إدارة الدواء الأميركية تقترح قواعد جديدة لاختبار مستحضرات التجميل

بعد سنوات من الدعاوى القضائية ضد شركة "جونسون آند جونسون" بسبب مزاعم بوجود صلة بين بودرة الأطفال المعتمدة على التلك والإصابة بالسرطان، اقترحت إدارة الغذاء والدواء الأميركية قواعد جديدة لاختبار مستحضرات التجميل وضمان خلوّ أيّ منتجات تحتوي على التلك من الأسبستوس. ويهدف المقترح إلى طمأنة المستهلكين بشأن سلامة مستحضرات التجميل وبودرة الأطفال.
واشنطن - اقترحت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (إف دي ايه) قاعدة اتحادية سيتعين بموجبها على شركات مستحضرات التجميل اتخاذ خطوات إضافية لضمان خلو أي منتجات تحتوي على التلك من الأسبستوس. ويستهدف المقترح طمأنة المستهلكين بشأن سلامة مستحضرات التجميل وبودرة الأطفال ومنتجات العناية الشخصية الأخرى.
ويأتي هذا الاقتراح بعد سنوات من الدعاوى القضائية ضد شركة “جونسون آند جونسون” وشركات أخرى بسبب مزاعم بوجود صلة بين بودرة الأطفال المعتمدة على التلك والإصابة بالسرطان.
وقامت “جونسون آند جونسون” بإزالة التلك من بودرة الأطفال في السوق الأميركي في عام 2020، ثم من الأسواق الدولية في عام .2023 وتقول الشركة إنها لا تزال تؤمن بسلامة منتجاتها. وعلى مدار أشهر، منحت محاكم مختصة تعويضات خيالية للمتضررين من بودرة تلك الأطفال، بعد ثبوت تسبب المنتج الشهير بمشاكل خطيرة بينها السرطان.
وقد تم رفع أكثر من ألف دعوى قضائية إضافية ضد شركة “جونسون آند جونسون” بدعوى أن الشركة المصنعة كانت على علم بالصلة بين استخدام المنتج وتطور سرطان المبيض، لكنها فشلت في تحذير المستهلكين. ومع الجدل الدائر منذ أشهر انصب الكثير من التركيز على استخدام التلك في بودرة الأطفال من شركة “جونسون آند جونسون”، لكن كثيرين لا يعرفون أن استخدامات بودرة التلك تتجاوز صناعة مستحضرات التجميل.
شركات مستحضرات التجميل مدعوة لاتخاذ خطوات إضافية لضمان خلو أي منتجات تحتوي على التلك من الأسبستوس
ومع الجدل الدائر منذ أشهر انصب الكثير من التركيز على استخدام التلك في بودرة الأطفال من شركة “جونسون آند جونسون”، لكن كثيرين لا يعرفون أن استخدامات بودرة التلك تتجاوز صناعة مستحضرات التجميل وبودرة التلك هي مسحوق مصنوع من التلك، وهو معدن يتكون أساسا من المغنيسيوم والسيليكون والأكسجين، ويمتص هذا المسحوق الرطوبة جيدا ويساعد على تقليل الاحتكاك، مما يجعله مفيدا في الحفاظ على الجلد جافا ومنع الطفح الجلدي.
وأطلقت شركة “جونسون آند جونسون” بودرة الأطفال المشهورة والمبدعة القائمة على التلك في عام 1894، ومع ذلك بدأ تاريخ بودرة التلك حقًا عندما تم العثور عليها لأول مرة في مزرعة في مادوك في أونتاريو، كندا، خلال ثمانينيات القرن التاسع عشر.
ولم يتم استخراج مسحوق التلك تجاريًا حتى تسعينيات القرن التاسع عشر وإنتاجه أثناء عمليات التعدين واسعة النطاق في مناجم التلك الكندية، وكان منجم هندرسون للتلك من أوائل مشغلي تعدين التلك على نطاق واسع، والذي بدأ الإنتاج في عام 1896، ومنجم كونلي الذي افتتح بالقرب من هندرسون في عام 1911.
