إسلاميو الجزائر يسوّقون خطابا واهما للاستحواذ على البرلمان والحكومة

الجزائر - باشر قادة أحزاب إخوانية في الجزائر في تسويق خطاب يعكس تفاؤل هؤلاء بشأن موقعهم في المشهد السياسي القادم، وطموحهم لافتكاك أغلبية البرلمان القادم مما سيمكنها من الاستحواذ على الحكومة القادمة، حتى وإن تعلق الأمر بأوهام ووعود مستحيلة التنفيذ، في ظل استبعاد المسألة وهو ما يدركه الإسلاميون أنفسهم، لاسيما وأن المناخ الداخلي والإقليمي لا يسمح بتصدر الإسلاميين للمشهد أو افتكاك الحكومة في الجزائر.
وتعهد رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، بإعلان حوار سياسي شامل وإطلاق سراح جميع معتقلي الرأي، إذا حازت ” حمس ” على الأغلبية في الانتخابات التشريعية القادمة، وتمكنت من تشكيل حكومتها، وهو ما يترجم طموحات أكبر الأحزاب الإخوانية في استغلال الوضع السياسي القائم لتصدر المشهد.
ورغم أن التعهد لا يقنع حتى قيادات في الحركة نفسها، قياسا بالمناخ الداخلي والخارجي الذي لا يسمح بعودة الطيف الإخواني إلى الواجهة، خاصة بعد التجربتين التونسية والمصرية، التي فتحت البلدين على أزمتين لم يخرج منها البلدان المذكوران منذ العام 2011، إلا أن مقري يحاول مغازلة التيار السياسي والشعبي المعارض للاستحقاق الانتخابي المنتظر.
وبدت وعود الرجل الأول في الحركة سخية مع سكان محافظة ورقلة ( عاصمة النفط الجزائري )، في أول أيام الحملة الانتخابية التي انطلقت الخميس، حيث تعهد أمام أنصاره في محافظة تعيش على رمال متحركة بسبب اضطرابات التشغيل والخدمات، بإنجاز ” خمس مستشفيات حكومية كبرى ومطار دولي بحجم مطار دبي أو اسطمبول “.
أما غريمه في نفس التيار عبد القادر بن قرينة، المتماهي مع خيارات السلطة منذ الانتخابات الرئاسية التي جرت في ديسمبر 2020، فلا زال بصدد الفرز بين ما أسماه بـ ” الحراك الشعبي الأصيل والمبارك، وبين الحراك المؤدلج والمختطف “، في تلميح إلى إرادة السلطة في الالتفاف على انتفاضة الشارع الجزائري، وتسويقها في قوالب تخدم مزاجها وتصوراتها.
وهو الذي كان قد دخل في سجال مع القوى الحراكية المواصلة لنشاطها الاحتجاجي، بسبب انخراطه في حملة مناهضة لها، واعتبرها في تصريحات مختلفة على أن ” المسيرات المتجددة منذ فبراير الماضي، هي نتيجة لمؤامرات خارجية تريد المساس بأمن واستقرار البلاد، ولا تمت بصلة للحراك الأصيل الذي حقق مطالبه“.
وصرح بن قرينة، في أول يوم من الحملة الانتخابية، بأن ” مشاكل الجزائر أكبر من أن يحلها فصيل سياسي أو حزب معين، وإنما تُحل بمشاركة جميع أبنائها، وأننا اخترنا الرواق الآمن الدستوري الذي يضمن للشعب حريته في اختيار ممثليه حاملين لتطلعات شباب الحراك الأصيل وليس الحراك المؤدلج المختطف“.
وأكد أمام أنصاره في محافظة بسكرة بجنوب البلاد، بأن ” حركة البناء الوطني هي حاضنة للشعب وأمل للمواطن لتحقيق أهدافه وآماله وتطلعاته بعيدا عن مبدأ المغالبة، فنحن نطمح رفقة شعبنا لتحقيق الأمن الغذائي والطاقوي وتمتين الجبهة الداخلية والنسيج المجتمعي “.
أما عبد الرزاق مقري، فقد استل سيوفه لمهاجمة رموز المرحلة السياسية السابقة، التي شاركت فيها حركته منذ العام 1999 إلى غاية 2011، وذكر بأن من ” حكموا البلاد في الفترة السابقة لا يملكون الكفاءة في التسيير، وأنه لا مناص من محاسبة اللصوص وعديمي الكفاءة “.
وسبق لـ"حمس"، أن شاركت في مختلف حكومات الرئيس السابق بعدد من الوزراء والمسؤولين في مختلف المؤسسات الرسمية، وكانت من ضمن التحالف الحزبي المؤيد للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، إلى جانب كل من جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي.
وتعهد المتحدث أمام أنصاره، بـ “جعل محافظة ورقلة مدينة متطورة ومتقدمة بمستشفياتها ومطاراتها والطرق السريعة والسكك الحديدية، إذا تحصلت على الأغلبية النيابية في الانتخابات وتمكنت من تشكيل حكومتها“.
وحمل السلطات المحلية والمركزية مسؤولية الأوضاع الاجتماعية والخدماتية في جنوب البلاد، خاصة فيما يتعلق بالتشغيل والصحة والتعليم.
وكان الرجل قد انتقد المعارضين للانتخابات ودعاة المقاطعة، بالقول: ” عدم مشاركة الشعب في الانتخابات تخدم الاستبداد، لأن الأشخاص الممسكين للحكم يفضلون أن لا يصوت الشعب كما أنهم يريدون حواضن اجتماعية قليلة تشارك في الانتخابات “.
وتابع: ” يريدون إخراج الناس الذين يريدون التغيير من الفعل الانتخابي، لكي تكون أحزابهم هي الوحيدة التي تنجح في الانتخابات بدون الاضطرار إلى اللجوء إلى التزوير، ضمانا لتداول سلمي على السلطة لأحزابهم بدون الإضطرار إلى اللجوء للتزوير”.
ولفت إلى أنه ” ليس لأحد الحق بأن يمنع الناس من التصويت، لديه الحق بأن لا يصوت ولكن لا يمكن أن تمنع الناس وتخونهم وأن تتهجم عليهم، هذه ليست ديمقراطية “.
ولم يتوان في توجيه الاتهام إلى مؤسسات رسمية دون أن يسميها، بتزوير الانتخابات السابقة لصالح جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، وأن مشاركة حمس في الانتخابات هي من أجل تحريك الحاضنة الاجتماعية والشعب الجزائري بالإضافة إلى المناضلين لمنع التزوير، وكي تكون الانتخابات فرصة لبروز حكومة وحدة وطنية.