إصلاح نظام الهجرة في بريطانيا: قيود جديدة وانتهاك لحقوق الإنسان

تعزيز مسارات الهجرة النظامية وتحسين سياسة دمج القادمين الجدد لتحقيق مكاسب لاقتصاد بريطانيا.
السبت 2023/08/12
الطرد يزيد حال المهاجرين سوءا

لندن - تعاني بريطانيا، مثل الكثير من الدول الغنية، من تدفق المهاجرين الفارين من الاضطهاد في بلدانهم أو الذين يبحثون عن حياة أفضل. وفي مواجهة ذلك، تبنت الحكومة مجموعة من القيود الجديدة لمنع طالبي اللجوء من دخول أراضيها.

وذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء في مقال افتتاحي أن مثل هذه السياسات قد تساعد رئيس الوزراء ريشي سوناك على الحفاظ على التأييد الذي يحظى به بين المحافظين الذين طالبوا بأن “يوقف القوارب (التي تقل المهاجرين)”. ومن المرجح أيضا أن تؤدي هذه السياسات إلى جعل المشكلة أكثر سوءا.

ويتمثل محور إستراتيجية الحكومة في قانون الهجرة غير النظامية، الذي يلزم وزير الداخلية البريطاني باحتجاز واستبعاد أي شخص يصل بدون تأشيرة، بما في ذلك ضحايا العبودية الحديثة. وسوف تتم إعادة المهاجرين إلى دولهم إذا رأت السلطات البريطانية أن الوضع فيها آمن بالنسبة إليهم، أو إلى دولة أخرى توافق على استقبالهم. وأمام أولئك المهاجرين أو اللاجئين الذين يواجهون خطر ضرر شديد بالنسبة إلى الدولة التي تقرر إرسالهم إليها أسبوع للاعتراض على عدم الموافقة على لجوئهم، على الرغم من أن الحكومة لا تقدم أي توجيه ولا تجري أي مقابلات.

والغريب هو أن الاعتراضات من جانب المهاجرين لأي أسباب أخرى يمكن أن تنظر فيها المحاكم فقط بعد إبعادهم. ويتم منع أولئك الذين يُكتشف أن طلبات لجوئهم غير مشروعة من دخول المملكة المتحدة مرة أخرى أو منحهم الجنسية.

oo

وذكرت بلومبرغ أن بريطانيا ليست الدولة الوحيدة تقريبا بالنسبة إلى محاولة إبعاد طالبي اللجوء. فالاتحاد الأوروبي يرتبط بعدد من اتفاقات العودة مع دول ثالثة، كما تطلب الولايات المتحدة من بعض طالبي اللجوء البقاء في المكسيك أثناء التعامل مع طلباتهم.

وقد حددت بريطانيا 57 دولة يمكن إعادة أي طالب لجوء إليها. ومع ذلك فإن الدولة الوحيدة التي وافقت على قبول إرسال أشخاص إليها هي رواندا، التي قضت محكمة الاستئناف البريطانية مؤخرا بأنها لا تعتبر دولة ثالثة آمنة وهي لا يمكن أن تستقبل سوى عدد ضئيل للغاية من بين عشرات الآلاف من المهاجرين المتوقع عبورهم القنال هذا العام فقط.

ويبدو أن الاقتراح الذي تم إحياؤه لإرسال طالبي اللجوء إلى جزيرة ذات صخور بركانية تسمى أسينسيون في جنوب الأطلسي هو مجرد حيلة سياسية؛ ومن المؤكد أن ذلك يثبت صعوبة تكليف دول أخرى بالتعامل مع الأمور المتعلقة باللاجئين.

وترى بلومبرغ أنه ما لم تقنع بريطانيا المزيد من الحكومات بقبول إعادة مواطنيها إليها -حيث هناك اتفاق مع ألبانيا وتردد أن هناك اتفاقا يجري التوصل إليه مع تركيا كجزء من اتفاق أوسع نطاقا لمحاربة تهريب البشر- من المرجح أن يؤدي قانون الهجرة الجديد إلى زيادة الضغط على مراكز احتجاز المهاجرين في البلاد. كما أن ذلك يحمل في طياته خطر تجاوز قدرة نظام التعامل مع طالبي اللجوء في المملكة المتحدة، الذي يعاني من عبء النظر في عدد لا حصر له من الحالات.

واعترفت وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافيرمان بأن القيود البريطانية الجديدة على طالبي اللجوء قد تنتهك اتفاقية حقوق الإنسان الأوروبية، ولكن هناك حاجة إلى إيجاد “حلول جذرية”. وتلك فكرة جذابة فقط إذا كانت الحلول أيضا فعالة وإنسانية.

y

وتضيف بلومبرغ أنه نظرا لفشل الحكومة البريطانية في وضع ضمانات ملائمة، فإنها ستفشل على الجبهتين، وهما زيادة أعداد المهاجرين المحتجزين في مراكز تسودها الفوضى ونقص الخدمات، وزيادة التكاليف على دافعي الضرائب، مع حرمان منح اللجوء لذوي الطلبات المشروعة. ولن يحل تجاهل اتفاق حقوق الإنسان، كما يطالب بعض المحافظين، هذه القضايا، ولكن من المرجح أن يزيد من صعوبة التعاون مع دول الاتحاد الأوروبي.

وذكرت بلومبرغ أنه يتعين أن تبدأ أي إستراتيجية هجرة فعالة بتقييمات أكثر سرعة لطلبات اللجوء والمزيد من المعاملة الإنسانية لمن ينتظرون القرارات، بما في ذلك السماح لطالبي اللجوء بالعمل إلى حين تسوية أوضاعهم.

ويتعين تخصيص المزيد من الموارد الدبلوماسية لتأمين اتفاقيات عودة المهاجرين مع دول ثالثة، وضمان التدقيق القضائي بالنسبة إلى أي اتفاقات خارجية أوسع نطاقا. وينبغي أن يتم هذا جنبا إلى جنب مع توفير مسارات موسعة للهجرة النظامية وسياسات أفضل لدمج قادمين جدد خاصة منهم الذين لديهم اختصاصات تحتاجها البلاد مثل الاختصاصات الصحية، مما سيحقق مكاسب للاقتصاد البريطاني.

وقالت بلومبرغ في نهاية مقالها، إن مثل هذا النهج لن يسفر عن نتائج إيجابية بين عشية وضحاها، ولكنه خطوة ضرورية نحو وضع نظام هجرة يعكس المعايير القانونية والأخلاقية التي تعتز بها بريطانيا.

Thumbnail
16