أوباما يعرب عن إعجابه بالبابا في أول لقاء بينهما

الفاتيكان- في لقاء هو الأول من نوعه بين الشخصيتين المؤثرتين في العالم صافح الرئيس الأميركي باراك أوباما والبابا فرانسيس، وكانت مناسبة تحادثا فيها الطرفان عن قضايا الساعة كما تبادلا فيها بعض الهدايا.
استقبل البابا فرنسيس، صباح الجمعة، في الفاتيكان الرئيس الأميركي باراك أوباما في أول لقاء بينهما منذ انتخاب الحبر الأعظم في مارس 2013. وتقدم أول حبر أعظم ينحدر من أميركا اللاتينية نحو الرئيس الأميركي وصافحه بحرارة، ثم وقفا أمام عدسات المصورين قبل أن يجلسا منفردين ويتحادثا بودية. ثم انضم إليهما المترجمان، وهما أحد الكهنة للبابا وامرأة تتولى الترجمة للرئيس الأميركي.
وكان في استقبال الرئيس الأميركي في الباحة الخارجية كبير مسؤولي الكرسي الرسولي يورغ غانسوين، ثم أدى له التحية حرس الحبر الأعظم ورافقوه إلى الطابق الثاني من القصر الحبري. وأثناء سيره ببطء بحسب البروتوكول في الممرات الطويلة التي تغطيها الجداريات، بدا الرئيس الأميركي وكأنه يتأملها بإعجاب.
ويبحث أوباما الذي سبق أن التقى بنديكتوس السادس عشر في يوليو 2009، مع الحبر الأعظم مواضيع مكافحة التفاوت الاجتماعي والأزمات الدولية الكبرى ومسائل اجتماعية في الولايات المتحدة. كما عبر البابا فرنسيس والرئيس الأميركي باراك أوباما عن “التزامهما المشترك باستئصال الاتجار بالبشر في العالم”.
وفي بيان نشره الكرسي الرسولي بعد محادثات أوباما مع البابا ومع سكرتير دولة الفاتيكان بييترو بارولين، أكد الطرفان أيضا على ضرورة أن “يحترما القانون الدولي والإنساني في مناطق النزاع” و”التوصل إلى حل متفاوض عليه” بين الأطراف المتنازعة.
وتلقى البابا فرانسيس، الذي اتخذ اسمه من القديس فرانسيس إسيزي المحب للطبيعة في القرن الثالث عشر، بذورا عضوية من حديقة مطبخ البيت الأبيض لدى لقائه بالرئيس الأميركي باراك أوباما. ومن المعروف أن الحديقة محل فخر وسعادة السيدة الأولى ميشيل أوباما، التي لم ترافق الرئيس الأميركي في زيارته للفاتيكان.
وقال أوباما وهو يقدم للبابا صندوقا خشبيا يحتوي على البذور: “إذا جاءتك الفرصة لزيارة البيت الأبيض، سنريك حديقتنا أيضا”. وأخذ البابا الصندوق قائلا: “أعتقد أنها بذور الجزر”. ودعا أوباما البابا للصلاة من أجله وقال له مازحا، “أرجو أن تشمل صلاتك بناتي وزوجتي كذلك”.
في المقابل، أهدى البابا فرانسيس أوباما نسخة من المنشور البابوي “فرح الإنجيل” والذي ينظر إليه على أنه بيانا بابويا لتوجهاته الإصلاحية، وكذلك ميدالية برونزية تحمل صورة ملاك.
ترغب الولايات المتحدة في أن يزورها البابا في سبتمبر 2015، حين يُنظم لقاء عالميا للعائلات الكاثوليكية في فيلادلفيا
وقال الرئيس الأميركي عن الوثيقة البابوية: “من المحتمل في واقع الأمر أنني سأقرأ هذه الوثيقة في المكتب البيضاوي عندما أكون محبطا للغاية وأنا على يقين من أنها ستمنحني القوة وتهدئ من روعي”. وكان رد البابا عليه، “آمل ذلك”.
