أهالي غريز نادمون على بريكست بعد دعمهم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

مستوى التأييد لبريكست في أنحاء البلاد لم ينخفض إلى هذا الحد من قبل وفق استطلاع أجرته مؤسسة يوغوف.
السبت 2023/01/28
نادمون على مواقفنا السابقة

ثوروك (المملكة المتحدة) - بعد ثلاث سنوات على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، ينتاب البعض من أهالي غريْز، البلدة الواقعة قرب لندن، الذين صوتوا بأغلبية ساحقة لصالح بريكست، شعور بالندم فيما تشهد البلاد أزمة تلو الأخرى.

تقول ماريا إيفارس (42 عاما) "صوتّ لصالح بريكست، لكني نادمة على ذلك"، وتضيف أنها تشعر بأن السياسيين خدعوها. وتوضح المستشارة النفسية في البلدة الواقعة على بعد 30 كلم شرق العاصمة البريطانية "لم يقدموا لنا الحقائق كاملة.. أخبرونا أشياء لم تكن صحيحة".

وتشرح "البلاد الآن مثل سفينة دون ربان" بعد تنحية رئيسين للحكومة المحافظة العام الماضي، أحدهما بوريس جونسون الذي قاد حملة الخروج من الاتحاد.

في الاستفتاء عام 2016، صوت 72.3 في المئة من الناخبين لصالح الخروج من بريكست في دائرة ثوروك بمنطقة ساسكس التي تضم غريْز، وهي أكبر بلداتها، ويسكنها قرابة 75 ألف شخص. وكانت النسبة رابع أكبر نتيجة مؤيدة لبريكست ضمن 382 منطقة تصويت في بريطانيا أيدت الانفصال.

واختار نايجل فاراج، المشكك بهيئات الاتحاد الأوروبي، دائرة ثوروك مكانا للإعلان عن برنامجه المناهض للاتحاد للانتخابات العامة في مايو 2015.

◙ المؤيدون لبريكست لم يكن لديهم ندم يذكر على تصويتهم بعد عام، لكن مفاعيل الخروج من الاتحاد لم تظهر بالكامل إلا بنهاية يناير 2020

والمنطقة التي كانت تعتمد على الصناعة واستقبلت العديد من المهاجرين من شرق أوروبا، تضم أيضا تيلبوري أحد أكبر موانئ الحاويات في البلاد.

في 2017 أعدت فرانس برس تقريرا من المنطقة، وجد أنه لم يكن لدى المؤيدين لبريكست ندم يذكر على تصويتهم بعد عام. لكن مفاعيل الخروج من الاتحاد لم تظهر بالكامل إلا بنهاية يناير 2020.

وعد جونسون بريطانيا "بتلال تضيئها الشمس". لكنها حصلت على جائحة كوفيد - 19 وتشهد الآن أزمة تكلفة معيشة خانقة نجمت عن تضخم مرتفع جدا.

وذكر مركز الإصلاح الأوروبي أن بحلول نهاية العام الماضي، تقلص الاقتصاد البريطاني بنسبة 5.2 في المئة أي 31 مليار جنيه إسترليني (حوالي 38 مليار دولار)، مقارنة بما كان سيكون عليه لولا خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتأثرها بوباء كوفيد - 19.

وأفلس مجلس ثوروك المحلي فعليا في ديسمبر بعد سلسلة من الاستثمارات الكارثية. وفي وسط بلدة غريْز المخصص للمشاة وضعت على نافذة متجر مهجور لافتة "مغلق إلى الأبد".

ومثل العديد من الشوارع الرئيسية الأخرى في بريطانيا، فإن معظم المتاجر المتبقية يهيمن عليها تجار التجزئة الذين يقدمون حسومات ويعرضون سلعا بجنيه واحد، ومتاجر خيرية ومكاتب رهانات.

وفيما تعزو الحكومة الصعوبات الاقتصادية في بريطانيا إلى الوباء والحرب في أوكرانيا، تُلقى باللائمة بشكل متزايد على بريكست في تراجع البلاد، بعد أن أغلقت الحدود مع السوق الأوروبية الموحدة عبر بحر المانش من إيسكس.

