أول مسبار بشري يتصدى لكوكب كارثي قبل 150 عاما

نجح مسبار أميركي في أن يكون أول مسبار بشري يقترب جدا من جرم فضائي خطير يهدد بتدمير الأرض بعد 150 عاما من اليوم، وذلك للحصول على أكبر عيّنة تُجلب من الفضاء منذ رحلات “أبولو” المأهولة إلى القمر قبل نصف قرن.
واشنطن- بلغ المسبار الأميركي “أوزيريس ريكس”، بعد رحلة من عامين ونصف العام في الفضاء، كويكبا صغيرا قطره 500 متر، يعتقد أنه يحمل مركبات عضوية أساسية للحياة لكنه في الوقت نفسه قد يصطدم بالأرض في غضون نحو 150 عاما، لاستخراج عيّنات منه في العام 2020 وجلبها إلى الأرض، بحسب ما أعلنت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا).
وقال دانتي لوريتا المسؤول عن المهمة في تغريدة على تويتر “شعور رائع أن نبلغ اليوم الذي أشرنا إليه على جدولنا قبل عامين”. ويطلق العلماء على هذا الكويكب اسم “بينو”، وهو يدور حول الشمس بسرعة 100 ألف كيلومتر في الساعة، ويبعد عن الأرض حاليا 124 مليون كيلومتر.
وانطلقت المركبة في سبتمبر عام 2016 في مهمة لم يسبق لها مثيل في ناسا وتستغرق سبعة أعوام لإجراء مسح عن قرب للكويكب بينو وأخذ عينة من سطحه وإعادة هذه المادة إلى الأرض لدراستها.
وبينو عبارة عن كتلة صخرية تبدو كشجرة بلوط عملاقة ويعتقد أنه غني بجزيئات عضوية دقيقة يمثل الكربون عنصرا رئيسيا فيها وترجع لأوائل أيام المجموعة الشمسية. وقد تحتوي المعادن الموجودة في هذا الكويكب على الماء وهو عنصر مهم آخر في تطور الحياة. وقد استمرت رحلة المسبار لبلوغ الكويكب أكثر من سنتين. وأفادت ناسا بأنها تلقت إشارات تثبت أنه وصل إلى جوار الكويكب، على بعد سبعة كيلومترات منه، وهو لن يهبط على سطحه قبل منتصف العام 2020.
وسيبدأ المسبار الآن عملا طويلا في مراقبة الكويكب الصغير، من تصويره ورسم خارطة لسطحه وتحليل المعلومات، على أن يقترب منه إلى مسافة 225 مترا في العام المقبل. وحينها سيتمكن العلماء من تحديد المناطق المنبسطة منه وتلك المتعرجة، وسيرون ما إن كانت القطع الصخرية على سطحه كبيرة أم صغيرة، وما إن كان هناك غبار يدور في فلكه يمكن أن يؤذي المركبة، وسيحددون وزنه وقوة جاذبيته.
وهذا الجرم ليس كرويا تماما، ويبلغ قطره 493 مترا، أي ما يعادل طول ناطحة السحاب “وان وورلد ترايد سنتر” في نيويورك. ويقترب المسبار في منتصف العام 2020، من السطح ببطء شديد وتمتد منه ذراع إلكترونية تستخرج ما لا يقل عن ستين غراما من المواد، وقد يصل وزن العيّنة إلى كيلوغرامين.
ومن المقرر أن يعود إلى الأرض في العام 2023 حاملا معه أكبر عيّنة تُجلب من الفضاء منذ رحلات “أبولو” المأهولة إلى القمر قبل نصف قرن. وهي المرة الأولى التي يصل فيها مسبار بشري إلى مدار جرم فضائي صغير إلى هذا الحدّ، فقد سبق أن أرسلت اليابان مسبارها “هايابوسا 2” إلى الكوكيب ريغو، لكن هذا الجرم أكبر من بينو بست مرات.
وتتكوّن الكويكبات من مواد عضوية تعود إلى زمن تشكّل المجموعة الشمسية قبل أربعة مليارات و500 مليون سنة، وهي ما زالت محافظة على هذه المواد بخلاف كوكب الأرض الذي انصهرت عناصره وذابت وتحوّلت.
ولهذا يهتمّ العلماء بدراسة الكويكبات لفهم أصول المجموعة الشمسية وتكوّنها الأول. وكانت قائمة الكويكبات المرشّحة للدراسة تبلغ سبعة آلاف في العام 2008، اختير منها بينو لأنه ليس كبيرا ولا صغيرا جدا، ولأنه يحتوي على جزيئات كربون، بحسب عمليات المراقبة بالتلسكوبات.
وقال أرلين بارتلز المسؤول في هذه المهمة “نريد أن نعثر (..) على مواد يمكن أن تساعدنا في فهم كيف ظهرت الجزيئات العضوية على الأرض”. والسبب الآخر الذي يدفع العلماء إلى الاهتمام بهذا الجرم أن هناك خطرا، وإن كان ضئيلا، لارتطامه بالأرض بين العامين 2175 و2199.
ومع أن هذا الخطر لا يزيد عن واحد على 2800 ولن يقع قبل 150 عاما، إلا أن العلماء يرغبون في دراسة مساره لتحديد الخطر بدقة أعلى. وبهذه النسبة يحتل بينو المرتبة الثانية في سجل ناسا الذي يضم 72 من الجسيمات القريبة من الأرض والتي قد تصطدم بها. ويعود المسبار بعد الانتهاء من جمع العينات، أدراجه إلى الأرض في رحلة ستكون أطول، إذ ينبغي الانتظار إلى حين اقتراب مدار الكويكب من مدار الأرض.