إجراءات أميركية ضد السعودية مع وقف التنفيذ

واشنطن - تدرس الإدارة الأميركية جملة من الإجراءات العقابية ضد المملكة العربية السعودية، ومن بينها إبطاء المساعدت العسكرية بما يشمل تسليم شحنات من صواريخ باتريوت، لكنها ليست في وارد إقرار أي خيارات أو المضي بها قبل شهر ديسمبر، موعد الاجتماع المقبل لتحالف أوبك.
وتشهد العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية توترا على خلفية قرار تحالف أوبك+ خفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميا ابتداء من نوفمبر، حيث اعتبرت إدارة بايدن أن قرار الكارتل النفطي الذي تقوده الرياض وموسكو ذو مسحة سياسية، وهو الأمر الذي تنفيه بشدة السعودية، وتعتبره قرارا “اقتصاديا بحتا” فرضته الضرورة.
وتوعد المسؤولون الأميركيون، وفي مقدمتهم الرئيس جو بايدن، بالرد على القرار، خاصين بالذكر السعودية، التي أظهرت إلى حد الآن تعاطيا “ناضجا” مع الحملة الأميركية، لكن من غير المؤكد ما إذا كان ذلك سيستمر طويلا في حال اتجهت الإدارة الأميركية إلى اتخاذ قرارات عملية تستهدفها على أرض الواقع كتجميد صفقات الأسلحة.
ونقلت شبكة “أن.بي.سي” الإخبارية الأميركية عن مسؤولين أميركيين اثنين ومصدر مطلع على مناقشات تجري في البيت الأبيض، القول إن بعض المسؤولين العسكريين يؤيدون فكرة إبطاء المساعدت الدفاعية للرياض، لكن آخرين يرون أن العلاقة العسكرية بين الولايات المتحدة والسعودية يجب أن تكون بمعزل عن أي إجراءات انتقامية.
بعض القادة العسكريين في الولايات المتحدة قلقون من مخاطر تأخير تسليم صواريخ باتريوت للمملكة العربية السعودية
ولدى السعودية عقد لشراء 300 صاروخ موجه تستخدم في أنظمة الدفاع الجوي من طراز باتريوت، والتي تعد بالغة الأهمية بالنسبة للسعوديين الذين يواجهون تهديدات مستمرة بالصواريخ والطائرات المسيّرة، التي يطلقها الحوثيون في اليمن.
ووفقا للشبكة الأميركية، يشعر بعض القادة العسكريين بالقلق من أن تأخير تسليم صواريخ باتريوت للسعودية يمكن أن يعرض القوات الأميركية والمدنيين في المملكة للخطر، فضلا عن أنه يشكل تهديدا للعلاقات الدفاعية والأمنية الإقليمية.
وترتبط السعودية والولايات المتحدة بشراكة عسكرية متينة لعقود، وقد شهدت هذه الشراكة بعض الهزات خلال السنوات الأخيرة، لكنها ظلت صامدة، ويرى مراقبون أن مسعى إدارة بايدن للزج بهذه الشراكة في معركة لي ذراع مع المملكة توجه خطير، من شأنه أن يلحق ضررا كبيرا بالولايات المتحدة نفسها، حيث إن الرياض لن تقف مكتوفة الأيدي وبالتأكيد سترد على أي خطوة في هذا الإطار، من قبيل تعزيز انفتاحها العسكري على الصين وروسيا.
وقال مسؤولون عسكريون حاليون وسابقون إنهم رفعوا القضية إلى كبار مسؤولي البيت الأبيض، وأبلغوهم بضرورة فصل العلاقات العسكرية عن باقي المسائل، وهو ما يتماشى مع ما فعلته الإدارات الأميركية السابقة عند حصول خلافات دبلوماسية.
وأكد المسؤولان الأميركيان والمصدر المطلع على المناقشات أن إدارة بايدن منفتحة على جميع الخيارات، لكن لم يتم اتخاذ أي قرار حتى الآن، ومن غير المرجح أن تكون هناك أي قرارات في المستقبل القريب.
وأشاروا إلى أن اجتماع أوبك المقبل المقرر في ديسمبر سيكون بمثابة نقطة التحول. وقالوا إن السعوديين في حال رفعوا من كميات الإنتاج بعد الاجتماع، فمن الممكن ألا تتخذ الولايات المتحدة أي إجراءات ضد المملكة على الإطلاق.
وقال المسؤولان للشبكة إن هناك خيارا آخر مطروحا على الطاولة وهو استبعاد السعوديين من أي تدريبات ومشاركات عسكرية مقبلة، كالاجتماعات أو المؤتمرات الإقليمية. وأضاف المسؤولان أنه لا يزال من المرجح أن يشارك السعوديون في تمرين عسكري قادم وبعض الالتزامات الإقليمية الأخرى خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وأكد مسؤولون حاليون وسابقون أنه لا توجد حتى الآن أي مناقشات جادة بشأن تغيير طبيعة وجود القوات الأميركية في المملكة العربية السعودية في الوقت الحالي. لكنهم أشاروا إلى أن الإدارة الأميركية بدأت تناقش بعد قرار خفض إنتاج النفط مباشرة مسائل متعلقة بوجود القوات الأميركية في السعودية، كأعداد الجنود وما الذي يفعلونه هناك وكلفة نشرهم في السعودية.
وأوضح المسؤولون أن البيت الأبيض غاضب ويريد فعلا معاقبة السعوديين، لكن الأمر معقد نظرا لأن الشركاء والحلفاء الآخرين في المنطقة يعولون على المملكة العربية السعودية.
إدارة بايدن تعتبر أن قرار الكارتل النفطي الذي تقوده الرياض وموسكو ذو مسحة سياسية
وقال أحد المسؤولين الأميركيين في تصريحات للشبكة التي ترجمتها “الحرة”، “يجب أن يكون هناك توازن بين معاقبة السعودية، وعدم جعل الأمور أكثر صعوبة أو خطورة بالنسبة للولايات المتحدة”.
وذكر أحد مسؤولي البيت الأبيض أن بينما يجري النظر في إجراء تغييرات على المساعدات الأمنية المقدمة للرياض، فإن إدارة الرئيس جو بايدن ليست في عجلة من أمرها لاتخاذ قرار بهذا الشأن.
وكانت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير أوضحت قبل أيام خلال ندوة صحافية أن إدارة بايدن “تواصل التفكير بشكل إستراتيجي في ماهية عملية مراجعة علاقتها مع السعودية، وكيف ستمضي قدما في هذه العلاقة”. وأضافت جان بيير “إننا سنراقب ما ستفعله المملكة خلال الأسابيع المقبلة، وسنبلغ بمشاوراتنا ومراجعتنا”.
وكان تحالف “أوبك بلاس” الذي يضم أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” بقيادة السعودية وعشر دول أخرى منتجة للنفط تقودها روسيا، قد قرر مطلع أكتوبر خفض المعروض الرسمي بمقدار مليوني برميل في اليوم اعتبارا من الأول من نوفمبر، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار قبيل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، التي يراهن عليها الديمقراطيون للحفاظ على سيطرتهم على مجلسي النوب والشيوخ.