إضراب لموظفي النقل يربك حركة التنقل في تونس

العاملون في شركة نقل تونس ينظمون إضرابا عن العمل تلبية لدعوة من اتحاد الشغل، أكبر مركزية نقابية كانت قد لوحت بالاحتكام للشارع في مواجهة مفتوحة مع الرئيس قيس سعيّد.
الاثنين 2023/01/02
إضراب عمالي في قطاع النقل البري يصيب تونس العاصمة بالشلل

تونس - شهدت حركة النقل العام في تونس العاصمة اضطرابات شديدة الاثنين بسبب إضراب العاملين في شركة المترو والحافلات الرئيسية، وهو أول اختبار قوة بين الاتحاد العام التونسي للشغل الذي احتكم للشارع والحكومة التونسية.

وبدعوة من اتحاد النقل، النقابة الرئيسية في تونس، تظاهر العاملون في شركة تونس للنقل "ترانستو" في الصباح أمام مقر الحكومة في القصبة للتنديد بالتأخر في دفع رواتبهم وعدم صرف مكافأة نهاية العام لهم.

وأدى هذا الاحتجاج إلى تعليق "غالبية خطوط" المترو والحافلات في تونس الكبرى وفق شركة تونس للنقل، كما تسبب في اختناقات مرورية كبيرة على طرق العاصمة وضواحيها.

ونظم العاملون في الشركة إضرابا في أوائل نوفمبر خلال العطلة المدرسية التي تتنقل فيها العديد من العائلات ضمن العاصمة.

وتدير "ترانستو" حاليا 250 حافلة و15 مترو وقطارا لربط العاصمة بمنطقة تونس الكبرى، التي يبلغ عدد سكانها أكثر من مليوني نسمة.

وترزح تونس تحت عبء ديون تتجاوز 100 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وتمكنت منتصف أكتوبر من الحصول على موافقة مبدئية من صندوق النقد الدولي لصرف قرض جديد لها بنحو ملياري دولار، لكنها ما زالت تنتظر الموافقة النهائية.

وفي المقابل التزمت الحكومة بإصلاحات، أهمها التخلي التدريجي عن دعم المنتجات الأساسية، وخاصة المحروقات والكهرباء، وإعادة هيكلة المؤسسات العامة التي تحتكر قطاعات النقل والمياه والطاقة والحبوب والأدوية.

كما تعاني البلاد من انقسامات سياسية كبيرة منذ تولي الرئيس قيس سعيّد جميع السلطات في يوليو 2021، بعد أن عزل منظومة الحكم السابقة بقيادة حركة النهضة الإسلامية وحل البرلمان، وأطلق على إثر ذلك خارطة سياسية جديدة وفق جدول زمني محدد لتصحيح المسار السياسي.

ويعتبر هذا الإضراب اختبار قوة في سياق معركة ليّ الأذرع بين الاتحاد العام التونسي للشغل أكبر مركزية نقابية في البلاد تتمتع بنفوذ سياسي واجتماعي كبير، وبين الحكومة التونسية.

ولا توجد حاليا أي مؤشرات على نهاية الأزمة أو دخول الطرفين في حوار، فالمسار يبدو تصعيديا من قبل الاتحاد، بينما تجاهل الرئيس التونسي المركزية النقابية بعد رفضها الانخراط في حوار كان قد دعا إليه سعيّد واستثنى منه أحزاب منظومة الحكم السابقة، التي عزلها بموجب التدابير الاستثنائية التي اتخذها في الخامس والعشرين من يوليو 2021.

وقالت حياة الشمتوري، المتحدثة باسم شركة نقل تونس، "النقابة تحتج على التأخير في دفع الرواتب والمكافآت... الوضع في الشركة صعب".

وقال وجيه الزيدي، الكاتب العام لجامعة النقل التابعة لاتحاد الشغل، "الإضراب سيكون مفتوحا حتى تتحقق مطالب موظفي الشركة.. الموظفون لديهم التزامات والبعض يجد نفسه غير قادر على سداد قروضه".

وأقر الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يضم أكثر من مليون عضو، الأسبوع الماضي إضرابا ليومين لعمال النقل الجوي والبري والبحري في الخامس والعشرين والسادس والعشرين من يناير، احتجاجا على ما وصفه "بتهميش الحكومة للشركات العامة".

وفجر إضراب النقل الاثنين غضبا عارما بين الآلاف من الأشخاص الذين لم يجدوا وسائل للتنقل في العاصمة.

وقالت امرأة تدعى نجيبة وهي تنتظر في محطة الحافلات "اليوم لا نجد حليبا ولا زيتا ولا سكرا ولا قهوة... اليوم لا نجد حافلات تقلنا إلى العمل. أصبحنا نعيش جحيما لا يطاق".

وفي حي الانطلاقة بالعاصمة، قطع محتجون الطريق تعبيرا عن غضبهم من إضراب شركة النقل.

وتواجه تونس أزمة مالية حادة. وقال وزير الاقتصاد سمير سعيد الشهر الماضي إن تونس ستواجه عاما صعبا مع معدل تضخم سيتجاوز عشرة في المئة، مضيفا أن الحكومة لا بديل لها عن اتفاق مع صندوق النقد.

وسيشكل الإضراب ضغطا على حكومة الرئيس قيس سعيّد الذي يواجه معارضة متنامية بعد 17 شهرا من سيطرته على سلطات تنفيذية، في خطوة وصفها خصومه بأنها انقلاب.

وانتقد الرئيس التونسي الأسبوع الماضي ضمنيا خطاب التصعيد من قبل الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي، الذي لوح بالنزول إلى الشارع رفضا لقانون المالية لسنة 2023، وسط مخاوف من تداعيات هذه الخلافات على الوضع المتأزم في البلاد، خاصة مع إعلانه (الطبوبي) الإضراب العام في قطاع النقل، فيما تسعى منظمات وطنية لإطلاق مبادرة وطنية لتخفيف حدة الصراع.