أهالي منطقة القبائل في الجزائر يضربون عن الاقتراع

المتظاهرون قاموا ببناء جدران على مداخل كل الدوائر الإحدى والعشرين في تيزي وزو، على اعتبار أن كل وسائل تنظيم الانتخابات هناك.
الخميس 2019/12/12
انتخابات بلا تطلعات

تيزي وزو (الجزائر) - أعلن سكان تيزي وزو، كبرى مدن منطقة القبائل بشرق الجزائر العاصمة، عن مقاطعة الانتخابات الرئاسية، في خطوة تترجم تمسك المنطقة بفرصة التغيير التي جاءت بعد سنوات طويلة من التجاهل والإهمال وقمع كل محاولة للتعبير عن الرأي والاحتجاج.

وبينما يتجه عدد من الجزائريين، في مناطق أخرى، إلى صناديق الاقتراع خلا وسط مدينة تيزي وزو من أي أثر لملصقات أو لوحات إعلانية للانتخابات وقد خرجت حشود عبرت عن رفضها لها في جميع أنحاء الجزائر.

في المقابل امتلأت جدران المدينة الرئيسية في منطقة القبائل بدعوات لإضراب عام لقيت استجابة واسعة، في ما يدل على التعبئة الكبيرة ضد الانتخابات الرئاسية في هذه المنطقة المعارضة تاريخيا للسلطة وحيث نسبة المشاركة في الانتخابات ضعيفة عادة.

وأوضح عمار بن شيكون (38 عاما) وهو جالس أمام محله المغلق “الإضراب ضربة قوية ضد الانتخابات. نريد أن تكون نسبة التصويت هنا صفر”.

في اليوم الأول من الإضراب الذي بدأ الأحد، أغلقت كل المحلات والإدارات أبوابها، ما عدا الصيدليات التي واصلت بيع الدواء. وأمام مقر الدائرة، وهي الهيئة الحكومية التي تضم عدة بلديات، تجمّع مئات المتظاهرين الرافضين للانتخابات ومنهم بوجمعة لخضاري، التاجر البالغ من العمر 36 عاما، الذي قال “هنا لا إمكانية لأن يضع أي ناخب ورقة تصويت في الصندوق. وفي الحقيقة لا توجد صناديق ولا مكاتب اقتراع!”.

منذ بداية الحملة الانتخابية في 17 نوفمبر، قام المتظاهرون ببناء جدران على مداخل كل الدوائر الإحدى والعشرين في تيزي وزو، على اعتبار أن كل وسائل تنظيم الانتخابات من صناديق وبطاقات مخزنة هناك. وقال مقران (29 عاما) “يريدون تنظيم الاقتراع خفية، لكننا لن ندعهم يفعلون ذلك”.

وخلال الأسابيع الثلاثة للحملة التي انتهت الأحد، لم يزر أي من المرشحين الخمسة تيزي وزو أو بجاية، المدينة الثانية في منطقة القبائل.

والأحد، وعلى بعد بضع مئات الأمتار من مقر الدائرة، حيث انتشرت قوات الشرطة التي اعتمر عناصرها الخوذات وتسلحوا بالدروع، تقدم العشرات من الشباب يحملون الآجر وأكياس الأسمنت في صف واحد نحو مدخل المبنى.

وتحت تأثير الأعداد المتزايدة من المتظاهرين، انسحب رجال الشرطة، وعلت هتافات الفرح من الشباب الذين التفوا حولهم لثلاث ساعات. وهتف المحتجون “جزائر حرة.. ديمقراطية” بعد بناء جدار من الآجر أقفل الباب تماما وكتبت أعلاه مجموعة من الشباب بالأمازيغية “لا للانتخابات”.

ورفع المتظاهرون الأعلام الجزائرية والراية الأمازيغية التي منع الجيش حملها خلال تظاهرات الحراك في كل مناطق الجزائر.

لا أحد يقبل الابقاء على الوجوه القديمة
لا أحد يقبل الابقاء على الوجوه القديمة

ومع انطلاق الحملة المضادة للانتخابات، أصبح الآجر العنصر المفضل لسكان المنطقة. وعلى موقع فيسبوك، وضع العديد من الأشخاص صورة طوبة آجر على صفحته كُتب عليها “ورقة التصويت”.

وقالت وردية (55 عاما) المتقاعدة من سلك التعليم، “هذه هي طريقتنا للتعبير عن رفضنا التام للتصويت”.

وأمام حشد كبير في حالة غضب خطب ماسينيسا حوفل وهو محام، قائلا “نحن هنا لنؤكد مرة أخرى رفضنا (للانتخابات) ولكن بطريقة سلمية (…) لا نريد أن نعيش مآسي الماضي”.

وكان يشير إلى المواجهات الدامية التي عرفت بـ”الربيع الأسود” سنة 2001، واندلعت إثر مقتل شاب داخل مقر للدرك (الأمن) الوطني عشية الاحتفال بالربيع الأمازيغي وهي مناسبة لتجديد مطالب الاعتراف بالهوية الأمازيغية. وأسفرت المواجهات عن مقتل 126 شخصا وآلاف الجرحى.

ويشكل الأمازيغ ربع عدد سكان الجزائر، أي 10 ملايين نسمة، يتحدثون الأمازيغية باعتبارها لغتهم الأم لكنهم يتعلمون في المدارس العربية التي ظلت اللغة الرسمية الوحيدة قبل أن يتم تعديل الدستور في 2016 لتصبح الأمازيغية أيضا لغة رسمية.

ولكن قبل ذلك كانت السلطة ترفض أي اعتراف بالهوية الامازيغية، بل وقمعت كل من طالب بها، على أساس أن الجزائر دولة عربية فقط.

وقال هذا المحامي البالغ من العمر 29 عاما، إنه “مصدوم” لوجود مرشحين مثل علي بن فليس، رئيس الوزراء أثناء قمع التظاهرات في عام 2001، أو رئيس الوزراء السابق عبدالمجيد تبون، وكلاهما عمل تحت السلطة المباشرة للرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة.

وأقسم حوفل أنه “لن يكون هناك تصويت، يجب على السلطة إطلاق سراح سجناء الرأي أولا”، في إشارة إلى مئات المحتجين والنشطاء والصحافيين الذين اعتقلوا أو حُوكموا وأدينوا، حسب منظمات حقوق الإنسان.

6