إحالة قيادات أمنية بارزة على التقاعد في تونس

من بين المحالين على التقاعد الوجوبي شخصيات عملت بإدارة الحدود والأجانب ومشرفون أمنيون على سفارات تونسية في الخارج، بالإضافة إلى مدير عام سابق بوزارة الداخلية، وذلك في خضم جهود قيس سعيّد لتحصين المؤسسة الأمنية من الاختراقات الحزبية.
الثلاثاء 2022/01/11
وزير الداخلية ينفذ خطة سعيّد لتطهير الأجهزة الأمنية

تونس - تعيش وزارة الداخلية التونسية خلال الأشهر الماضية على وقع تغييرات عميقة بإقالة بعض المسؤولين ووضع آخرين في الإقامة الجبرية، وفرض التقاعد الوجوبي على قيادات أمنية بارزة.
وفي هذا الصدد أفادت وسائل إعلام تونسية الثلاثاء بأنه تمت إحالة عدد من القيادات الأمنية العليا بوزارة الداخلية على التقاعد الوجوبي.
ونقلت إذاعة "موزاييك أف.أم" التونسية الخاصة أنه "تقررت إحالة عدد من القيادات بوزارة الداخلية، لم تسمهم، على التقاعد الوجوبي، دون تحديد الطرف الذي اتخذ قرار الإحالة".

ونقلت الإذاعة عن مصادر لم تحددها أن "من بين المحالين على التقاعد الوجوبي كوادر (شخصيات) عملت بإدارة الحدود والأجانب، ومشرفون أمنيون على سفارات تونسية في الخارج، بالإضافة إلى مدير عام سابق بوزارة الداخلية"، دون الإشارة إلى أسماء.

بدورها كشفت وزارة الداخلية في بيان نشرته اليوم الثلاثاء في صفحتها الرسمية على الفايسبوك "أن المجلس الأعلى لقوات الأمن الداخلي انعقد أمس الاثنين بمقر الوزارة تحت اشراف الوزير توفيق شرف الدين حيث تمحور الاجتماع حول الوضع الامني العام بالبلاد والى انه تم خلاله البت في 6 ملفات إحالة على التقاعد الوجوبي".

وتأتي هذه الإحالة ضمن سلسلة من الإقالات والإعفاءات لعدد من المسؤولين والقيادات في مناصب عليا بالدولة التونسية، منذ الخامس والعشرين من يوليو/تموز الماضي، حين فرض رئيس البلاد قيس سعيّد إجراءات استثنائية، منها تجميد اختصاصات البرلمان وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة رئيس الحكومة، وتعيين أخرى جديدة.
كما يأتي القرار بعد شهرين على قرار وزير الداخلية توفيق شرف الدين فرض التقاعد الإجباري على 20 مسؤولا أمنيا.
ويرى مراقبون أن الرئيس قيس سعيّد عمل على القيام بجهود لتحصين عدد من مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها الداخلية، من الاختراقات الحزبية، بعد التهم الموجهة لعدد من الأحزاب بما فيها حركة النهضة الإسلامية بوضع قيادات أمنية مقربة منها في مراكز حساسة.
والتحكم في وزارة الداخلية ضروري للتمكن من مفاصل الدولة التونسية، وهو أمر تعرف خباياه كل الأحزاب والشخصيات التي تولت السلطة في البلاد قبل الثورة وبعدها.
واتهم الوزير الأسبق ومؤسس التيار الديمقراطي محمد عبو الأحزاب في البلاد باختراق الداخلية أو قطاع القضاء للتستر على ملفات الفساد، مشيرا إلى أن الوزارة تملك المعطيات حول فساد بعض السياسيين.
وفي أغسطس الماضي قام الرئيس التونسي بعزل عدد من القيادات الأمنية في وزارة الداخلية، والتي تحسب على حركة النهضة مثل الأزهر اللونغو المدير العام السابق للمصالح المختصة (جهاز المخابرات).
وفي الشهر نفسه أدى سعيّد زيارة إلى وزارة الداخلية، وأكد حينها أن هناك من يريد "التسلل إلى مفاصل الدولة، وإلى وزارة الداخلية بالتحديد".
ويعتبر الرئيس التونسي أن إصلاح وزارة الداخلية والمؤسسة القضائية كفيل بوضع حد لدولة الإفلات من العقاب التي ترسخت خلال 10 سنوات.
وفي نوفمبر كشف الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي في حوار بث في إذاعة شمس الخاصة، أن القضاء يحقق مع ستة أو سبعة مسؤولين أمنيين بشأن وجود خلية أمنية للتجسس.
وأشار إلى أن هذه الخلية تورطت في التجسس على شخصيات هامة في البلاد وصحافيين ورجال أعمال وسياسيين، وهي تعمل في وزارة الداخلية.
وأوضح الشواشي أن "التحقيقات الأولية كشفت أن الخلية تنشط لصالح أطراف داخل البلاد وخارجها".
ويتحدث الرئيس التونسي مرارا عن غرف مظلمة تخطط لاغتياله بتواطؤ من الخارج، لكن دون أن يحدد الأطراف المتورطة، بل أشار في ديسمبر إلى أن "هناك خونة باعوا ضمائرهم وتخابروا مع جهات أجنبية لتنفيذ اغتيالات ضد مسؤولين".
ولا يمكن فصل قرار وزير الداخلية التونسي بفرض التقاعد الوجوبي على مسؤولين في الداخلية عن ملف إيقاف نائب رئيس حركة النهضة ووزير العدل الأسبق نورالدين والبحيري، إضافة إلى المسؤول البارز في الداخلية فتحي البلدي، ووضعهما قيد الإقامة الجبرية، قبل نقل البحيري إلى المستشفى إثر تدهور صحته.
ورغم أن الإعلام ركز بشكل أساسي على إيقاف البحيري والتطورات التي لحقت ذلك، لكنه تجاهل في المقابل فتحي البلدي.
وتكمن أهمية البلدي في كون اسمه ارتبط بالتحقيقات التي تجريها وزارة الداخلية بشأن الجهاز السري. كما أنه عمل مستشارا لوزير الداخلية علي العريض في حكومة الترويكا.
ثم إن البلدي شمله قرار الإحالة على التقاعد الوجوبي الذي صدر الشهر الماضي، وشمل أيضا المديرين العامين السابقين للمصالح المختصة محرز الزواري والأزهر اللونغو.
وقال وزير الداخلية التونسي في مؤتمر صحافي تعليقا على إيقاف البحيري والبلدي، إن الأمر متعلق بشبهات إرهاب وعمليات تزوير وثائق، تهم جوازات السفر ومنح بطاقات هويات وشهادات في الجنسية التونسية.
وأثيرت قضية التزوير قبل أشهر وهي تتعلق بكشف شبكة تبيع الجنسية إلى سوريين وتقوم بتزوير جوازات السفر.
وأفادت وسائل إعلام محلية في نوفمبر بأن قاضي التحقيق في القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، أنهى التحقيق مع سبعة أعضاء من المتورطين في قضية شبكة بيع الجنسية التونسية لسوريين، ومن بينهم موظفون في الخارجية والعدل والداخلية.
وقالت إذاعة موزاييك المحلية حينها إن الشبكة ضمت مسؤولين تورطوا في "تزوير الجنسية التونسية وبيعها إلى سوريين وغيرهم، وتزوير جوازات سفر وبطاقات هوية لفائدتهم مقابل مبالغ مالية قدرت بالآلاف من الدولارات عن الجنسية الواحدة، وذلك خلال الفترة بين 2015 و2019".