أمير الكويت يرفض استقالة الحكومة لتأمين انتخابات تشريعية سلسة

الكويت - رفض أمير الكويت، الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، الثلاثاء استقالة رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح خالد الحمد الصباح الذي وضعها هي واستقالة الحكومة بتصرفه في خطوة اجرائية بعد تولي الأمير الجديد دفة قيادة الإمارة على إثر وفاة الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح.
وربط متابعون رفض الاستقالة بتوجه الأمير الجديد إلى الحفاظ على قدر من الاستقرار في ظل المرحلة الحساسة التي تمر بها الكويت، لافتين إلى أن الأمير نواف يفضل الانتظار إلى حين إجراء انتخابات مجلس الأمة التي لم يعد يفصل عنها سوى أسابيع قليلة لاختيار حكومة جديدة.
وتشير دوائر سياسية كويتية إلى أنه لم يرد في الدستور أي إشارة من قريب أو بعيد عن استقالة الحكومة عند وفاة الأمير، ومع ذلك يملك الأمير الجديد إن أراد إعفاء رئيس مجلس الوزراء في أي وقت.
ومن المتوقع أن يصدر امير الكويت لاحقا مرسوم الدعوة لتنظيم الانتخابات التشريعية بعد فض دور انعقاد مجلس الأمة.
وأثنى الشيخ نواف الصباح على جهود رئيس مجلس الوزراء والوزراء في أداء المهام الوزارية المنوطة بهم، مؤكداً ثقته بالحكومة الحالية للاستمرار في القيام بمهامها وأداء الواجبات الدستورية.
وطالب الحكومة باستكمال التحضير والاستعداد للانتخابات التشريعية القادمة لاستمرار المسيرة الديمقراطية وممارسة الحريات والحقوق الدستورية التي قررها الدستور لجميع المواطنين.
وشدد أمير الكويت على وجوب التزام الجميع بما يفرضه الدستور والقوانين من واجبات ومسؤوليات.
وقال الخبير الدستوري الكويتي الدكتور محمد المقاطع إن استقالة الحكومة كانت أمرا واجبا بسبب تولي أمير جديد للسلطة لأن "الدستور يستلزم أن تحوز الحكومة على ثقة سمو الأمير وهذه هي حكومة الأمير الراحل سمو الشيخ صباح الأحمد وليست حكومة سمو الأمير الجديد الشيخ نواف الأحمد".
وأضاف المقاطع أن المواد 56 و98 من الدستور تفيد بأن تنال الحكومة ثقة سمو الأمير الجديد وبالتالي كان لابد أن تضع استقالتها تحت تصرفه، "وسمو الأمير إن شاء أن يقبل الاستقالة وان شاء أن يجدد الثقة بها، وهو ما حدث بالفعل".
وقال المحلل السياسي ناصر العبدلي إن "الحكومة أرادت أن تغلق الباب أمام أي ثغرات دستورية". وأضاف أن هذه الاستقالة تشكل "رغبة من الحكومة في فتح خيارات أوسع أمام سمو الأمير لاختبار الأفضل. دستوريا، لابد أن تستقيل الحكومة لأنها أخذت شرعيتها من الأمير السابق، وطالما تغير رأس الدولة فلابد أن تجدد الحكومة شرعيتها".
وتنص المادة 56 من الدستور على أن "يعين الأمير رئيس مجلس الوزراء بعد المشاورات التقليدية ويعفيه من منصبه كما يعين الوزراء ويعفيهم من مناصبهم بناء على ترشيح رئيس مجلس الوزراء". بينما تنص المادة 98 على أنه "تتقدم كل وزارة فور تشكيلها ببرنامجها إلى مجلس الأمة، وللمجلس أن يبدي ما يراه من ملاحظات بصدد هذا البرنامج".
والكويت على موعد في نوفمبر المقبل لتنظيم انتخابات برلمانية جديدة في البلاد، وسط دعوات إلى إجراء عملية إصلاحية في النظام الانتخابي والحياة السياسية.
وواجه رئيس الوزراء الكويتي أزمات متعددة على أكثر من صعيد والتي أثرت بشكل مباشر على العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
واستجوب نواب مجلس الأمة أعضاء حكومة الشيخ صباح الخالد منذ تسلمها أشغالها في ديسمبر الماضي، في ملفات طفت على السطح بفعل تفشي أزمة كورونا والانخفاض الحاد في أسعار النفط وفضائح تتعلق بالتجسس وغيرها.
وكان الشيخ نواف قد أدى في الثلاثين من سبتمبر اليمين الدستورية أميرا للكويت، أمام مجلس الأمة الكويتي، خلفا للأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الذي توفي عن 91 عاما.
وبدا اهتمام أمير الكويت الجديد لافتا في سعيه لترتيب البيت الداخلي في الكويت وتركيزه على الملفات الداخلية والخلافات السياسية التي باتت تهدد استقرار البلاد.
وقال أمير الكويت، خلال كلمة أمام مجلس الأمة الكويتي عقب أدائه اليمين الدستورية، إنه يتعهد بالعمل من أجل رخاء واستقرار وأمن البلاد، مشددا على أن التحديات الراهنة تتطلب توحيد الصفوف.
وتأتي هذه التطورات في ظل وضع اقتصادي وسياسي حساس في بلد يطمح إلى الخروج من تداعيات انتشار كورونا بأقل الأضرار.
في آخر تقرير لها أكدت مؤسسة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني أنها لا تتوقع أي تغيير فوري كبير في اتجاه السياسة العامة للكويت بعد وفاة الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.
ومن المستبعد حسب خبراء أن تغير الكويت سياستها الخارجية أو الاقتصادية الداخلية في ملفات النفط والاستثمار، لكن متابعين يرون أن اهتمام أمير الكويت الجديد سينصب على الملفات الداخلية والخلافات السياسية التي باتت تهدد استقرار البلاد.
وقالت ستاندرد آند بورز إن الأمير الجديد سيواجه العديد من التحديات الاقتصادية والسياسة على المدى القريب والمتوسط.
وأضافت الوكالة أن تلك الإصلاحات قد تكون صعبة نظراً إلى طبيعة العلاقة بين مجلس الأمة والحكومة التي تتسم بالمواجهة ما يستوجب على الأمير الشيخ نواف إيجاد توافق في الآراء بين مختلف أصحاب المصلحة السياسيين لتسمية ولي العهد.