إستراتيجية ثلاثية المحاور للقضاء على فايروسات التهاب الكبد

تقديم اللقاحات وتثبيط نشاط الفايروس عن طريق الأدوية ومنع انتقاله من الأمهات إلى الأطفال.
الاثنين 2023/07/31
التهابات الكبد تتسبب سنويا في وفاة أكثر من مليون شخص

يؤكد خبراء الصحة أن فايروسات التهاب الكبد تُعد السبب الرئيسي السابع للوفاة في جميع أنحاء العالم، مشيرين إلى أهمية إجراء الفحوصات اللازمة في الكشف المبكر عن المرض. وللقضاء على مرض التهاب الكبد يقترح الخبراء إتباع إستراتيجية ثلاثية المحاور تتمثل في تقديم اللقاحات، ومنع انتقال الفايروس من الأمهات إلى الأطفال، والعمل على تثبيط نشاط الفايروس عن طريق الأدوية.

كليفلاند (الولايات المتحدة) - شدّد الدكتور ويليام كيري، الرئيس المؤقت لقسم أمراض الكبد في مستشفى كليفلاند كلينيك، على أهمية التزام الأفراد بإجراء الفحوصات اللازمة للكشف عن مرض التهاب الكبد الوبائي (ج) لمرة واحدة على الأقل في حياتهم، إضافة إلى أخذ اللقاحات المضادة لالتهاب الكبد الوبائي (أ) و(ب)، مشيرا إلى أن فايروسات التهاب الكبد تُعد السبب الرئيسي السابع للوفاة في جميع أنحاء العالم.

ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، التي حددت هدفا عالميا يتمثل في القضاء على التهاب الكبد الفايروسي كمشكلة صحية عامة بحلول عام 2030، فإن التهابات الكبد تتسبب سنويا في وفاة أكثر من مليون شخص حول العالم مع تسجيل عدوى مزمنة جديدة كل 10 ثوانٍ.

ويمكن أن تتسبب العشرات من الفايروسات في الإصابة بالتهاب الكبد، ويتم تسمية الأنواع الخمسة الأكثر شيوعا من (أ) إلى (إي). وأكثر نوعين مثيرين للقلق هما التهاب الكبد (ب) و(ج) اللذين ينتقلان عن طريق الدم، وهما السببان الأكثر شيوعا للإصابة بتليف الكبد وسرطان الكبد والوفيات المرتبطة بالتهاب الكبد الفايروسي.

العشرات من الفايروسات تتسبب في الإصابة بالتهاب الكبد، ويتم تسمية الأنواع الخمسة الأكثر شيوعا من (أ) إلى (إي)

وقال الدكتور كيري إن النوعين (ب) و(ج) يشتركان في العديد من السمات المتشابهة، ولكن هناك أيضا بعض الاختلافات المهمة، موضحا “بالنسبة إلى أوجه التشابه، فإن كلا الفايروسين متخفيان، ما يعني أنه في معظم الأوقات لا تظهر أعراض فورية عند الإصابة. وهذا ينطبق بشكل خاص على التهاب الكبد (ج). وفي مجموعة محدودة من حالات التهاب الكبد (ب) قد تكون هناك أعراض خفيفة نسبيا مثل التعب. أما في حالة الإصابة بالتهاب الكبد (ب) المكتسب لدى البالغين، قد تظهر أعراض أكثر شدة، بما في ذلك اليرقان وحتى فشل الكبد”.

ولفت إلى أنه بسبب غياب الأعراض في معظم الحالات، فإن العديد من المرضى يعانون من الفايروس لسنوات أو حتى عقود قبل اكتشافه مع ظهور أعراض تشير إلى تضرر الكبد، وتطور المرض إلى مراحل متقدمة في بعض الأحيان.

وأضاف كيري أن الفرق بين التهاب الكبد (ب) و(ج) هو أن هناك لقاحا عالي الفعالية للوقاية من التهاب الكبد (ب) ولا يوجد حتى الآن لقاح لالتهاب الكبد (ج) ، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يُشفى المريض تماما من التهاب الكبد (ج)، في حين يمكن فقط إيقاف تطور فايروس التهاب الكبد (ب) وتثبيطه. ويُعد تثبيط التهاب الكبد (ب) كافيا لمنع تضرر الكبد بصورة أكبر أو انتقال الفايروس إلى الآخرين، ولكن نظرا لأن الفايروس يظل كامنا في خلايا الكبد، فقد يستعيد نشاطه في ظل ظروف معينة، مثل تناول بعض الأدوية التي تثبط أجزاء معينة من الجهاز المناعي.

ونوّه إلى أن الغالبية العظمى من حالات عدوى التهاب الكبد (ب) تحدث عند الولادة، وتنتقل من الأم إلى الطفل. ولحسن الحظ، تمتلك معظم البلدان الآن برامج لتحديد النساء الحوامل المصابات بالتهاب الكبد (ب) وإستراتيجيات عالية الفعالية لمنع انتقال العدوى من الأم إلى الأطفال.

