إسبانيا تستعرض تأثيرها في عالم الموضة عبر التاريخ

يحيل معرض مقام حاليا بمدريد على التأثير الذي تركته إسبانيا في عالم الموضة عبر التاريخ، مقدما تصاميم ونماذج لماركات عالمية طبعت أزياءها روح إسبانية، مع التأكيد على أن مصممين معاصرين يعملون على إعادة إسبانيا إلى مكانتها في عالم الموضة.
مدريد - يغوص معرض حالي في مدريد في تأثير إسبانيا على عالم الموضة عبر التاريخ وعودة الدمغة الإسبانية إلى الواجهة الآن.
وعندما تطرح كلمة أسود و"أزياء راقية" يتبادر إلى الذهن فورا فستان دار "شانيل" الأسود القصير، لكن إسبانيا هي بالفعل ما جعل هذا اللون رائجا وباتت تتبناه مجددا بدفع من جيل المصممين الشباب.
وقال راوول مارينا، مفوض معرض "مودوس: على الطريقة الإسبانية"، الذي يستمر حتى الثالث من مارس المقبل، "تمر إسبانيا بمرحلة مهمة جدا مع مصممين مثل بالومو سباين ولياندرو كانو ومانيه مانيه يعيدون إلى إسبانيا مكانتها في مجال الموضة”. وأضاف “يحدث المصممون الشباب حركة وضجة من خلال دمغة إسبانية مئة بالمئة”. ويتجلى ذلك خصوصا من خلال استخدام اللون الأسود.
ولم يكن اللون لأسود على مدى قرون يلبس كثيرا، فالصباغ في الماضي لم يكن يصمد طويلا ويتحول سريعا إلى اللون الرمادي أو البني.
لكن مع غزو الإسبان للقارة الأميركية اكتشفوا في القرن الحادي عشر شجرة البقم. ويسمح خشب هذه الشجرة التي كانت منتشرة في ما صار يعرف بالمكسيك، بالتوصل إلى صباغ أسود كثيف ودائم.
واعتمد ملك إسبانيا فيليب الثاني (1527-1598) الذي كان على رأس قوة أوروبية عظمى، سريعا اللون الأسود في لباسه وانتشرت هذه الموضة عبر القارة برمتها.
وكتبت أماليا ديسكالسو، الخبيرة في تاريخ الموضة في كتيب المعرض، تقول إن أذواق سلالة هابسبورغ التي كان ينتمي إليها فيليب الثاني “كانت مرجعا لنظيراتها الأوروبية تماما مثل ملابسه السوداء الصارمة التي استحالت رمزا للأناقة المطلقة".
وتدريجيا تلاشى ربط اللون الأسود بإسبانيا لكن ربطها بالأناقة ظل متواصلا. والدليل على ذلك “الفستان الأسود القصير” من تصميم كوكو شانيل في العشرينات إضافة إلى تصاميم الإسبانيين الراحلين كريستوبال بالنسياغا وماريانو فورتوني.
واستحدثت إسبانيا في القرن السادس عشر إلى جانب الأسود ما يعرف بـ”التنورة المقببة” التي توضع تحت الفستان لإعطائه نطاقا أكبر. وقد لاقى هذا التصميم كذلك نجاحا كبيرا في أوروبا.
ويضاف إلى ذلك “غواردا إينفانته” أو القفص، وهو كناية عن تنورة توضع تحت الملابس وتتسم بأرداف واسعة.
وأوضح مارينا “كان يقال إن هذا التصميم يخفي الحمل”.
ويتجلى تأثير هذا التصميم الأخير في الملابس المخملية على شكل جرس للمصمم المعاصر خوانخو أوليفا الواردة في المعرض.
وأثر اثنان من أكبر التقاليد الإسبانية على الأزياء الراقية أيضا وهما الفلامنكو ومصارعة الثيران، فثمة سترة من تصميم دار “جيفانشي” مصنوعة من المخمل الأسود المطرز بالأحمر مستوحاة من ملابس مصارعي الثيران.
وعلى فستان أسود من تصميم “لانفان” مع ثنيات كثيرة ودوائر سكرية اللون، يبرز تأثير ملابس الفلامنكو في هذا التصميم.
وأشار مارينا إلى أنه “غالبا ما يقال إنه على الصعيد العالمي تأثر المصممون الأجانب بكل ما هو إسباني وهم يفتخرون بذلك أكثر منا”. لكنه أضاف أن الوضع يتغير الآن مع عودة رموز موروثة من التقاليد والديانة. فقد اختار بالومو سباين، إلباس بيونسه في يوليو 2017 في أول جلسة تصوير مع طفليها التوأم معطفا مطبعا بزهور فاقعة الألوان ووشاح عروس أزرق لازوردي على امتداد الجسم.
واستوحى المصمم الإسباني الشاب لياندرو كانو من حكم فيليب الثالث في ملابسه التي تأتي على شكل تنانير رقص الباليه، كما مع ليدي غاغا العام 2016. ويستوحي مانيه من جهته من تقاليد منطقة إيسترامادورا الريفية في غرب إسبانيا.
وأكدت مستشارة الموضة مارتا بلاندو أن الوسط “يشهد يقظة في حين كان كل شيء إسباني حتى فترة قصيرة يذكر بفرانكو".
وأضافت أن المستهلكين الإسبان عادوا ليشعروا بـ”الفخر” حيال بلدهم. فنجاحات إسبانيا الكثيرة في مجال فن الطبخ مع فيران إدريا والرياضة مع رافاييل نادال ومنتخب كرة القدم وصناعة الألبسة مع “زارا”، تسهّل هذا الشعور برأيها.