إسرائيل تعتمد قوة الردع لمواجهة الهجمات الفلسطينية

استمرار عمليات الاغتيال تنذر بتصعيد خطير بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل.
الأحد 2022/04/03
تحركات استباقية للهجمات

رام الله- في ساعة مبكرة من فجر السبت قتلت قوة إسرائيلية 3 فلسطينيين بالقرب من مدينة جنين شمالي الضفة الغربية، وهو ما اعتبره خبراء جزءا من استراتيجية إسرائيلية تقوم على فرض “قوة الردع” لاستباق الهجمات الفلسطينية المتزايدة.

ورأى الخبراء أن عملية الاغتيال الأخيرة، وما سبقها من عمليات بالضفة الغربية تحمل رسائل للمجتمع الإسرائيلي، وللفلسطينيين على حد سواء، محذرين من تصعيد لا تحمد عقباه.

وفجر السبت قالت الشرطة الإسرائيلية في بيان إن قوات الأمن قتلت ثلاثة مسلحين من حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية في تبادل لإطلاق النار بالضفة الغربية، ليرتفع عدد من قتلتهم إسرائيل منذ مارس الماضي إلى 16، ومنذ بداية 2022 إلى 27، بينما بلغ عدد الإسرائيليين الذين قتلوا في هجمات وعمليات نفذها فلسطينيون منذ مارس الماضي 11، آخرهم مقتل خمسة أشخاص خلال عملية إطلاق نار في مدينة بني براك الإسرائيلية الثلاثاء الماضي.

أمجد أبوالعز: إسرائيل لفترة غضت البصر عن السلاح في الضفة الغربية غير أنه بات اليوم يهدد أمنها

ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت جهاد حرب في عمليات الاغتيال الأخيرة “رسائل تريد إسرائيل منها القول إن أي عمل فلسطيني مقاوم سيكون تحت القوة الإسرائيلية في أي وقت وأي مكان”. وقال حرب في تصريح لـ”الأناضول” إن “إسرائيل تريد القول إنه لا حدود لاستخدام القوة”.

وذكر حرب أن الحكومة الإسرائيلية تريد أن تبعث برسالتين أولاهما للمجتمع الإسرائيلي بأنها قادرة على حمايته بعد تعرضه لعدة هجمات مؤخرا، وأن قوتها لا حدود لها وتستطيع أن تصل إلى أي مكان، ولمن يهددها.

وأما الرسالة الثانية، بحسب حرب، فهي للمجتمع الفلسطيني “ستدفعون الثمن عن أي عمل يستهدف إسرائيل”.

من جانبه اعتبر أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأميركية في جنين أمجد أبوالعز أن العمليات الأخيرة محاولة إسرائيلية لتصفية المقاومة الفلسطينية من خلال “سياسة الاغتيال المميت”.

وقال إن “صورة إسرائيل بعد سلسلة من العمليات استهدفتها باتت مهزوزة أمام مجتمعها، لذلك تستخدم قوة الردع لتوفير الأمن لمواطنيها”.

وقتلت القوات الإسرائيلية السبت 3 فلسطينيين من حركة الجهاد الإسلامي خلال عملية في الضفة الغربية المحتلة وسط تصعيد شهدته الأيام الماضية في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل. وجرت العملية التي أدت إلى إصابة أربعة جنود في اليوم الأول من شهر رمضان في الأراضي الفلسطينية.

وأوضحت الشرطة الإسرائيلية في بيان أن وحدة خاصة في مكافحة الإرهاب كانت في عملية في المنطقة “تلقت معلومات عن خلية إرهابية في طريقها لشن هجوم وأوقفت السيارة التي كانوا فيها بين جنين وطولكرم”.

وأضافت الشرطة أن الناشطين الثلاثة فتحوا النار عندما حاول الجنود توقيفهم قرب جنين وحصل تبادل لإطلاق النار أدى إلى مقتل الناشطين الفلسطينيين الثلاثة وإصابة أربعة جنود.

وترى السلطات الإسرائيلية في انتشار ظاهرة السلاح في شمالي الضفة الغربية وفي جنين خاصة، تهديدا لأمنها، بحسب أبوالعز.

