على النخبة الشريفة من أبناء الشعب العراقي، شيعة وسنة، عربا وأكرادا، مسلمين ومسيحيين، أن تتداعى إلى تشكيل هيئة قضائية شعبية عليا مستقلة توثق وتحقق وتدقق في كل صغيرة وكبيرة، من أول ولادة داعش حتى سقوطه الأخير.

قبل أن نفرح باستعادة الموصل وقبل أن نترحم على أرواح ضحاياها لا بد لنا أن نعترف بأن داعش ذهب لكن بقيت إيران وقطر وتركيا، وكل واحدة منها قادرة على أن تلد من جديد دواعش أكثر توحشا ودموية.

لماذا يُصرّ السيد مسعود على اتخاذ أهل كردستان دروعا بشرية في حروبه الرئاسية الخاصة التي يخوضها مع خصومه في الداخل، وخصومه في الخارج؟

العبادي مرة مع المحاصصة الطائفية ومرة ضدها. مع المالكي يوما، ويوما ضده. مع الائتلاف (الوطني) تارة، وليس معه تارة أخرى. مع أميركا وضدها. ومع إيران وضدها. مع السنة وضدهم. مع الحشد الشعبي وضده.

أي جماعة دينية أو سياسية تخرج من إطارها الفكري التبشيـري وتعمـل على فــرض عقيـدتهـا بالقـوة علـى المجتمـع هي في المقـاييس العلمـانية الديمـقراطية، جمـاعة مخلة بالأمن العام وتهدد سلام المجتمع.

ممارسة العنف كأداة سياسية إرهاب. وتمويله إرهاب. وتصدير الفكر الظلامي الطائفي والعنصري الذي يؤجج الأحقاد بين الطوائف والشعوب إرهاب.

يقول الواقع والتاريخ والسياسة والجغرافيا، معا، إن الحكم القطري الجديد حزم أمره واختار الطريق الصعب، طريق المشاكسة والمخالفة والمناكدة والطعن في الظهر، ما استطاع إليه سبيلا.

كما قلب نورييغا لأولياء نعمته الأميركيين ظهر المجن واتخذ من "الحشاشين" في أميركا الجنوبية أولياء وحلفاء، فعل المالكي الشيء نفسه. فقد غدر بأولياء نعمته الأميركان أيضا، واتخذ من "الحشاشين" العراقيين الإسلاميين والإيرانيين أولياء.

لعل أكبر أخطائها كان في اعتقادها بأن الصغير يُصبح كبيرا إذا احتمى بالكبار، وبأن الاستقواء بالثعابين والتماسيح والذئاب المفترسة كفيل بتحويل إمارة صغيرة، بأرضها وشعبها، إلى لاعب إقليمي معتمد ومحترم ومهاب من قبل جيرانه.

قبل مؤتمر الرياض كانت المشكلة كلها تكمن في غياب اتفاق دولي وإقليمي على تعريف محدد وواضح للإرهاب، وتشخيص واقعي وصريح لهوية أصحابه، دون استثناء.

قادة النظام الإيراني، ووكلاؤه العراقيون، عميان بصر وبصيرة، لا يرون الغابة المحيطة بهم، والتي لا ترفض وجودهم في العراق وسوريا ولبنان واليمن فقط، بل تعمل على إشعال الحرائق في الداخل الإيراني نفسه.

المالكي لم يتغير، ولم يعلن أنه تخلى، أو سيتخلى عن نهجه الديني الطائفي، ولا عن فكره الظلامي المتخلف، ولا عن طائفيته وتبعيته الإيرانية، ولم يتعهد بأن يخفف عداءه المبدئي للعلمانية.

لكي تتحقق المصالحة والعدالة ونظرية "الحكم للجميع" نريد أن يجرؤ رئيس وزرائنا الذي أتت به المرجعية وأميركا وإيران باسم محاربة الفساد.

هناك وحدة حقيقية بين الجماهير العربية والكردية المستقلة البريئة المتطلعة إلى العيش الآمن الكريم في دولة موحدة مستقرة وقوية، والغاضبة اليوم على حكامها الأكراد والعرب جميعا.

أدعياء المقاومة الذين يتباكون على الأسد ويتداعون إلى النفير العام للدفاع عن كرامة الأمة ضد اعتداءات أميركا "الترامبية" وأنصارها من الإمبرياليين والصهاينة، هم من تآمروا مع أميركا "البوشية" وأعانوها على غزو العراق وسهلوا احتلالها.

المزعج في قرار الأعضاء الأكراد في مجلس محافظة كركوك أنه جاء من طرف واحد، وفيه، إضافة إلى الاستهانة بمكونات المحافظة الأخرى، غرور وتحد وتصعيد عداوة بلا مبررات.

لا اعتراض على فكرة حكومة الأغلبية لو كانت وليدة انتخابات سليمة بين أحزاب حقيقية تستمد شرعيتها من برامجها، لا بسلاح ميليشياتها، ولا بشعارات وفتاوى دينية طائفية.

تعلم الخميني من هزيمته في حربه التقليدية مع خصمه الشخصي صدام حسين أن خوض حروبه بوكلائه المحليين أضمن للنتيجة وأقل تكلفة من خوضها بجنود جيوشه الإيرانية.