إسرائيل تحدّث جيشها وعينها على إيران

يؤشر تحديث الجيش الإسرائيلي للمعدات اللوجستية الهجومية والدفاعية على جدية تل أبيب في الاستعداد لضربة جوية للمنشآت النووية الإيرانية. وتعارض إسرائيل إحياء الاتفاق النووي مع إيران وتؤكد أنها تحتفظ بخيارات الرد على ذلك.
القدس - وقعت إسرائيل أمر شراء قيمته 927 مليون دولار لحيازة أربع طائرات بوينغ كي.سي 46 – إيه للتزود بالوقود لسلاحها الجوي، ومن المقرر أن تبدأ عمليات التسليم في عام 2025.
وستحل الطائرات محل طائرات بوينغ 707 متعددة الاستخدامات التي يعود عمرها إلى عشرات السنين وتستخدمها إسرائيل حاليا للتزود بالوقود في الجو. ومن شأن الطائرات الجديدة أن تساعد إسرائيل في إظهار جديتها بشأن احتمال توجيه ضربة، تهدد بها منذ فترة طويلة، إلى المنشآت النووية الإيرانية.
وشكر وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) على ما وصفه بـ”موافقتها السريعة على صفقة شراء الطائرات كي.سي46 – إيه” والتي قال إنها "ستمكن جيش الدفاع الإسرائيلي من مواجهة التحديات الأمنية القريبة منها والبعيدة".
وفي عام 2020، وافقت وزارة الخارجية الأميركية على صفقة بيع محتملة لما يصل إلى ثماني طائرات بوينغ كي.سي 46 – إيه والمعدات ذات الصلة لإسرائيل بتكلفة إجمالية تقدر بنحو 2.4 مليار دولار. ودعت إسرائيل إلى تقديم مواعيد التسليم إن أمكن.
وكانت إسرائيل قد رحبت بانسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي الإيراني المبرم في عام 2015 والذي اعتبرته غير كاف لحرمان خصمها اللدود من وسائل صنع قنبلة نووية. ومع محاولة الإدارة الأميركية الحالية والقوى العالمية الأخرى إعادة إحياء الاتفاق، أشارت إسرائيل إلى أنها قد تلجأ في النهاية إلى عمل استباقي.
◙ من شأن الطائرات الجديدة أن تساعد إسرائيل في توجيه ضربة تهدد بها منذ فترة طويلة للمنشآت النووية الإيرانية
ومع ذلك، يعتقد خبراء مستقلون أن المواقع النووية الإيرانية بعيدة جدا عن متناول المقاتلات الإسرائيلية، وتقع في مناطق متفرقة ومتناثرة كما أنها محصنة على نحو يصعب على إسرائيل معه إلحاق أضرار دائمة بها. وتنفي إيران أنها تسعى إلى امتلاك أسلحة نووية.
وقال سلاح الجو الإسرائيلي إن طائراته من طراز بوينغ 707 يزيد عمرها عن 45 عاما وتعاني من ندرة قطع غيارها. وجاء في مقال نشر في دورية تابعة لسلاح الجو في مارس 2021 أن الطائرات كي.سي 46 – إيه ستكون قادرة على حمل وقود أكثر 30 في المئة مع استهلاك وقود أقل بالنسبة نفسها. ونقل المقال عن ضابط في سلاح الجو قوله “هذا سيمكننا من تعزيز مدى رحلاتنا بشكل كبير".
وأضاف "أيضا، يمكن لهذه الطائرات تزويد طائرات أخرى بالوقود في أثناء إعادة تزويدها هي بالوقود في آن واحد بواسطة طائرة كي.سي 46 – إيه أخرى، وهي قدرة لا تمتلكها (طائرة التزود بالوقود بوينغ 707). وهذا يوسع نظريا مداها إلى ما لا نهاية".
وفي وقت سابق، قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن سلاح الجو الإسرائيلي طوّر طائرات إف – 35 لتكون قادرة على ضرب أهداف إيرانية، فيما تخيّر تل أبيب الدبلوماسية لردع برنامج طهران النووي، لكن الخيار العسكري مطروح بقوة أيضا.
وذكرت صحيفة جيروزاليم بوست “في مواجهة تطوير إيران المستمر لقدراتها النووية طوّر سلاح الجو الإسرائيلي قدرة جديدة تُمكّن طائراتها المقاتلة من طراز إف – 35 من الطيران من إسرائيل إلى إيران دون الحاجة إلى التزود بالوقود في الجو".
