إبرام اتفاق مع إيران أقل صعوبة من التوصل إلى سلام في غزة وأوكرانيا

واشنطن - وسط تعذر الوفاء بوعوده الانتخابية بإحلال السلام سريعا في غزة وأوكرانيا، يتحول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى تحد آخر، وهو كبح البرنامج النووي الإيراني المستمر في التطور.
وتخطط إدارته لعقد جولة ثانية من المحادثات مع إيران اليوم السبت في روما، وهو أمر لم يكن الكثيرون يتصورون حدوثه بالنظر لسنوات العداء الطويلة التي تعود لولاية الرئيس الجمهوري الأولى عندما انسحب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 وتبنى سياسة “أقصى الضغوط” على الجمهورية الإسلامية عبر فرض عقوبات لشل البلاد.
ويشير محللون إلى أنه على الرغم من العقبات الهائلة التي تعترض طريق إبرام اتفاق مع إيران فإن التوصل إلى اتفاق ثنائي بين الولايات المتحدة وإيران قد يكون أقل صعوبة بالنسبة إلى ترامب من التوصل إلى سلام دائم بين الأطراف المتحاربة في غزة وأوكرانيا.
وقالت لورا بلومنفيلد محللة شؤون الشرق الأوسط في كلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة بواشنطن “عندما تكون طرفا في اتفاق نووي، ستستطيع الولايات المتحدة فرض قدر من السيطرة،” مضيفة أن الطرفين “مستعدان ومتحمسان لإنهاء التوتر النووي.”
ورغم أنه لا أحد يستبعد احتمال إحراز تقدم بعد اجتماع عُقد في سلطنة عمان مطلع الأسبوع ووصفه الجانبان بأنه إيجابي، فإن المفاوضين لا يرفعون سقف توقعاتهم بتحقيق إنجاز سريع في الخلاف المستمر منذ عقود.
النقاش حول بنود اتفاق نووي إطاري لا يزال في مرحلة مبكرة، إلا أن الجانبين قد يتوصلان إلى اتفاق مؤقت قبل التوصل إلى اتفاق مفصل
وأفاد مصدر مطلع على اجتماع عقد بالبيت الأبيض مع الرئيس الثلاثاء بأن النقاش حول بنود اتفاق نووي إطاري محتمل لا يزال في مراحله المبكرة للغاية بين مساعدي ترامب. وقال مصدران مطلعان على تفكير البيت الأبيض إن الجانبين قد يتوصلان إلى اتفاق مؤقت قبل التوصل إلى اتفاق أكثر تفصيلا.
وتفاقِم تهديدات ترامب المتكررة بقصف المواقع النووية الإيرانية ما لم يتم التوصل إلى اتفاق التوترَ الإقليمي الذي يكتنف الجهد الدبلوماسي.
وقد يعني هذا أن ترامب، الذي تعهد في خطاب تنصيبه في 20 يناير بأن يكون “صانع سلام”، يمكن أن يدفع الولايات المتحدة إلى صراع جديد في الشرق الأوسط.
وقال ترامب الخميس إنه ليس في عجلة من أمره لضرب إيران، وشدد على أن المفاوضات هي خياره الأول.
وذكر ترامب خلال اجتماع في البيت الأبيض مع رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني “إذا كان هناك خيار ثانٍ، فأعتقد أنه سيكون سيئا للغاية بالنسبة إلى إيران. أعتقد أن إيران ترغب في الحوار. آمل أن يكونوا كذلك. سيكون الأمر جيدا للغاية لهم إذا فعلوا ذلك.”
ويقود فريق التفاوض الأميركي ستيف ويتكوف وهو صديق لترامب ومستثمر عقارات لا يملك خبرة دبلوماسية سابقة ويصفه بعض المحللين بأنه “مبعوث الإدارة لكل شيء.” وقد جرى تكليف ويتكوف بالتوصل إلى اتفاق مع إيران، بالإضافة إلى إنهاء حربي غزة وأوكرانيا اللتين لا تزالان مستعرتين.
وعلى الجانب المقابل من الطاولة يجلس وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، وهو مفاوض محنك يخشى بعض الدبلوماسيين الغربيين من أنه سيستغل تواضع خبرة ويتكوف.
المفاوضون لا يرفعون سقف توقعاتهم بتحقيق إنجاز سريع في الخلاف المستمر منذ عقود.
وقال جوناثان بانيكوف، المسؤول السابق بالمخابرات الوطنية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط، عن مهمة ويتكوف “الحاجة إلى تحقيق موازنة بين غزة وأوكرانيا وإيران ستمثل تحديا من منظور القدرة الذهنية لأي شخص.”
وأضاف بانيكوف، الذي يعمل حاليا مع مؤسسة المجلس الأطلسي البحثية في واشنطن، أن “هذا ينطبق بشكل خاص على إيران، نظرا إلى كمية التفاصيل الفنية والتطورات التاريخية والاعتبارات الجيوسياسية الإقليمية والتعقيدات الأوسع نطاقا.”
ويتمتع ويتكوف بمصدر مميز للقوة التفاوضية لوجود خط مباشر بينه وبين ترامب، وهو أمر ينبغي أن يرسل بإشارة إلى الإيرانيين بأنهم يتلقون آراء الرئيس من شخص يثق به. إلا أن الأيام وحدها هي التي ستظهر ما إذا كان هذا سيساعد حقا جهود الإدارة لإبرام اتفاق.
وأضافت تعليقات ويتكوف نفسه في الأيام الماضية المزيد من الضبابية لسياسة حافة الهاوية التي ينتهجها ترامب مع إيران. فقبيل محادثات السبت الماضي، قال لصحيفة “وول ستريت جورنال” إن الخط الأحمر سيكون “تسليح” البرنامج النووي الإيراني في تراجع على ما يبدو عن مطلب ترامب بتفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل.
وقال لاحقا لـ”فوكس نيوز” مساء الاثنين إنه قد يُسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم بمستوى منخفض ولكن فقط مع تدابير تحقق صارمة، قبل أن يبدو وكأنه يتراجع عن ذلك يوم الثلاثاء عندما قال في منشور على موقع إكس إنه يتعين على إيران “التخلص” من برنامجها للتخصيب. وردا على ذلك، قال عراقجي يوم الأربعاء إن “مبدأ التخصيب غير قابل للتفاوض.”
ويبدو أن العقوبات القاسية المفروضة على إيران ساهمت في دفع الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) إلى طاولة التفاوض. لكن طهران، التي طالما نفت الاتهامات الغربية والإسرائيلية بأنها تسعى إلى امتلاك سلاح نووي، تتعامل مع المحادثات بحذر فهي متشككة إزاء ترامب وإزاء آفاق التوصل إلى اتفاق.