إصلاح القضاء الإسرائيلي يدخل مرحلة جديدة في الكنيست بعد تحصين نتنياهو

البرلمان يصادق بالقراءة الأولى على مشروع قانون يحد من صلاحيات المحكمة العليا وعلى تعديل "قانون الانفصال" الذي دعت السلطة الفلسطينية.
الثلاثاء 2023/03/14
معارضون يقيدون أنفسهم بسلاسل من حديد

القدس - أقر البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) اليوم الثلاثاء في قراءة أولى بند الاستثناء الذي يمنح النواب سلطة تجاوز قرارات المحكمة العليا ويعيق قدرتها على إبطال تشريعات، ضمن مشروع إصلاح النظام القضائي المثير للجدل، كما صادق على تعديل "قانون الانفصال" الذي مهد الطريق لإخلاء أربع مستوطنات شمالي الضفة الغربية.

وتسبب مشروع القانون باحتجاجات وتظاهرات يشارك فيها الآلاف منذ أكثر من شهرين، إذ يرى معارضوه أنه يضع النظام الديموقراطي في إسرائيل في دائرة الخطر.

والثلاثاء، قيد عدد من المتظاهرين أنفسهم بسلاسل حديد واعتصموا عند مدخل مجمع الوزارات الحكومية في القدس وعرقلوا وصول الموظفين إلى مكاتبهم لفترة وجيزة.

وطالب المعتصمون الذين أوقفت الشرطة عشرة منهم بـ"بدء العمل باتجاه الديموقراطية".

وأقر البند فجر الثلاثاء بتأييد غالبية 61 صوتا في مقابل معارضة 52، ويبقى إقراره ليصبح قانونا نافذا رهن موافقة لجنة خاصة قبل التصويت عليه بقراءتين ثانية وثالثة.

وسيحد بند الاستثناء من قدرة المحكمة العليا على إلغاء تشريعات تعتبرها مخالفة للقوانين الأساسية للدولة العبرية التي تعد بمثابة الدستور، بفرضه غالبية 12 من أصل 15 قاضيا لأي قرار بهذا الخصوص.

ويقترح الإصلاح القضائي أيضا السماح للبرلمان بإلغاء قرارات المحكمة العليا المتعلقة بإبطال تشريعات ما يعني حرمان المحكمة من حقها في مراجعة إجراءات كهذه.

وفي السياق ذاته، صادق الكنيست مساء الاثنين بالقراءة الأولى على اقتراح تعديل قانون خطة الانفصال.

وما زال يتعين التصويت على مشروع القرار بقراءتين ثانية وثالثة حتى يصبح قانونا نافذا.

ومشروع القانون المثير للجدل يلغي أقساما من قانون فك الارتباط 2005 الذي مهد الطريق لإخلاء أربع مستوطنات في شمالي الضفة الغربية.

وبذلك فإنه حال إقراره، سيلغي قرار الانفصال عن مستوطنات "حوميش" و"غانيم" و"كاديم" و"سانور" التي تم تفكيكها في 2005 ضمن خطة الانفصال عن غزة بالعام نفسه.

وسيلغي مشروع القانون فقرات قانون فك الارتباط التي تحظر على الإسرائيليين العيش في المنطقة التي كانت توجد فيها تلك المستوطنات في شمالي الضفة الغربية.

ودانت وزارة الخارجية الفلسطينية، اليوم الثلاثاء، مصادقة الكنيست الإسرائيلي بالقراءة الأولى على مشروع قانون تعديل قانون خطة الانفصال، "كخطوة أساسية على طريق شرعنة العديد من البؤر العشوائية الواقعة في شمال الضفة الغربية".

وقالت في بيان، إن ذلك يمهد لعودة المستوطنين إليها والبناء فيها بما يؤدي إلى نهب المزيد من الأراضي الفلسطينية وتعميق الاستيطان.

