إضراب في المستشفيات الجامعية تنديدا بتدهور الوضع الصحي في تونس

المحتجون ينددون بعدم إصلاح المنظومة الصحية ووضع حدّ لهجرة الأطباء إلى الخارج والقطاع الخاص وتواصل مديونية المؤسسات الصحية.
الخميس 2020/07/16
قطاع صحي مأزوم

تونس – دخل العاملون في المستشفيات الجامعية في تونس في إضراب عام الأربعاء وذلك للمطالبة بتحسين الأوضاع داخل القطاع الصحي المأزوم.

ونادى المحتجون بإعادة إصلاح المؤسسات التي تشكو عدة نقائص في الإمكانيات والوسائل، وتحسين جودة الخدمات، في ظل تواصل نزيف هجرة الأطباء وتفاقم مديونية المؤسسات.

وشمل الإضراب كامل الخدمات الصحية ما عدا حالات الطوارئ.

وأوضحت الكاتبة العامة للنقابة أحلام بلحاج، أنّ الإضراب أوقف العمل بالعيادات الخارجية وإجراء العمليات الجراحية بالمستشفيات الجامعية والتدريس بكليات الطب.

ويأتي الإضراب تنديدا بعدم إصلاح المنظومة الصحية ووضع حدّ لهجرة الأطباء إلى الخارج والقطاع الخاص وتواصل مديونية المؤسسات الصحية.

ولم ينجح الانتصار الذي حققته تونس ضد وباء كورونا في حجب تدهور القطاع الصحّي في البلاد والذي يشمل البنية التحتية والخدمات والأجهزة الاستشفائية، وتعمقت هذه الأزمة بعد ثورة يناير 2011 مع تعاقب حكومات أهملت الاعتناء بقطاع الصحة العمومية متعللة بالأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد.

ويرى مراقبون أن تدهور قطاع الصحة يعود أساسا إلى الأزمات الاقتصادية التي تمر بها البلاد، فيما تتهم أطراف حزبية حكومات تونس المتعاقبة بإغراق البلاد في دوامة اقتراض استهلاكية حالت دون تخصيص أموال للاستثمار في البنية التحتية الصحية.

سهيل العلويني: هناك ضرورة للقيام بمراجعة لمنظومة الصحّة في تونس
سهيل العلويني: هناك ضرورة للقيام بمراجعة لمنظومة الصحّة في تونس

وأكّد رئيس لجنة الصحّة السابق بالبرلمان والطبيب سهيل العلويني في تصريح لـ”العرب”، أنّ “إصلاح المنظومة الصحية في البلاد من الأولويات القصوى، بعدما تبين أنها تعاني تأخرا في الحوكمة”.

واعتبر العلويني أن “الاهتمام بصحة الشعب التونسي من السيادة الوطنية شأنها بقية وزارات السيادة كالدفاع الوطني، والداخلية، والشؤون الخارجية، والعدل، والمالية، فضلا عن ضرورة مراجعة شاملة لمنظومة الصحّة، وإعادة النظر في سياستها الطبية”.

وتوفر الصحّة التونسية سنويا مليون عملية جراحية و800 ألف إقامة في المستشفى، وتتكون شبكة المؤسسات الصحية من 29 مستشفى جامعيا و33 مستشفى جهويا و121 مستشفى محليا و2100 مركز لتقديم الخدمات الصحية الأساسية، وفق إحصائيات لوزارة الصحة.

ويعاني قطاع الصحة العام بتونس من تقادم البنية التحتية والتجهيزات وعزوف الأطباء المختصين عن العمل في المناطق الداخلية، وافتقار مستشفيات المناطق المهمشة، وهي مناطق داخلية تشمل الشمال الغربي والجنوب، إلى معدّات طبية حديثة.

وتحذر دائما تقارير رسمية ومنظماتية من هجرة الكفاءات والأدمغة حيث بلغ عدد الأطباء التونسيين العاملين في بلدان الاتحاد الأوروبي وأميركا الشمالية وأستراليا، أكثر من 3200 طبيب و1600 ممرّض.

 وتحوّلت موجة الهجرة إلى تهديد حقيقي لرأس المال البشري التونسي في القطاع الصحي حيث ارتفعت مغادرة الأطباء الجدد المسجلين في عمادة الأطباء إلى 460 طبيبا، فضلا عن 7 في المئة فقط من طلبة الطب يعودون إلى تونس بعد إنهاء دراساتهم في الخارج.

ضرورة مراجعة شاملة لمنظومة الصحّة
ضرورة مراجعة شاملة لمنظومة الصحّة

وتوجه انتقادات حادة لقطاع الصحة في تونس من قبل المواطنين بسبب تدني الخدمات وغياب التجهيزات والكوادر الطبية المتخصصة في المناطق الداخلية المهمشة.

وأظهرت دراسة، نُشرت سنة 2016، أن الوضعية التي آلت إليها المستشفيات “خسارة لأحد مكاسب” دولة الاستقلال. ووضعت تونس منذ استقلالها تطوير القطاع ضمن أولوياتها، لكن منذ التسعينات بدأت الخدمات العامة تتراجع.

ولفتت الدراسة إلى حالة “عدم مساواة” سواء لناحية حصول المواطنين على الخدمات الصحية أو استنادا إلى التوزيع الجغرافي للمستشفيات بين المناطق الساحلية والداخلية المهمّشة.

وفاقم عائق المديونية المتواصل مشاكل الصحة التونسية، حيث اقترضت السلطات في شهر أبريل الماضي 743 مليون دولار من صندوق النقد الدولي، الذي توقع انكماش الاقتصاد التونسي بنسبة 4.3 في المئة هذا العام، لمجابهة كوفيد – 19.

وتواجه البلاد التي تعتمد على السياحة في نحو 10 في المئة من دخلها كارثة اقتصادية هذا العام مع توقعات بأن تفقد تونس عائدات هذا القطاع بسبب قيود السفر وفرض إجراءات العزل العام.

4