أول محادثات أوروبية أميركية لإنقاذ الاتفاق النووي من الانهيار

باريس - يبحث وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا الخميس، مع نظيرهم الأميركي أنتوني بلينكن الملف الإيراني، في وقت صعدت فيه طهران انتهاكاتها لبنود الاتفاق النووي للضغط على المجموعة الدولية، ولاسيما الولايات المتحدة بشأن رفع العقوبات التي أعيد فرضها عقب الانسحاب الأميركي من الاتفاق عام 2018.
وأعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية في بيان، أنّ جان-إيف لودريان سيستقبل في باريس نظيريه الألماني هايكو ماس والبريطاني دومينيك راب، وسينضم إليهم وزير الخارجية الأميركي عبر الفيديو، في لقاء "يخصّص بشكل أساسي لإيران والأمن الإقليمي في الشرق الأوسط".
ويأتي الاجتماع قبل أيام من استحقاق يثير قلقا، فبموجب قانون أقرّه في ديسمبر مجلس الشورى الإيراني الذي يهيمن عليه المحافظون، يتعيّن على الحكومة تقليص نشاط مفتّشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في حال لم يتم رفع العقوبات المفروضة على إيران.
وأشار وزير الخارجية محمد جواد ظريف في تصريحات سابقة، إلى أن المهلة التي يمنحها القانون قبل الإقدام على هذه الخطوة تنتهي في 21 فبراير.
والأربعاء، أعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في اتصال هاتفي مع الرئيس الإيراني حسن روحاني عن "القلق" حيال مستقبل الاتفاق النووي، في ظلّ تراجع طهران عن عدد من التزاماتها ضمنه. وقال المتحدث باسمها ستيفن سيبرت في بيان "حان الوقت لبوادر إيجابية تثير الثقة وتزيد من فرص الحل الدبلوماسي".
وفي أحدث تصعيد إيراني قال تقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأربعاء، "إن إيران أبلغت الوكالة التابعة للأمم المتحدة بأنها تخطط لتركيب المزيد من أجهزة الطرد المركزي المتطورة من طراز 2إم-آي.آر في محطة تخصيب اليورانيوم تحت الأرض في نطنز، مما سيزيد من انتهاك الاتفاق النووي".
وينص اتفاق إيران مع القوى الكبرى على أنه لا يمكنها التخصيب إلا في محطة تخصيب الوقود، باستخدام أجهزة طرد مركزي من الجيل الأول الأقل كفاءة بكثير آي.آر-1.
ويتوجه المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي السبت إلى طهران، "لإيجاد حلّ مقبول للجانبين، لتتمكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية من مواصلة أنشطة التحقق التي تقوم بها في هذا البلد"، وفق ما أعلنت المنظمة القلقة من "الآثار الجدية" للخطوات المقبلة.
وكان روحاني أبدى الأربعاء استعداد بلاده لاستضافة مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وقال "إذا أراد أن يفاوض، يمكنه أن يفاوض، لا مشكلة لدينا في ذلك"، مشدّدا على أنّ الخطوة الإيرانية المقبلة "لا تتعلق بترك نشاطاتنا من دون تفتيش".
وبدأت إيران بالتخلي تدريجيا عن التزاماتها بموجب الاتفاق، منذ انسحاب الولايات المتحدة منه خلال ولاية دونالد ترامب.
ووصول جو بايدن إلى البيت الأبيض في 20 يناير أعطى أملا باستئناف الحوار، بعد سياسة "الضغوط القصوى" التي مارسها سلفه.
وأعربت الإدارة الجديدة عن رغبتها بالعودة إلى الاتفاق، لكنها تطلب من إيران العودة إلى الالتزام الكامل به أولا.
والأربعاء، شدّد المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، على وجوب أن تضمن طهران "تعاونا كاملا وسريعا" مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأضاف أنّه "يجب على إيران أن تتراجع وألا تتّخذ أيّ إجراء آخر من شأنه التأثير على ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي ضمانات لا تعوّل عليها الولايات المتحدة فحسب، ولا حلفاؤنا وشركاؤنا في المنطقة فحسب، بل العالم بأسره".
وتطالب إيران في المقابل برفع العقوبات المفروضة عليها أولا، وترفض الدعوات إلى توسيع بنود الاتفاق.
وحذّرت كلّ من فرنسا وألمانيا وبريطانيا الجمعة، من أن إيران "تقوّض" فرص العودة إلى المفاوضات لإنقاذ الاتفاق المبرم عام 2015 بشأن برنامجها النووي بخرقها المتكرر للنص، بعد إعلانها بدء إنتاج اليورانيوم المعدني.
وقالت إيلي جرنمايا من المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية "لا تزال هناك نافذة صغيرة للحدّ من الأضرار، التي قد تنجم عن الخطوات الإيرانية المقبلة".
وقالت الخبيرة "ما نحتاج إليه الآن مبادرات أميركية ملموسة تثبت حقا لإيران أنّ الولايات المتحدة تبتعد عن سياسة الضغوط القصوى في عهد ترامب"، معتبرة أن "على الأوروبيين الضغط على إدارة بايدن للإعلان بوضوح عن تصميمها على العودة إلى اتفاق" فيينا.
وتابعت "على الولايات المتحدة وأوروبا العمل معا لمنح الاقتصاد الإيراني استراحة على الأجل القصير"، للعودة إلى نهج احترام بنود الاتفاق النووي العائد إلى 2015، في حين تعاني البلاد الخاضعة للعقوبات الأميركية من النتائج الاقتصادية لجائحة كورونا.
وسيطرح ملف إيران الجمعة خلال المؤتمر السنوي للأمن في ميونخ، ويشارك فيه عبر الفيديو الرئيس جو بايدن والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.