واعتبرت أن "المضي في إقرار هذا التشريع يعد تصعيدا خطيرا في الأوضاع على ساحة الصراع، واستخفافا بالجهود المبذولة لخفض التوتر وتحقيق التهدئة".

وطالبت الخارجية الفلسطينية المجتمع الدولي والإدارة الأميركية بممارسة "ضغط حقيقي على الحكومة الإسرائيلية لوقف هذا العبث والتخريب الإسرائيلي الرسمي في ساحة الصراع".

وقالت إن "افلات إسرائيل المستمر من العقاب يدفعها لتصعيد خطواتها وإجراءاتها أحادية الجانب غير القانونية".

الخارجية الفلسطينية تدعو إلى إلغاء قانون الانفصال
غضب فلسطييني بسبب تعديل قانون خطة الانفصال

ويعد مشروع القانون عنصرا حيويا في هدف الحكومة لإضفاء الشرعية على البؤرة الاستيطانية غير القانونية في حوميش، والتي حاول نشطاء المستوطنين مرارا إعادة بنائها، وفق ما أفاد موقع "تايمز أوف إسرائيل" الإخباري، الثلاثاء.

وأضاف "يقول مراقبون ومعارضون لمشروع القانون إنه سيُستخدم لتوسيع النشاط الاستيطاني في المنطقة بشكل عام، وسيؤدي إلى ضم فعلي لأجزاء كبيرة من الضفة الغربية".

وتتشكل الحكومة الإسرائيلية الحالية من أحزاب داعمة للاستيطان في الضفة الغربية، وقد صعدت من النشاطات الاستيطانية.

والأسبوع الماضي، أقر البرلمان في قراءة أولى مشروع قانون آخر يقلص إلى حد كبير إمكانية اعتبار رئيس الحكومة عاجزا عن تأدية وظيفته.

وعرض مشروع القانون في مطلع يناير من جانب الحكومة التي شكلها رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو في نهاية ديسمبر والتي تُعتبر أكثر الحكومات يمينية في تاريخ إسرائيل.

ويتوالى منذ ذلك الوقت خروج التظاهرات كل أسبوع في كل أنحاء البلاد للتنديد بما يعتبره منتقدو الإصلاح أنه انحراف مناهض للديموقراطية.

ويعلل المنتقدون معارضتهم إلى كون الإصلاحات تهدف إلى منح السياسيين مزيدا من السلطة على حساب القضاء، وحماية نتانياهو الذي يواجه محاكمة بتهم تتعلق بالفساد.

لكن رئيس الوزراء ووزير العدل يؤكدان على ضرورة إجراء الإصلاحات كونها ستعيد توازن القوى بين السياسيين المنتخبين والقضاة غير المنتخبين في المحكمة العليا.

من جانبه، حاول الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ التوسط في الحوارات بين الحكومة والمعارضة.

وقال الإثنين إنه يكرس جهوده لـ "تسهيل الاتفاقات" محذرا من "أزمة دستورية واجتماعية".

ورأى هرتسوغ أن الأزمة يمكن أن تفضي أيضا إلى أزمات "دبلوماسية وسيكون لها تداعيات اقتصادية وأمنية".

والمعارضة بزعامة رئيس الوزراء السابق يائير لابيد رفضت بدء حوار طالما لم يتم تجميد مناقشات مشاريع قوانين الإصلاح بالكامل.

الإثنين، التقى لابيد رؤساء ثلاثة أحزاب معارضة أخرى وأصدروا بدورهم بيانا مشتركا نص على عزمهم مقاطعة التصويت النهائي على مشاريع قوانين الإصلاح القانوني في حال وصلوا إلى التصويت بالقراءة الثالثة.

ولم يحضر الاجتماع رئيسا حزبي المعارضة العربية.

وضمن محاولات احتواء الأزمة، قدم باحثون إسرائيليون بارزون الإثنين للبرلمان تسوية توفيقية تهدف إلى "منع الفوضى الدستورية".