أمير الكويت في الولايات المتحدة لاستكمال العلاج

الإعلان عن بدء أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح رحلة علاجية في الولايات المتّحدة يُحيي حالة القلق الذي كاد يتبدّد مع الإعلان مؤخّرا عن نجاح العملية الجراحية التي أجريت له.. وهو قلق مشروع ليس فقط بسبب المميزات الشخصية للأمير وطول خبرته بالشأن الكويتي، ورمزيته كصمام أمان للبلد، ولكن أيضا بسبب الظرف المعقّد والحساس الذي صادف مرضه هذه المرّة.
الكويت- جاء إعلان السلطات الكويتية الخميس عن سفر أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إلى الولايات المتّحدة للعلاج، معاكسا لحالة الطمأنينة النسبية التي سادت البلد بعد الإعلان الأحد الماضي عن نجاح العملية الجراحية التي أجريت للأمير الذي يُنظر إليه في البلد كصمّام أمان واستقرار تتضاعف الحاجة إلى دوره في أوقات الأزمات على غرار الأزمة الاقتصادية والصحية الحالية الناتجة عن جائحة كورونا وتراجع أسعار النفط.
وغادر الشيخ صباح الأحمد فجر الخميس إلى الولايات المتحدة لاستكمال علاج طبّي بعد خضوعه لعملية جراحية، بحسب ما أعلن الديوان الأميري. وقال الديوان في بيان إنّ الأمير “غادر أرض الوطن.. متوجّها إلى الولايات المتحدة الأميركية الصديقة وذلك لاستكمال العلاج”.
وكانت الكويت أعلنت السبت الماضي نقل بعض صلاحيات الأمير إلى ولي عهده الشيخ نواف الأحمد إثر دخول الشيخ صباح الأحمد المستشفى وإجراء عملية ناجحة، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الحكومية.
ولم تذكر السلطات نوعية العملية الجراحية التي أجريت للأمير البالغ من العمر واحدا وتسعين سنة، لكنّ مصادر سبق أن كشفت أنّ الشيخ صباح الأحمد عانى من آلام بسبب التهاب في المسالك البولية.
وكان أمير الكويت قد قام في 2019 برحلة علاجية إلى الولايات المتحدة استمرت ستة أسابيع وتخلّلها إلغاء لقاء مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بسبب وضعه الصحي.
وتعتبر الكويت من البلدان الغنية نظرا لثرائها بالنفط حيث يصل احتياطها من الخام إلى أكثر من 100 مليار برميل، ما يمثل نحو 10 في المئة من احتياطات العالم. وتنتج الكويت نحو 2.7 مليون برميل بترول يوميا تصدر منها نحو مليونين.
ولدى البلد الخليجي البالغ عدد سكانه الأصليين 1.5 مليون نسمة فقط من نحو خمسة ملايين، صندوق ثروة سيادي تزيد أصوله على 600 مليار دولار، ما يوفر وسيلة تمويل للدولة. كما تبلغ حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي أكثر من 70 ألف دولار سنويا، وهي بين الأعلى على مستوى العالم.
ومع ذلك فقد بدأت المخاوف تساور الكويتيين بشأن ثروة بلدهم ومستوى رفاههم، ليس فقط بسبب الأزمة الاقتصادية الراهنة ولكن أيضا بسبب حالة الهدر وسوء التصّرف في الموارد والتي خرجت إلى السطح مع تتالي الكشف عن قضايا الفساد الكبيرة وتورّط مسؤولين كبار فيها بينهم أفراد من أسرة آل الصباح الحاكمة.
وعدّلت وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد آند بورز، مؤخّرا، النظرة المستقبلية للكويت من مستقرة إلى سلبية، قائلة إنّها تتوقع أن يكون صندوق الاحتياطي العام غير قادر على تغطية العجز المالي.
وبات التوجّه نحو الاقتراض الداخلي والخارجي لسدّ العجز خيارا مطروحا بقوة في الكويت، حيث أظهرت وثيقة حكومية نُشرت حديثا أن الحكومة الكويتية تخطط لإصدار ما بين 13 و16 مليار دولار من الدين العام خلال السنة المالية الحالية التي تنتهي في 31 مارس 2021، إذا وافق البرلمان على قانون للدين قدمته الحكومة وأثار جدلا واسعا.
وكانت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بالبرلمان الكويتي قد ناقشت مؤخرا مشروع قانون يتعلّق بالسماح للحكومة بالحصول على قروض عامة وتمويل من الأسواق المحلية والعالمية بقيمة تصل إلى 65 مليار دولار على مدى العقود الثلاثة القادمة.
دور محوري للأمير في النظام الكويتي حيث يمثّل بسلطاته الواسعة ضمانة للاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني
وتفجّرت على هامش جائحة كورونا في الكويت أزمات جزئية بعضها متعلّق بملفات قديمة كثيرا ما جرى تأجيل فتحها ومعالجتها، مثل قضية كثرة الوافدين وغرق سوق الشغل بمئات الآلاف منهم والذين وجدوا أنفسهم، مع فرض حالة الإغلاق لمواجهة الوباء، في حالة بطالة بينما تعذّرت إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية بالسرعة المطلوبة.
وتثير قضايا الفساد حالة من القلق بما تشيعه من ارتباك في الحياة السياسية الكويتية وما تخلّفه من أثر سيء على سمعة البلاد الطامحة لإدخال إصلاحات عميقة على اقتصادها بهدف الحدّ من تبعيته شبه الكاملة لموارد النفط.
ويحكم الشيخ صباح الأحمد الكويت منذ العام 2006 بعد أن قاد الدبلوماسية الكويتية لأكثر من خمسين عاما. وشهدت الكويت في عهده نهضة تنموية شملت مختلف المجالات تنفيذا لتطلّعاته بتحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري عالمي. وكرّمته الأمم المتحدة عام 2014 ومنحته لقب “قائد للعمل الإنساني” تقديرا لجهوده الدبلوماسية والإنسانية والإصلاحية. ويقوم الأمير بدور محوري في النظام الكويتي ويمثّل بسلطاته الواسعة ضمانة للاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني في البلد.
ولا تخلو الكويت من صراعات على السلطة كثيرا ما خرجت إلى العلن وتجسّدت في معارك إعلامية وسياسية تحت قبة البرلمان وخارجها ووصلت في بعض الأحيان إلى أروقة المحاكم.