إخوان سوريا المدعومون قطريا الوجه الآخر لمخطط التنظيم الدولي التخريبي

لندن- تؤكد المعطيات القائمة في المشهد السياسي في منطقة الشرق الأوسط، انهيار منظومة الإخوان المسلمين الدولية على الرغم من محاولاتها اليائسة لتلميع صورتها عبر بعض فروعها. وعرف التنظيم الدولي للإخوان المسلمين مؤخرا انتكاسة لم يسبق أن مر بها منذ تاريخ تأسيسه، بدءا بسقوط نظام حكمه في مصر، مرورا بإعلانه جماعة إرهابية من قبل السلطات المصرية ودول الخليج المؤثرة في الشرق الأوسط وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.
ولعل إلقاء الضوء على وضع الفرع السوري للتنظيم الدولي، كان محل اهتمام الكثير من الدراسات التحليلية، باعتبار ما تشهده سوريا من أحداث أثرت على مسار العلاقات الدولية والعربية على حد سواء، وهو ما تناوله مركز المزماة للدراسات والبحوث، الذي تطرق إلى وضع الإخوان المسلمين في سوريا في ظل المتغيرات السياسية التي تشهدها سوريا ومنطقة الشرق الأوسط.
إخوان سوريا
يبدو أن إخوان سوريا يلعبون بحرفية مستغلين واقع البلاد الصعب، ففي ظل حرب أهلية عاتية وتمسك النظام بالحكم وجلبه لقوى من حزب الله وإيران والعراق للقتال إلى صفه، تبدو المعارضة أيضاً متشظية وغير متجانسة، خاصة مع تواجد المجموعات المتشددة كجبهة النصرة المصنفة ضمن الجماعات الإرهابية، وأيضاً تنظيم الدولة الإسلامية في الشام و العراق “داعش” الذي يتنتمي للقاعدة، والذي مارس وحشية كبيرة أينما حل.
لكن الطرف الذي لا يظهر كثيراً سياسيا وإعلاميا ويعمل لتحقيق أجندته بهدوء، هو ما يسمى جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، فهذه الجماعة تؤكد ولاءها المطلق للتنظيم الدولي وهي كغيرها من التنظيمات الإخوانية تسعى للتسلق على ما أنجزته الشعوب من انتفاضات شعبية ومحاولاتها للتخلص من أنظمة الحكم الديكتاتورية، وتجييرها لصالحها، وحين يحين موعد القطاف تراها صعدت الوتيرة لتكون في المقدمة، مثلما كان الحال في تونس ومصر، عندما صعدت للحكم قبل إسقاطها مرة أخرى.
ومع أنه من المبكر التحذير من إخوان سوريا في هذه الفترة التي تعيشها البلاد في ظل حالة المراوحة وعدم استشراق أفق واضح للمستقبل، لكن هذا الطرف له دور في هذه المراوحة، خاصة إذا علمنا أن الإخوان لهم أتباع وميليشيات تقاتل على الأرض، كما يتلقون دعماً تركياً وقطرياً غير محدود، ويؤثرون في كثير من الأحيان سلبياً على الثورة، خاصة إنهم يعملون وفق أجندة قطرية غالباً ما تصطدم مع تطلعات باقي القوى، فالهدف الرئيس هو جعل هذه الجماعة تتصدر الموقف وخلق الأتباع لها في كل مكان قبل الانتصار على النظام.
|
واستدرك رئيس المكتب بالقول إن بعض من وصفهم بـ”الأخوة” من أعضاء الجماعة قد يكونوا افتتحوا أو يعتزمون افتتاح مكاتب لهم لممارسة نشاطاتهم الخاصة أو باسم الجماعة لكن هذه المكاتب ليست "مكاتب رسمية".