وعادة ما يتم إعطاء الأمهات اللاتي لديهن حمولة فايروسية عالية جدا دواء لتقليل الحمولة الفايروسية، ما يقلل من فرصة إصابة الطفل بالعدوى.

ii

ولخّص كيري الإستراتيجيات، التي تتبعها منظومات الرعاية الصحية حول العالم لتحقيق هدف منظمة الصحة العالمية المتمثل في القضاء على التهاب الكبد الفايروسي كمشكلة صحية عامة بحلول عام 2030 قائلا “للقضاء على مرض التهاب الكبد (ب) نحتاج إلى اتّباع إستراتيجية ثلاثية المحاور تتمثل في تقديم اللقاحات، ومنع انتقال الفايروس من الأمهات إلى الأطفال، وبالنسبة إلى أولئك المصابين مسبقا بالفايروس، يجب العمل على تثبيط نشاط الفايروس عن طريق الأدوية. وبالنسبة إلى التهاب الكبد (ج)، نحتاج إلى إخضاع الأفراد للفحوصات اللازمة والعمل على معالجة من تثبت إصابتهم بالمرض”.

وأكد على أهمية زيادة الوعي بين أفراد المجتمعات بأنه يتوفر حاليا علاج آمن وفعال للغاية لالتهاب الكبد (ج). ورغم أن العلاج مكلف نسبيا، إلا أنه ليست له آثار جانبية كبيرة ويعمل مع جميع الأنماط الجينية لمرض الكبد (ج) والموجودة في جميع أنحاء العالم. وبأخذ هذه الحقائق بعين الاعتبار، يجب على جميع الأفراد إجراء الفحوصات اللازمة للكشف عن التهاب الكبد مرة واحدة على الأقل في حياتهم حتى يتسنى لمقدمي الرعاية الصحية معالجة العدوى على الفور، ومنع الفايروس من إلحاق أضرار بالغة بالكبد.

وبالنظر إلى حقيقة أن فايروسات التهاب الكبد (ب) و(ج) تنتقل بين الأفراد عبر سوائل الجسم، وخاصة الدم، يوصي كيري العاملين في مجال الرعاية الصحية والأفراد المنخرطين في مجالات تزيد من خطر الإصابة بالعدوى بالتحدث إلى الأطباء المختصين ومعرفة مدى الحاجة إلى إجراء الفحوصات اللازمة على نحو منتظم.

هناك لقاح يمكنه الوقاية من الإصابة بالتهاب الكبد (ب)، بينما لا يوجد علاج عند الإصابة به

 وتابع “عند ثبوت إصابة الشخص بأحد أنواع التهاب الكبد الفايروسي، فسيحتاج إلى إجراء المزيد من الفحوصات لتقييم ومعرفة مستوى الضرر والتندب في الكبد، ويمكن القيام بذلك من خلال اختبارات دم بسيطة وفحوصات أخرى غير جراحية. وفي حال أظهرت الفحوصات وجود أضرار وتندبات في الكبد مثل تليف الكبد، فسوف يحتاج المريض للخضوع لبرنامج علاجي إضافة إلى إجراء الفحوصات بانتظام للكشف عن سرطان الكبد”.

وأضاف كيري “من المثير للاهتمام، أنه في الكثير من الحالات، التي يتم فيها علاج الأشخاص، الذين أصيبوا بتليف الكبد من مرض التهاب الكبد، فإن تليف الكبد لديهم يزول أيضا، رغم استمرارية خطر الإصابة بسرطان الكبد”.

والتهاب الكبد (ب) هو عدوى كبِدية خطيرة يسببها فايروس التِهاب الكبد من النوع (ب). وبالنسبة إلى معظم المرضى، يكون التهاب الكبد (ب) قصير المدى، وهو ما يُعرف بمصطلح التهاب حاد، ويستمر لمدة تقّل عن ستة أشهر. بينما بالنسبة إلى مرضى آخرين تصبح العدوى مزمنة، مما يعني أنها تستمر لأكثر من ستة أشهر.

وتزيد الإصابة بالتهاب الكبد المزمن (ب) من خطر الإصابة بالفشل الكبدي أو سرطان الكبد أو تشمُّع الكبد، وهو مرض يصيب الكبد بندبات دائمة. ويُشفى مُعظَم البالغين المُصابين بالتِهاب الكبِد (ب) تمامًا، حتى وإن أُصيبوا بأعراض شديدة. ويصيب التهاب الكبِد (ب) طويل الأمد الأطفال والرضّع أكثر من غيرهم. ويوصَف هذا النوع بأنه عدوى مزمنة.

ويوجد لقاح يمكنه الوقاية من الإصابة بالتهاب الكبد (ب)، بينما لا يوجد علاج عند الإصابة به. ففي حال الإصابة، يمكن أن يقي اتخاذ تدابير معيَّنة في المساعدة على الوقاية من انتقال الفايروس إلى الآخَرين.

16