أوروبا تحت وطأة الضغوط لمراجعة سياساتها مع المهاجرين في المتوسط

الأمم المتحدة تدعو الاتحاد الأوروبي إلى إصلاح عمليات البحث والإنقاذ في البحر المتوسط وتؤكد أن الممارسات الحالية تحرم المهاجرين من حقوقهم.
الخميس 2021/05/27
رحلة محفوفة بكل أنواع الأخطار

جنيف- يواجه الاتحاد الأوروبي ضغوطا أممية شديدة من أجل مراجعة سياسته مع المهاجرين القادمين من الضفة الجنوبية للمتوسط لأنه لم يعالج أوجه القصور التي من المفترض أن تكون دعامة أساسية لحل هذه القضية المثيرة للجدل.

ويرى متابعون أن أسلوب بروكسل وإن كان يرتكز على إصلاح جوهري يتضمن تشديد عمليات إعادة المهاجرين غير القانونيين وتعزيز المراقبة على الحدود الخارجية وتسريع آليات التنفيذ لمواجهة التهديدات الأمنية، إلا أن الخطة تتعرض لانتقادات شديدة كونها ستساهم في إثارة المشاكل حتى من الناحية العنصرية.

تتجنب السفن التجارية الخاصة بشكل متزايد مساعدة المهاجرين المعرّضين للخطر بسبب الجمود والتأخير في إنزالهم في ميناء آمن في نهاية المطاف

ودعت الأمم المتحدة الأوروبيين إلى إصلاح عمليات البحث والإنقاذ في البحر المتوسط، مؤكدة أن الممارسات الحالية تحرم المهاجرين من حقوقهم وكرامتهم حين لا تؤدي إلى خسارة أرواحهم.

وجاء في تقرير لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان حول عمليات البحث والإنقاذ وحماية المهاجرين في المتوسط والذي نشر الأربعاء، أن السياسات والممارسات المطبقة “تفشل في إعطاء الأولوية لحياة وسلامة وحقوق الإنسان للأشخاص الذين يحاولون العبور من أفريقيا إلى أوروبا”.

ويقطع الآلاف من اللاجئين والمهاجرين الذين يأتي الكثيرون منهم من أفريقيا رحلة طويلة وخطرة عبر ليبيا للوصول إلى أوروبا كل عام، وعادة ما يستخدمون قوارب مطاطية، في إطار بحثهم عن حياة أفضل.

ويغطي تقرير مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الواقع في 37 صفحة ويحمل عنوان “تجاهل قاتل” الفترة الممتدة من يناير 2019 إلى ديسمبر 2020، ويصف الأمر بأنه “مأساة إنسانية على نطاق واسع”. وقال إن معدل الوفيات في ازدياد حيث توفي حتى الآن هذا العام ما لا يقل عن 632 مهاجرا.

ميشيل باشليه: يمكن منع أشكال المعاناة وحالات الموت إذا تغيرت الآليات

وذكرت المفوضية “تشير الأدلة إلى أن عدم حماية حقوق الإنسان للمهاجرين في البحر ليس حالة مأساوية استثنائية، بل يأتي نتيجة قرارات وممارسات سياسية عملية اعتمدتها السلطات الليبية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ومؤسساته، وغيرها من الجهات الفاعلة الأخرى التي تضافرت لتهيئة بيئة تعرّض كرامة المهاجرين وحقوق الإنسان للخطر”.

ووجد التقرير أن افتقار المهاجرين للحماية “ليس مأساة منفردة بل نتيجة لقرارات وممارسات سياسية ملموسة من جانب السلطات الليبية ودول أعضاء في الاتحاد الأوروبي ومؤسسات وأطراف أخرى”.

وقلصت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بشكل كبير عمليات البحث والإنقاذ، فيما مُنعت المنظمات الإنسانية غير الحكومية من تنفيذ العمليات المنقذة للحياة.

وخلص التقرير إلى أن ليبيا ليست مكانا آمنا لإنزال مهاجرين يتم إنقاذهم في البحر وأن السياسات الحالية في المتوسط تتيح حصول انتهاكات واستغلال بحق المهاجرين إذا لم تؤد إلى خسارة أرواح.

وطالبت مفوضة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه ليبيا والاتحاد الأوروبي بالقيام فورا بإصلاح سياسات وممارسات البحث والإنقاذ المُعتَمَدة حاليًا في وسط البحر المتوسط.

وقالت إن “المأساة الحقيقية هي أنّه يمكن منع الكثير من أشكال المعاناة وحالات الموت التي يشهدها وسط المتوسط”. وأضافت في بيان منشور على الموقع الإلكتروني للمفوضية السامية “كلّ سنة يغرق الناس لأن المساعدة تأتي بعد فوات الأوان، أو لا تأتي أبدًا حتّى”.

وتابعت “وقد يضطر من يتم إنقاذه إلى الانتظار أحيانًا لأيام طويلة أو لأسابيع حتى، قبل أن يتم إنزاله بأمان أو كما هي الحال بشكل متزايد إعادته إلى ليبيا، على الرغم من أنّه تمّ التأكيد مرارًا أنّ ليبيا لا تشكّل ملاذًا آمنًا بسبب دوامات العنف التي تضربها”.

وبالإضافة إلى ذلك تتجنب السفن التجارية الخاصة بشكل متزايد مساعدة المهاجرين المعرّضين للخطر بسبب الجمود والتأخير في إنزالهم في ميناء آمن في نهاية المطاف.

خطة بروكسل تتعرض لانتقادات شديدة كونها ستساهم في إثارة المشاكل حتى من الناحية العنصرية

وروى مهاجرون لمكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أنه كانت هناك كذلك عمليات إعادة لزوارق المهاجرين من المياه الدولية إلى ليبيا بمساعدة طائرات هليكوبتر أوروبية.

وفي العام الماضي اعترض خفر السواحل الليبي ما لا يقل عن عشرة آلاف مهاجر في البحر وأعادهم إلى ليبيا، مقارنة مع 8 آلاف مهاجر على الأقل في العام 2019. وأشار التقرير إلى أنه في ليبيا وبعد إعادتهم “لا يزال المهاجرون يعانون من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان”.

5