ونشأت جماعة الإخوان المسلمين بسوريا في ثلاثينات القرن العشرين، وكانت تُعّرف نفسها على أنها جزء من الجماعة الأم، واصطدمت أواخر السبعينات مع نظام “البعث” الحاكم في البلاد، وأصبحت محظورة، كما أصبح أعضاؤها مطلوبين لقوى الأمن السوري، ولم تكن لها أية مشاركة سياسية داخل الحكومة في ظل نظام حزب البعث الذي استلم الحكم في البلاد 1963، ولكنها تواجدت بقوة في صفوف المعارضة وهيئاتها المختلفة بعد اندلاع الثورة في مارس 2011.
ويقول مراقبون أن اعتبار دول مجلس التعاون الخليجي جماعة الإخوان المسلمين تنظيماً إرهابياً، استدعى وضع دائرة حول حال “الإخوان” في سوريا، وتأثير القرار عليهم، ولا بد من الإشارة إلى مسألتين تخصان هذه الدائرة، الأولى تكمن فيما يراه مراقبون تمايزاً في علاقة “إخوان سوريا” مع أغلب دول الخليج عن علاقة هذه الدول مع “الإخوان” في مصر وغيرها، والثانية واقع “الإخوان” في المعارضة السورية، إذ أنه لدى التنظيم 6 أعضاء من أصل 121 في الائتلاف السوري المعارض، و40 عضواً من أصل 400 في المجلس الوطني، الأمر الذي يطرح أسئلة عن الوضع القانوني لهؤلاء الأعضاء في الدول الخليجية التي تعترف بالائتلاف ممثلاً للشعب السوري.
دور مشبوه
مع مرور الزمن تتأكد الشبهات التي كانت تحوم حول جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، ودورها وارتباطاتها المشبوهة، التي تكشفت عبر سلسلة علاقات سرية، حيث سبق للعميد حسام العواك مسؤول استخبارات الجيش السوري الحر، أن أكد أن عدداً كبيراً من السوريين من أعضاء جماعة الإخوان عملاء للمخابرات العالمية، مشيراً إلى أنه وبعد أن طردهم حافظ الأسد في الثمانينات انتشروا في أوروبا وتزوجوا من أجنبيات، وأبناؤهم يعملون الآن في المخابرات الغربية
|
.
ولفت العواك في سياق حديثه عن إخوان سوريا إلى أن شيخاً كثير الظهور في الإعلام، ومعروفاً بانتمائه إلى الجماعة، تسلم 20 مليون دولار من ليبيا و60 مليون دولار من دولة خليجية واكتفى بالتبرع بوجبات غذائية للمخيمات وإعطاء مبالغ زهيدة لبعض الناشطين، وموّل بعض العمليات التابعة للجيش الحر بـ 50 ألف دولار. وحول الدور القطري في الثورة السورية، أكد العواك أن قطر لا تدعم سوى الإخوان وداعش، وكانت تدعم الجيش الحر عندما كان تحت سيطرة الإخوان، أما الآن فهي تحاربه.
ومن جهتها قالت القيادة المشتركة إنه تم استنفاذ كافة الوسائل والأساليب والطرق السلمية لردع جماعة الإخوان المسلمين في سوريا عن ممارساتها البعيدة كل البعد عن قيم ومبادئ الدين الإسلامي والعمل الوطني وانسياقها الكامل خارج الأجندة الوطنية، وبث روح الفتنة والوهن والتخابر مع قوى وأجهزة معادية لسوريا الدولة والشعب، والتآمر على القوى السياسية والثورية بهدف السيطرة على مفاصل المعارضة السياسية والهيمنة على مقدرات وإمكانيات الثورة وسرقة أموال الإغاثة وتحويلها إلى مال سياسي.
و يجمع العديد من الخبراء المتتبعين لفرع الجماعة في سوريا أن ملامح الإخوان، لا تزال مشوّهة للعديد من الأسباب، خاصة من حيث تأثير الجماعة وتغلغلها وعمق تأثيرها ومحاولتها خطف ثورة سوريا لصالحها، وارتباطها بعلاقات مع كل من قطر وتركيا بل ويجدون منهما الدعم والتمويل.