يأس باد على قرار متعجل
يأس باد على قرار متعجل 

وقالت امرأة أخرى تبلغ 50 عاما، طلبت عدم الكشف عن هويتها، "نعم صوتّ لصالح بريكست وليتني لم أفعل ذلك". وأضافت "انظروا إلى البلد الآن. إنها كارثة أليس كذلك؟"، موضحة أن معظم الأشخاص الذي تعرفهم نادمون على تصويتهم بنعم.

وقالت إيفارس إن الذين دافعوا عن تصويتهم لبريسكت يشعرون الآن "بالإحراج"، بل "بالخجل". ولم ينخفض مستوى التأييد لبريكست في أنحاء البلاد إلى هذا الحد من قبل، وفق استطلاع أجرته مؤسسة يوغوف ونشر في نوفمبر.

ويعتقد أقل من ثلث البريطانيين أنه كان قرارا صائبا، أي أن واحدا من كل خمسة مؤيدين للخروج غير رأيه، بحسب الاستطلاع. وتساءل موظف لدى خدمة الصحة الوطنية في غريْز أراد البقاء في الاتحاد "ما الذي كان يتوقعه المؤيدون لبريكست؟"، مضيفا "خسرنا تمويل الاتحاد الأوروبي".

وكان إنقاذ خدمة الصحة الوطنية شعارا لحملة جونسون للخروج من الاتحاد الأوروبي. فقد كتب على حافلة حملته الانتخابية الحمراء “نرسل للاتحاد الأوروبي 350 مليون جنيه إسترليني أسبوعيا. لنموّل خدمة الصحة الوطنية بدلا من ذلك".

◙ اللائمة تُلقى بشكل متزايد على بريكست في تراجع البلاد بعد أن أغلقت الحدود مع السوق الأوروبية الموحدة عبر بحر المانش من إيسكس

وحاليا ينظم عمال خدمة الصحة الوطنية ممن يشملون للمرة الأولى ممرضين وممرضات، إضرابات احتجاجا على الرواتب التي تقدمها الحكومة.

لكن إيلين ريد، البالغة 73 عاما، والتي كانت تعمل في قطاع المال في لندن، ليست ضمن معسكر النادمين. وقالت “قد أصوت مجددا لصالح الخروج".

وأضافت "نحن نعيش على جزيرة، انعزاليون. شعرت بأننا فقدنا السيطرة. بروكسل نقضت العديد من القوانين". وتابعت "الكثير من الأمور حدثت إلى حد لم تتح لنا الفرصة لرؤية كل فوائد بريكست".

والمملكة المتحدة هي الاقتصاد الوحيد في مجموعة السبع الذي لم يعد ناتجه المحلي الإجمالي إلى مستويات ما قبل الوباء. ويقدر مكتب الحكومة البريطانية المكلف بـ”مسؤولية الموازنة” أن الخروج من الاتحاد الأوروبي سيخفض حجم الاقتصاد البريطاني بنحو 4 في المئة في المدى البعيد.

لكن لا حكومة رئيس الوزراء ريشي سوناك المحافظة ولا حزب العمال المعارض يعدان بتغيير المسار، بل تعهدا بإنجاح بريكست.

وقال راي ييتس، البالغ 70 عاما، عامل الميناء السابق، إن الوضع في ثوروك "مخيف"، مشددا في نفس الوقت "لا أزال أؤيّد بريكست”. وأضاف "لكن الأمر سيحتاج إلى بعض الوقت، أقله 10 سنوات، وحكومة جديدة".

وأصبحت بريطانيا عضوا بالاتحاد الأوروبي بداية من عام 1973، ورغم خروجها من الاتحاد في الحادي والثلاثين من يناير 2020، إلا أنها استمرت في الخضوع لقواعد بروكسل طيلة 2020، على خلفية عدم اكتمال عملية الانتقال.

وبدق ساعة “بيغ بن” التاريخية في لندن عند الساعة 23.00 من مساء الخميس الموافق للحادي والثلاثين من ديسمبر 2020، خرجت بريطانيا رسميا من الاتحاد الأوروبي، بعد عضوية دامت نحو 50 عاما.

 

بريكست والشعور الدائم بالندم
خيبات ما بعد قرار الخروج نجنيها الآن 

اقرأ أيضا: 

بريطانيا تدافع عن جدوى خططها لحماية اقتصادها من بريكست

7