وأضافت "يعتبر هذا التطوّر دفعة لقدرات سلاح الجو الإسرائيلي، ويأتي في الوقت الذي زاد فيه الجيش الإسرائيلي استعداداته لضربة مستقبلية ضد القدرات النووية الإيرانية".
ولم تدلِ الصحيفة بتفاصيل عن التطوير الجديد للطائرة التي استلمت إسرائيل خلال السنوات الأخيرة العشرات منها. وحتى الآن لم تسمح الولايات المتحدة ببيع هذا النوع من الطائرات لأي دولة في الشرق الأوسط ما عدا إسرائيل.
وأشارت الصحيفة إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي قام مؤخرًا بدمج قنبلة جديدة تزن طنًا واحدًا في ترسانة الأسلحة التي تستخدمها طائرات إف – 35 والتي يُمكن حملها داخل مقصورة الأسلحة الداخلية للطائرة دون تعريض رادارها المتخفي للخطر. وقالت “يقال إن القنبلة التي صنعتها شركة رفائيل للأنظمة المسلحة المتطورة (إسرائيلية مدعومة من الحكومة) مستقلة ومحمية ضد التشويش وأنظمة الحرب الإلكترونية".
◙ إسرائيل حذرت مرارا من أنها لن تسمح لإيران بامتلاك الأسلحة النووية حتى لو استدعى ذلك استخدام القوة العسكرية
وأضافت “تم استخدام القنبلة مؤخرًا في سلسلة من اختبارات سلاح الجو الإسرائيلي، وقدمت نتائجها إلى وزير الدفاع بيني غانتس”، دون ذكر المزيد من التفاصيل. وتابعت “أجرى سلاح الجو الإسرائيلي أربعة تدريبات واسعة النطاق لمحاكاة الهجمات ضد إيران خلال الشهر الماضي".
وتضمن التمرين الأول مواجهة أنظمة الرادار والكشف الإيرانية، مثل تلك التي تحمي منشآتها النووية. وتضمن الثاني محاكاة للرحلات القتالية بعيدة المدى، وتضمنت التدريبات الأخرى تدابير دفاعية ضد الأسلحة السيبرانية وأنظمة الحرب الإلكترونية، وهي وسائل يمكن أن تستخدمها إيران لتقويض عملية عسكرية إسرائيلية. وكانت إسرائيل قد حذرت مرارا من أنها "لن تسمح لإيران بامتلاك الأسلحة النووية، حتى لو استدعى ذلك استخدام القوة العسكرية".
ومنذ انسحاب واشنطن من الاتفاق عززت إيران التي تقول إن أنشطتها النووية سلمية تخصيب اليورانيوم، وهي عملية يمكن أن تنتج وقودا للقنابل. وأعطى الجيش الإسرائيلي الذي يملك إمكانات متقدمة مؤشرات على قدرته على الوصول إلى مناطق إستراتيجية من خلال الإعلان عن تدريبات على ضربات جوية في البحر المتوسط ونشر غواصة عسكرية في البحر الأحمر.
لكن بعض المحللين الأمنيين يتساءلون عما إذا كانت إسرائيل تمتلك قدرات عسكرية تمكنها من إلحاق ضرر دائم بمواقع تبعد عنها بُعد المنشآت النووية المتفرقة والمحمية بدفاعات قوية تمتلكها طهران، أو ما إذا كان بوسعها مواجهة قتال متعدد الجبهات مع القوات الإيرانية وجماعات مسلحة متحالفة معها يمكن أن يلي أي خطوة عدائية من جانبها.
وكشفت تقارير إعلامية إسرائيلية أن إيران اتخذت مؤخرا عدة خطوات قد تسمح لها بأن تختصر بشكل كبير الوقت الذي سيستغرقه تطوير سلاح نووي، إذا قرر النظام الاندفاع إليه، رغم انخراطها في التفاوض على اتفاق نووي جديد.
وأشارت التقارير إلى أن تحركات إيران الأخيرة، بما في ذلك تكديس اليورانيوم المخصب منخفض الدرجة، وتركيب أجهزة طرد مركزي متطورة، وتوسيع العديد من المنشآت النووية، ومتابعة تخصيب اليورانيوم إلى مستوى 20 في المئة، ومؤخرا الإعلان عن خطط لإنتاج معدن اليورانيوم لوقود المفاعل، تعني أن توجّه إيران نحو الأصول النووية آخذ في الازدياد.