إسرائيل تعيد ملء بحيرة طبريا لتزويد الأردن بالمياه

القدس - عندما تُفتح البوابات يندفع سيل من المياه إلى قاع نهر جاف ليملأ بحيرة طبريا حتى شواطئها، وهي بحيرة مذكورة في الإنجيل وتقع في شمال إسرائيل، أذهب ماءها الجفاف والتعداد السكاني المتزايد حولها.
وهذه المياه جارية وعذبة وباهظة الثمن. وهي مياه تمت تحليتها من مياه البحر الأبيض المتوسط ونُقلت عبر البلاد حيث تنتظر أمر إعادة ملء البحيرة إذا بدأ منسوبها في التناقص مجددا.
وستسمح هذه الشبكة الجديدة أيضا لإسرائيل بمضاعفة المياه التي تبيعها إلى الأردن المجاور بموجب اتفاق المياه مقابل الطاقة، وهو اتفاق أشمل أُبرم في إطار علاقة قائمة لكنها شائكة في الكثير من الأحيان.
200
مليون متر مكعب من المياه سيقع توجيهها إلى الأردن وهي الكمية نفسها التي تستهلكها المدن الخمس الأكبر في إسرائيل مجتمعة
وبحيرة طبريا، التي يعتقد المسيحيون أن السيد المسيح مشى فوق مياهها، هي خزان إسرائيل الرئيسي ومعلم جذب سياحي كبير. وتعج الشواطئ التي تحيطها التلال الخصبة بالفنادق ومواقع الخيام. وتغذي البحيرة نهر الأردن الذي يتدفق نحو البحر الميت جنوبا.
وبعد موجات الحر أو الأمطار القوية، يتصدر مستوى المياه في البحيرة عناوين الأخبار في البلاد. وكانت أجراس إنذار تدق بشكل منتظم في العقد الماضي عقب موجات جفاف ممتد وانحسار المياه عن الشواطئ.
ولذلك بنت إسرائيل سلسلة من محطات تحلية المياه بطول ساحلها المطل على البحر المتوسط مما يضعها في وضع غير متوقع تتمتع فيه بفائض من المياه، وهو وضع ممتاز في منطقة قاحلة شديدة التأثر بتغير المناخ.
وقال يوآف بركاي الذي يدير منظومة النقل الوطني للمياه بشركة ميكوروت، وهي شركة المياه المملوكة للدولة، “كل المياه الإضافية التي تنتجها (المحطات) سنتمكن من نقلها عبر المنظومة الوطنية لنقل المياه إلى الشمال، وإدخالها في بحيرة طبريا”. وأضاف “بهذه البيئة من التغيرات المناخية، لا يعلم المرء ما يتوقعه للعام المقبل والعام الذي بعده… لم نعد نعتمد على الأمطار مبدئيا في إمدادات المياه”.
وقال بركاي إن منظومة إعادة الملء ربما تُستخدم بشكل أكبر مع زيادة صادرات المياه إلى الأردن. ويمكن لتلك المنظومة رفع مستوى مياه البحيرة نصف متر في كل عام.
وكانت المياه مكونا رئيسيا في معاهدة السلام التي وقعها الجاران في 1994. وتمثل الاتفاق في أن تمد إسرائيل الأردن بخمسين مليون متر مكعب من مياه الشرب سنويا. وتضاعف ذلك الرقم في أواخر عام 2021.
والبلدان مشاركان فعالان في الاتفاق، حتى مع تبادل الاتهامات بمفاقمة عجز المياه الأشمل من خلال إدارة الأنهار المشتركة.
ويتبادل المسؤولون الأردنيون والإسرائيليون الاتهامات حول مستويات مياه النهر والخزانات والتقدم المحرز في خطة منفصلة لتحلية مياه البحر الأحمر في جنوب البلدين، وجميعها قضايا يُحتمل أن تكون مشحونة بشدة في منطقة يسودها التوتر وتندر فيها المياه. ولكن هناك تقدما تم إحرازه.
ومنذ نحو عام وافقت إسرائيل والأردن على الشراكة في مشروع يبني فيه الأردن قدرة على توليد طاقة شمسية تبلغ 600 ميغاوات لتصديرها إلى إسرائيل في مقابل إمدادات إضافية من المياه.

وقال وزير المياه والري الأردني محمد النجار حينئذ إن تغير المناخ وتدفق اللاجئين زادا تحديات المياه في الأردن، ولكن ثمة فرصا للتعاون الإقليمي لحلها.
وقال مسؤولون بقطاع الصناعة إن الإنشاءات جارية الآن في خط أنابيب لمضاعفة كمية المياه المنقولة إلى الأردن مجددا. ويعني ذلك إمداد الأردن بنحو 200 مليون متر مكعب من المياه، وهي الكمية نفسها التي تستهلكها المدن الخمس الأكبر في إسرائيل مجتمعة.
ومنظومة نقل المياه الوطنية خاوية في اللحظة الراهنة، وتخضع لإصلاحات وتحديثات موسمية. وفي إحدى الوصلات في شمال إسرائيل، يعمل المهندسون على إنشاء أنبوب أضخم يمكن الوقوف داخله.
ويضيفون خطا جديدا يضخ المياه إلى مدينة بيسان ومن هناك إلى حدود الأردن شرقا. وتأمل شركة ميكوروت إكماله في 2026.
وتقول الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، التي تتشارك مع الأردن في مسألة الأمن المائي، “إنه أحد أكثر البلدان تعرضا لندرة المياه في العالم، إذ تلبي إمدادات المياه المتجددة نحو ثلثي حجم الطلب وتُستخدم المياه الجوفية بمعدل أسرع بمقدار المثلين عن قدرتها على التجدد”.