إحالة الملف السوري إلى الجنايات الدولية عملية معدومة بسبب روسيا

الثلاثاء 2014/04/08
ردود فعل دولية سطحية عما يحصل في سوريا من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية

دمشق - العرب - دخلت الثورة السورية عامها الرابع، مخلفة أكثر من 150 ألف قتيل وفق أقل التقديرات، وتشرد نحو ثلث الشعب السوري. ووفق المنظمات الدولية المعنية بتوثيق الانتهاكات فقد ارتكب النظام السوري جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب باستخدامه كل أنواع الأسلحة الثقيلة علناً بما فيها الكيميائية، ثم تمددت حربه لتدمّر سورية بنية بشراً وحجراً، وسخّر لذلك عشرات الآلاف من ميليشياته الطائفية وغير النظامية (سورية ولبنانية وعراقية وغيرها)لكي تمارس أعلى درجات العنف، وبات السوريون يرفضون الآن أي حل سياسي أو عسكري لا يضمن محاكمة كل من تلوثت يداه بالدم السوري ومعاقبته، وهو أمر غير واضح إن كان سيتم أم لا حتى الآن.

لكن الناشط الحقوقي السوري عبد الكريم ريحاوي، رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان، أعرب عن تفاؤله بوجود إمكانية لمحاكمة رموز النظام وكل من شارك في قتل السوريين، وقال في تصريح لـ (العرب): “هذه مسؤوليتنا وسنواصل سعينا لذلك، ونؤكد لجميع من تلوثت أياديهم بدماء الشعب السوري بأن زمن الإفلات من العقاب قد أصبح شيئاً من الماضي، وسنبذل كافة الجهود الممكنة لسوق الجناة والمجرمين إلى العدالة مهما طال الوقت، فما حصل في سوريا من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية سيبقى وصمة عار على جبين الإنسانية حتى تتحقق العدالة ويتم إنصاف الضحايا”.

وعن أهم المعوقات التي تحول دون تأسيس محاكم دولية خاصة لمحاكمة من ارتكب جرائم حرب في سوريا، قال: “إن إحالة أي ملف إلى محكمة الجنايات الدولية يتم بقرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حصراً، وفي ظل الدعم غير المحدود من قبل الحكومة الفيدرالية الروسية لنظام بشار الأسد فإن هذا الأمل يبدو معدوما، وعلينا أن نتذكر أن الحكومة الروسية قامت باستخدام حق النقض ثلاث مرات في مجلس الأمن منذ بدء الثورة السورية لتعطيل قرارات تدين النظام السوري، الأمر الذي جعل المجرم بشار الأسد يشعر بحصانة دولية من أي فرصة للعقاب أو حتى الإدانة وهو ما شجعه على الاستمرار باستخدام كل ما يملك من قوة في محاولة منه لإعادة فرض سيطرته على المدن والبلدات الثائرة”.

عبد الكريم ريحاوي: سنبذل جهودا لسوق الجناة والمجرمين في سوريا إلى العدالة

لكن الأمم المتحدة بكل مؤسساتها ومعها المنظمات الحقوقية والقانونية الدولية لم تستطع على الرغم من مرور ثلاث سنوات على بدء المأساة السورية أن تدفع بالملف السوري لمحكمة الجنايات الدولية أو حتى لإحدى المحاكم الدولية، ما اعتبره الكثير من السوريين فشلاً ذريعاً للمنظمات الأممية والدولية المعنية بحقوق الإنسان في العالم.

