إنشاء الحظائر المؤقتة لبيع المواشي في الشوارع والساحات إلا أن عملية البيع تشهد ركودا مع دخول موسم العيد هذا العام، بسبب ارتفاع الأسعار والتي أدت إلى غياب المشترين لأسباب عديدة منها بطء عملية تنزيل المرتبات في حسابات مستفيديها.

وقال الموظف أحمد عبدالحميد (57 عاما) وهو أب لستة أبناء "الأسعار جنونية، ليس معقولا أن يصل سعر الأضحية إلى 3700 و2000 دينار. للأسف راتبي لا يغطي هذه القيمة. لدي التزامات أخرى من أقساط أبنائي في المدرسة".

وتحسر على حاله قائلا "الحياة أصبحت صعبة، نحن الليبيون ضعنا، نعم ضعنا".

وبينما استسلم البعض لفكرة التخلي عن شراء الأضاحي هذا العام، يصر آخرون على إتباع هذه السُنة والعمل بهذه الشعيرة الإسلامية رغم ارتفاع الأسعار مثل عبدالسلام محمد (46 عاما) وهو سائق سيارة أجرة ولديه أربعة أبناء.

وقال محمد وهو يقف في سوق للأضاحي داخل حي الكيش في بنغازي "بصراحة جئت وأعرف الأسعار ولكن مثل كل عام سأشتري الأضحية المستوردة مع العلم أن هذا العام أسعارها مرتفعة عن السنوات الماضية. كانت 500 و600 دينار الآن أصبحت 950".

وعبر عن مخاوفه من ألا يتمكن من شراء الأضاحي في المستقبل. وقال "أنا ليس لدي راتب، أخاف أن يأتي يوم أشتري في عيد الأضحى من القصاب كيلو أو اثنين من أجل أبنائي".

ويرجع طارق المغربي تاجر الأغنام الأزمة الحالية إلى ارتفاع سعر العلف وعدم الحفاظ على الثروة الحيوانية المحلية.

ويوضح قائلا "السعر مرتفع نعم ولكن ماذا نفعل. الدولة لا تدعمنا وسعر الأعلاف مرتفع وأسعار هذا العام مرتفعة بشكل كبير".

وأضاف "الثروة الحيوانية في ليبيا تم تهريبها لدول الجوار، لا توجد لدينا دولة تهتم بهذه الثروة، ولا يتكلمون عن الأغنام إلا عندما يأتي العيد".

وهذا ما أكده فوزي العقوري نقيب القصابين في بنغازي. وقال "من أسباب ارتفاع الأسعار بيع الأضاحي خارج البلاد وتهريبها، منذ عام 2011 إلى وقتنا الحالي تم تهريب نصف الثروة الحيوانية إلى تونس ومصر، فضلا عن نقص الأدوية البيطرية وكذلك الحمى القلاعية أخذت شوطا كبيرا في الأغنام".

وأشار العقوري كذلك إلى تأثير الإعصار دانيال على مناطق الثروة الحيوانية في الشرق مثل المرج وتاكنس، إضافة إلى ارتفاع الدولار اللازم لشراء الأعلاف واستيراد الماشية.

وأضاف أن الليبيين يستهلكون كل عيد ما يقرب من مليون و200 ألف أضحية.

وبحسب العقوري، كانت ليبيا تأتي ثالثا على مستوى أفريقيا من حيث حجم الثروة الحيوانية لكنها الآن تراجعت إلى المركز الثامن.