وفي تحذيراتها شددت إدارة الغذاء والدواء الأميركية على أن تخلو منتجات التجميل التي تحتوي على التلك من الأسبستوس. والأسبستوس هو مجموعة ألياف معدنية كانت لها ولا تزال استخدامات تجارية واسعة النطاق، ولكنها يمكن أن تسبب الوفيات واعتلال الصحة الخطير للعمال وغيرهم من الأشخاص الذين يتعرضون لهذه الألياف (أكثر من 200 ألف حالة وفاة في العالم كل عام، إلى جانب عبء كبير من اعتلال الصحة).
ووفق تقييم أجرته منظمة الصحة العالمية، تسبب جميع أشكال الأسبستوس عدة أنواع من السرطان، ويسبب الأسبستوس أيضا أمراضا تنفسية مزمنة. وبسبب استخدام الأسبستوس في مواد البناء، فإن كل شخص يشارك في بناء المباني التي استخدم فيها الأسبستوس وصيانتها وهدمها معرض للخطر، حتى بعد سنوات أو عقود عديدة من وضع الأسبستوس.
ويمكن الوقاية من الأمراض المرتبطة بالأسبستوس، وتتمثل الطريقة الأكثر فعالية للوقاية منها في وقف استخدام جميع أشكال الأسبستوس للوقاية من التعرض لها، كما فعلت أكثر من 50 دولة عضوا في منظمة الصحة العالمية من خلال سن تدابير قانونية، واستخدام مواد منخفضة الخطورة بدلا من ذلك. وتعني الوقاية من التعرض للأسبستوس أيضا حماية العمال أثناء أعمال الصيانة حيثما يوجد الأسبستوس بالفعل، وأثناء إزالة الأسبستوس.
والأسبستوس هو مجموعة من الألياف المعدنية التي تنشأ تلقائيا في الطبيعة. وقد كانت له ولا تزال استخدامات تجارية واسعة النطاق بسبب خصائصه المادية (قوته ومقاومته للحرارة). وهناك ستة أشكال رئيسية من الأسبستوس، ومن أكثرها استخداما حاليا الكريسوتيل (الأسبستوس الأبيض).
وقد أجرت منظمة الصحة العالمية تقييما لجميع أشكال الأسبستوس الستة الرئيسية وخلصت إلى أنها تسبب السرطان للبشر. ويسبب التعرض للأسبستوس، بما في ذلك الكريسوتيل، سرطان الرئة والحنجرة والمبيض وورم المتوسطة (سرطان البطانات الجنبية والبريتونية). وهناك أيضا أدلة علمية واضحة تظهر أن الأسبستوس يسبب أمراض الجهاز التنفسي المزمنة مثل تليف الرئتين وغيره من الآثار الضارة للرئتين.
ونظرا لاستخدامات الأسبستوس الواسعة النطاق ومن ثم احتمال تعرض أعداد كبيرة من الأشخاص لهذه المادة، فقد قدر أن الأسبستوس يسبب الوفيات واعتلال الصحة لدى أعداد كبيرة من الناس كل عام.
وتفيد منظمة الصحة العالمية ومنظمة العمل الدولية (في أحدث التقديرات المشتركة بين هاتين المنظمتين أن التعرض للأسبستوس في العمل يسبب أكثر من 200 ألف حالة وفاة في العالم كل عام (استنادا إلى تقديرات عام 2016). وهذا يمثل أكثر من 70 في المئة من الوفيات الناجمة عن أنواع السرطان المرتبطة بالعمل.
وإضافة إلى هذه التقديرات المتعلقة بالوفيات، يقدر أيضا أن التعرض للأسبستوس يسبب عبئا كبيرا من اعتلال الصحة (فقدان نحو 4 ملايين سنة من سنوات العمر المُصحّحة باحتساب مدة العجز – وهو مقياس موحد لاعتلال الصحة). ويعزى مستوى كبير من الوفيات واعتلال الصحة أيضا إلى التعرض للأسبستوس خارج مكان العمل.