وأضاف “إسرائيل لفترة غضت البصر عن السلاح في الضفة الغربية غير أنه بات اليوم يهدد أمنها، لذلك تريد تصفية أي قيادات عسكرية وخاصة نشطاء حركة الجهاد الإسلامي في جنين، في ظل عدم قدرة الأمن الفلسطيني على التعامل مع بعض التجمعات السكانية وسحب السلاح”.

◄ الحكومة تبعث برسالتين أولاهما للمجتمع الإسرائيلي بأنها قادرة على حمايته، والثانية للفلسطينيين أن قوتها لا حدود لها

وأشار أبوالعز إلى أن السلطات الإسرائيلية تستثمر الانشغال الدولي في الحرب الروسية – الأوكرانية، وتعمل على تصفية النشطاء الفلسطينيين.

ولم يستبعد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأميركية تطور التصعيد في الأراضي الفلسطينية ليصل إلى مواجهة أشمل تشارك فيها كافة الفصائل الفلسطينية بما فيها حركة “فتح” التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وقال “إسرائيل قد تستثمر تفجير الأوضاع لفرض أجندات”.

من جهته، يرى مدير مركز يبوس للدراسات سليمان بشارات في استمرار عمليات الاغتيال “الذهاب نحو مواجهة أوسع بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل”.

وقال إن “السؤال ما هو شكل المواجهة مع استمرار عمليات الاغتيال؟ وهل الفصائل الفلسطينية لديها بنية تحتية ونواة جديدة للمقاومة؟”.

وبيّن أن “الأجواء في الضفة الغربية تشير إلى أننا ذاهبون نحو مواجهة، نتاج عمليات الاغتيال والاعتقالات والتهويد والاستيطان، ومدى انعكاس هذه السياسية على الحالة المجتمعية الفلسطينية، والذي يشكل الشباب نموذجا له”.

في المقابل اعتبر بشارات أن “إسرائيل تهدف من خلال عملياتها إلى ردم أي جيوب للمقاومة في الضفة الغربية، ووأدها بشكل كامل، ولن يكون ذلك بحسب رؤيتها إلا بالاغتيال”.

سليمان بشارات: إسرائيل تهدف من خلال عملياتها إلى ردم أي جيوب للمقاومة في الضفة الغربية

ومنذ الثاني والعشرين مارس قُتل 11 شخصًا في هجمات ضد إسرائيل، نفذ بعضها مهاجمون على صلة بتنظيم الدولة الإسلامية. ونشر الجيش الإسرائيلي منذ ذلك الحين تعزيزات في الضفة الغربية وضاعف الاعتقالات، لاسيما ضمن عائلة منفذ الهجوم الفلسطيني في تل أبيب.

وخلال زيارة إلى الضفة الغربية الجمعة، قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوهافي “سنواصل التحرك بكل السبل الممكنة لوقف الهجمات. إنها مهمتنا”.

بدوره أعلن وزير الدفاع بيني غانتس بعد لقائه الجمعة في الضفة الغربية مسؤولين عسكريين أن القوات الإسرائيلية ستواصل “تنفيذ توقيفات وعمليات دفاعية وهجمات، وسنلقي القبض على من يسعون لإلحاق الأذى بمواطني إسرائيل”.

واعتبر الكاتب الصحافي الفلسطيني نواف العامر في العمليات الأخيرة محاولة إسرائيلية لاستباق الأحداث. وقال “يبدو أن إسرائيل باتت على قناعة أن عمليات الاعتقال لن تكون رادعة للجيل الفلسطيني الجديد الذي يتصدر المقاومة والمواجهة لذلك تستبق الأحداث وتذهب إلى الاغتيال”.

وأضاف “إسرائيل تفرض وقائع على الأرض من خلال عمليات الاستيطان والتهويد، والأمر يتطلب تفريغ الساحة الفلسطينية من أي مقاومة، لذلك تذهب إلى سياسة الاغتيال”.ولفت إلى أن إسرائيل ترى في جنين حاضنة المقاومة الفلسطينية، لذلك يتم التركيز على عمليات الاغتيال فيها.

وتوقع تطور الأحداث في حال استمرار الاحتلال في سياسة الاغتيالات، إذا لم يجد من يلجم سياساته. وفي ذلك قال “بدأت تخرج رسائل من فصائل المقاومة تهدد إسرائيل، ومن أبرزها حركتا الجهاد الإسلامي وحماس”.

4