إجراء اختبار جيني قبل زرع الأجنة يجنب انتقال الأمراض الوراثية إلى الأطفال

يعد الإخصاب في المختبر، والذي يتضمن إجراء اختبار جيني قبل عملية زرع الجنين، خيارا لمنع ظهور الأمراض الوراثية لدى الأطفال. والتشخيص الجيني السابق هو تحليل وراثي للجنين من خلال دراسة عينة من خلاياه قبل نقله إلى رحم الأم، وهو ما من شأنه أن يجنب الأطباء عملية نقل الأجنة التي يمكن أن تؤدي إلى إجهاض مبكر.
موسكو – أكد الأكاديمي الروسي سيرجي كوتسيف أنّ الطب المعاصر يسمح بمنع ظهور الأمراض الوراثية لدى الطفل ولو كان الوالدان يحملان الجينات “السيئة”.
وقال إن الخيار الأول هو الإخصاب في المختبر، وهو يتضمن إجراء اختبار جيني قبل عملية الزرع. وعندما يتكون الجنين من عدة خلايا يصبح بالإمكان أخذ عدد منها بواسطة جهاز دقيق دون أي عواقب محتملة على الجنين، ليتم التأكد من عدم وجود طفرات في جينات معينة.
وأضاف أنه إذا سبق أن أنجبت العائلة طفلاً يعاني من مرض وراثي ويعرف السبب الجزيئي لهذا المرض تصبح الوقاية منه أسهل في الطفل الثاني، حيث يتم في مراكز التلقيح الاصطناعي أخذ عدد من الأجنة، تؤخذ من كل منها عدة خلايا لإجراء الاختبارات الجينية الجزيئية قبل الزرع واختيار الخالي من الطفرات للزرع.
والخيار الثاني للوقاية هو التشخيص قبل الولادة في مرحلة مبكرة من تطور الجنين بعد 12 أو 13 أسبوعًا؛ حيث تؤخذ من الجنين زغابات مشيمية مما يحيط به، وتفحص بحثا عن الطفرات، فإذا كانت موجودة يبقى القرار النهائي بشأن استمرار الحمل أو إنهائه للوالدين فقط.
إذا سبق أن أنجبت العائلة طفلاً يعاني من مرض وراثي وعرف السبب تصبح الوقاية منه أسهل في الطفل الثاني
والتشخيص الجيني السابق للزراعة -أو الاختبار الجيني السابق للزراعة- هو تحليل وراثي للجنين من خلال دراسة عينة من خلاياه قبل نقله إلى رحم الأم. وهو ما يتيح للأطباء تجنب عملية نقل الأجنة التي قد تؤدي إلى إجهاض مبكر أو التي لا تؤدي إلى إنجاب طفل صحي بسبب تشوهات الكروموسومات، وتحديد ومنع الأمراض الخطيرة التي تسببها التغيرات الجينية في مرحلة الحمل، وتحقيق النسل السليم وإنهاء انتقال المرض إلى الأجيال القادمة.
ويولد الإنسان بـ46 كروموسوماً، 23 من أبيه و23 من أمه، وهذه الكروموسومات هي التي تنقل ميراثهم. ولدى البشر 22 أوتوسوماً وزوج واحد من الكروموسومات الجنسية، وهي التي ستحدد الجنس، وكل كروموسوم “كتاب كبير” يحتوي على أجزاء من المعلومات الجينية التي تخبرنا كيف هي خلايا الجسم وكيف ينبغي أن تعمل.
لكن في بعض الأحيان تحدث أخطاء في انقسام الخلية ويمكن أن تؤدي إلى خلايا بها عدد كبير جداً من نسخ الكروموسوم، أو على العكس من ذلك نسخ غير كافية.
وتنقسم أنواع التشخيص الجيني السابق للزراعة إلى ثلاثة أنواع، وهي الاختبار الجيني السابق للزراعة من أجل الكشف عن اختلال الصيغة الصبغية، والاختبار الجيني السابق للزراعة للكشف عن الأمراض أحادية الجين، والاختبار الذي يشخص الاضطرابات الهيكلية.