وفي هذا السياق، شدد الناشط الحقوقي ريحاوي على ضرورة تغيير آليات منظومة حقوق الإنسان الدولية حتى لا يُعلن عن فشلها، وقال “إن منظومة حقوق الإنسان هي منظومة إنسانية قائمة على قواعد أخلاقية ويبدو أنه من الإجحاف إخضاعها لسلطة دول كبرى تتبع مصالحها وأهواءها السياسية، لكن تخاذل المجتمع الدولي وفشله الذريع في تحمل مسؤولياته تجاه حماية المدنيين في سوريا ساهم في فضح الآلية الدولية المتبعة في الأمم المتحدة، ويجب العمل الفوري من قبل جميع الأحرار في العالم على تغيير آليات هذه المنظومة الدولية التي أعطت حق النقض لتعطيل قرارات (قد تكون في معظم الحالات مصيرية لشعوب بأكملها) للدول التي انتصرت في الحرب العالمية الثانية..

وكان في سوريا بضع منظمات تعنى بحقوق الإنسان، بعضها فرع لمنظمات عربية أو دولية، وبعضها سوري بحت، فيما ظهرت منظمات كثيرة بعد الثورة تحت مسميات عدة وهدف واحد هو الدفاع عن ضحايا الثورة ومحاسبة النظام.

وحول ما استطاعت المنظمات الحقوقية السورية والدولية تحقيقه حتى الآن، قال ريحاوي: “إن عمل المنظمات الحقوقية هو عمل أخلاقي وإنساني بالدرجة الأولى، ومنظمات حقوق الإنسان السورية منذ بداية عملها العلني في عام 2000 استطاعت أن تحقق بعض الإنجازات المهمة في ظل النظام الأمني الذي يسيطر على سورية منذ عقود طويلة، وأعتقد أن عمل هذه المنظمات قد ساهم بشكل كبير في كسر حاجز الصمت والخوف لدى السوريين وهو ما أسس لاحقاً لبداية الحراك السلمي الذي قاد المظاهرات ضد النظام في الأشهر الأولى للثورة”، وتابع: “أما بالنسبة إلى المنظمات الدولية فهناك نوعان من هذه المنظمات الأولى هي المنظمات الدولية المستقلة (منظمة العفو الدولية، هيومان رايتس ووتش، المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب) فهي منظمات خارجة عن سيطرة الحكومات وبالتالي تتمتع بمساحة كبيرة من الحرية والعمل وتحظى باحترام وتقدير الملايين حول العالم، والنوع الثاني هو المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة وبشكل خاص مجلس حقوق الإنسان الذي تتبع إليه العديد من المكاتب والهيئات المتخصصة، ولكن للأسف المنظومة الدولية لحقوق الإنسان وخاصة المؤسسات التابعة للأمم المتحدة تتحكم بها المصالح والظروف السياسية، ويتجلى ذلك في عجز الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان عن إحالة الملف السوري إلى محكمة الجنايات الدولية رغم نداءاتنا المتعددة لذلك”.

ظهور عشرات المنظمات الحقوقية السورية الوهمية بعد بداية الثورة السورية

وعن عمليات توثيق الانتهاكات في الرابطة السورية وتكامل عملها مع غيرها من المنظمات والمراصد، قال رئيسها: “يعتبر توثيق الانتهاكات جوهر عمل منظمات حقوق الإنسان وتلعب المهنية والمصداقية العالية للمدافعين عن حقوق الإنسان الدور الأكبر في عمليات التوثيق التي تشكل العمود الفقري لأية خطوة باتجاه الحد من الانتهاكات أو التحرك القانوني لمحاسبة الجناة أو حماية الضحايا، ومن هذا المنطلق استطيع القول بأننا في الرابطة السورية للدفاع عن حقوق الإنسان نتبع المعايير الدولية كأية منظمة دولية في عملنا ويتمتع الكادر الكبير للرابطة (114 عضواً) بكفاءة ومهنية عاليةـ

وأضاف: “ما يزيد الأمور تعقيداً هو ظهور عشرات المنظمات الحقوقية السورية الوهمية بعد بداية الثورة السورية وجميعها خارج سورية وتفتقر إلى الحد الأدنى من المعرفة الحـــقوقية والخبرة اللازمة للعمل في هذا المجال، الأمر الذي ســـبب الكثير من الإرباك للمنظمــــات الدولية في آليات الـــتعامل معها”.

7