واجتمع أوباما في وقت لاحق مع الرئيس الإيطالي جورجيو نابوليتانو بمكتبه في قصر كويرينال، حيث تم الترحيب به وأقيمت له مراسم الاستقبال العسكرية الكاملة، وأثناء تصافح الزعيمين سُمع نابوليتانو وهو يعتذر لأوباما عن طقس روما الممطر لكن الرئيس الأميركي رد عليه: “إنها لا تزال روما.. روما جميلة مهما كان حال الطقس فيها”.
وكانت آخر زيارة لأوباما إلى العاصمة الإيطالية في عام 2009، عندما التقى بسلف البابا فرانسيس، بنديكت السادس عشر.
وفي أعقاب الترتيبات الرسمية التي أقيمت لأوباما مع نابوليتانو ورئيس الوزراء ماتيو رينزي، تم ترتيب جولة خاصة له لزيارة المدرج الروماني الكبير “الكولوسيوم”. وترغب الولايات المتحدة في أن يزورها البابا في سبتمبر 2015، حين يُنظم لقاء عالمي للعائلات الكاثوليكية في فيلادلفيا.
وكان هذا اللقاء بين الشخصيتين الأكثر متابعة على شبكات التواصل الاجتماعي، قد شكل فرصة لأوباما للابتعاد عن الأجواء المثقلة لجولته التي شملت أوروبا والسعودية وتطغى عليها الأزمة الأوكرانية والمفاوضات النووية مع إيران.
وبعد انتهاء اللقاء مع البابا توجه أوباما للقاء الرئيس الإيطالي جورجيو نابوليتانو وتناول الغداء معه. يذكر أن العلاقات بين إيطاليا والولايات المتحدة وثيقة رغم أن روما حريصة على مراعاة موسكو في الملف الأوكراني، بسبب مصالحها الاقتصادية. وكان البيت الأبيض قد أعلن أن لقاء أوباما والبابا سيتناول، “التزامهما المشترك بمحاربة انعدام المساواة”، وهو ما يشكل أولوية في سياسة الرئيس الأميركي.
ورأى جيريمي شابيرو، من معهد بروكينغز في واشنطن، أن أوباما يسعى إلى “الاستفادة من هيبة البابا الجديد” مضيفا، “هذه ليست محطة مخصصة فعليا للسياسة الخارجية”، رغم أن الفاتيكان في ظل حبرية البابا فرنسيس عاد إلى الساحة الدبلوماسية وخصوصا في الملف السوري، بعدما عارض في سبتمبر تدخلا أميركيا ضد سوريا.
وفيما يبقى التفاوت الاجتماعي كبيرا جدا في الولايات المتحدة، يصطدم أوباما بمعارضة الغالبية الجمهورية في مجلس النواب في دفاعه عن فكرة رفع الحد الأدنى للرواتب الفدرالية بنسبة 25 بالمئة، أو محاولته إعادة التوازن للضرائب، بشكل يفيد العائلات المتواضعة.
عبر البابا فرنسيس والرئيس الأميركي باراك أوباما عن التزامهما المشترك باستئصال الاتجار بالبشر في العالم
تصريحات البابا فرنسيس حول “عبادة المال” التي ندد بها بعض البروتستانت المحافظين المتشددين باعتبارها تشبه مفهوم الماركسية، أثارت تعاطفا لدى الكاثوليكيين التقدميين رغم أنه لا يزال على معارضته لزواج مثليي الجنس.
أوباما البروتستانتي تحدث عن المكانة المهمة للدين قائلا في أكتوبر 2013: “لقد تأثرت كثيرا بأقوال البابا، لأنه وقبل كل شيء شخص يجسد تعاليم السيد المسيح”. لكن العلاقات ليست في أفضل حالاتها بين الإدارة الأميركية والكرسي الرسولي ولا تزال بعيدة عن التحالف الذي كان قائما بين البابا يوحنا بولس الثاني ورونالد ريغان.
وأثار إصلاح نظام الضمان الصحي الذي اعتمد في 2010 توترا مع المؤسسات الكاثوليكية الأميركية. وينص القانون على التكفل بوسائل منع الحمل من قبل أرباب العمل وهو ما اعترضت عليه عدة مدارس أو مستشفيات أمام القضاء. كما أبدى البابا في يناير دعمه في تغريدة على “تويتر” لـ“المسيرة الوطنية من أجل الحياة” بهدف مناهضة الإجهاض.