وتشكل الأمراض الوراثية عبئًا ثقيلًا على كل المجتمعات، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط والبلدان العربية، وفى مصر توجد بعض العوامل الاجتماعية التي تزيد من نسب حدوث هذه الأمراض بسبب زيادة زواج الأقارب واستمرار الإنجاب إلى سن متأخرة.
الأمراض الوراثية تشكل عبئًا ثقيلًا على كل المجتمعات، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط والبلدان العربية
وقالت سامية التمتامي -رائدة علم الوراثة البشرية في مصر ومؤسسة ورئيسة “الجمعية القومية للوراثة البشرية” ورئيسة “لجنة أخلاقيات البحوث الطبية” في المركز القومي للبحوث- في مقابلة أجراها معها موقع “للعلم” إن “أهم النصائح تتمثل في اللجوء إلى المراكز المتخصصة لإجراء دراسة مفصلة لتاريخ العائلة المرضي، وإجراء التحاليل الطبية والوراثية، والحد من زواج الأقارب، خاصة بين أبناء العم أو الخال؛ إذ تتضاعف احتمالات حدوث عيوب خلقية حتى إن لم يكن هناك تاريخ لأمراض وراثية في العائلة. وكذلك عدم الإنجاب في سن متأخرة سواء للأم أو الأب؛ إذ تزيد احتمالات إصابة الأطفال بأمراض اختلال عدد الكروموسومات كلما تأخرت سن الإنجاب. هذا بالإضافة إلى حرص الأم، خلال فترة الحمل على تجنُّب التعرُّض لملوِّثات بيئية مثل الإشعاع أو الكيمياويات أو المبيدات، أو تناول العقاقير الطبية دون استشارة الطبيب وخاصة مضادات الصرع، فضلًا عن تجنُّب الاختلاط بأطفال مصابين بالحصبة الألمانية”.
وبالرغم من صعوبة ذلك، إلا أنه يمثل ضرورةً ملحة؛ إذ أن التعرُّض للملوِّثات قد يسبب طفراتٍ وراثية على مستوى الكروموسومات -من حيث عددها أو تركيبها- أو على مستوى الجينات، ويظهر أثرها في الأجيال القادمة، كما قد يسبب الإصابة بمرض السرطان.
وعلى الأم الحامل تجنُّب التعرض للأشعة التشخيصية أو العلاجية أو الاختلاط بأطفال مصابين بالحصبة الألمانية خلال بدء فترة احتمال الحمل (النصف الثاني من انتهاء الدورة الشهرية) وطوال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل؛ لأن كل تلك العوامل قد تؤثر سلبًا على صحة الجنين. هذا فضلًا عن ضرورة اهتمام الأم بتناوُل الأغذية الصحية مثل الفواكه والخضروات والمواد الغنية بالبروتين، وتجنُّب تناوُل أطعمة غير مغسولة لاحتمال احتوائها على التوكسبلازما الذي يسبب تشوُّهات الأجنة، بالإضافة إلى إجراء اختبار “ألفا فيتو بروتين”، ويُستعمل هذا التحليل من أجل تشخيص العديد من الأمراض الوراثية عند الجنين.
ويجب التأكد من عدم إصابة المولود بأيٍّ من أمراض سوء التمثيل الغذائي الوراثية، وكذلك تحديد فصيلة دم الأم والأب، فإذا كانت الأم ذات “أر إتش” سالب وفصيلة كلٍّ من الزوج والطفل “أر إتش” موجب لا بد من إعطاء الأم المصل المضاد لأمراض الأنيميا الحادة والصفراء الشديدة خلال الـ48 ساعة الأولى من الولادة أو إذا حدث إجهاض، وذلك لتجنُّب حدوث المرض العصبي المعروف باسم “اليرقان النووي” الذي يؤثر على جميع وظائف مخ الطفل؛ إذ تترسب مادة “البيليروبين” (صبغة صفراء اللون) في خلايا المخ، وهذه المادة تنتج عن زيادة تكسُّر خلايا الدم الحمراء.