أميركيون يسعون لخفض بصمتهم الكربونية في حياتهم اليومية

شباب أميركا يطالبون باعتماد أسلوب حياة يستند إلى الاستدامة والالتزام بعدم إنتاج النفايات.
الثلاثاء 2023/10/31
سيم بلال في مهمة صعبة

واشنطن - يذهب بالا سيفارامان بسيارته الكهربائية إلى العاصمة الأميركية ليشتري ملابس وقطع أثاث مستعملة، فيما يستخدم جهازاً يسخّن بحرارة التخريض لإعداد أطباقه النباتية بعدما تخلّى عن فرنه الذي يعمل بالغاز.

أما سيم بلال فلا يتنقّل سوى بوسائل النقل العام، وهي مهمة صعبة في لوس أنجلس، كما أنّه يستخدم أجهزة إلكترونية مُعاد تجديدها ويعيش في شقة يؤمَّن التيار الكهربائي فيها من خلال ألواح الطاقة الشمسية.

وفي وقت يستعد زعماء العالم للمشاركة في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين حول المناخ (كوب 28) الذي ينطلق في دبي في 30 نوفمبر المقبل، يبدي بعض الأميركيين قلقاً بشأن مستقبل الكوكب ويؤكّدون أن من الممكن خفض انبعاثات الكربون في بلدهم، حيث نادراً ما تُتَّخذ الخطوة.

ويقول سيفارامان “لقد غمرتنا الأخبار المروعة عن المناخ، وقد يكون من الصعب الحفاظ على هدوئنا”.

ويضيف أنّ “الجانب المهم عند اعتماد أسلوب حياة يستند إلى الاستدامة أو الالتزام بعدم إنتاج النفايات، هو أنّ هذه الخطوة تبعث على الأمل لأنّها تشكل وسيلة لاستعادة القدرة على التحكّم”.

بعض الأميركيين يبدون قلقاً بشأن مستقبل كوكب الأرض مؤكدين أنه من الممكن خفض انبعاثات الكربون في بلدهم

والشابان اللذان يعيش كلّ منهما في طرف من الولايات المتحدة، يشغلان وظيفتين تتعلقان بالمناخ. وتبلغ البصمة الكربونية لكل منهما نحو ثلاثة إلى أربعة أطنان سنوياً، على ما بيّنت أداة تقييم ذاتي مُتاحة عبر الإنترنت.

ويُعدّ الرقم أقل بكثير من المتوسط الخاص بكلّ أميركي والذي يصل إلى 15 طناً، أي ثلاثة أضعاف المتوسط العالمي.

وفي يوم خريفي منعش، يحضر سيفارامان (28 عاماً) سماده إلى إحدى الحدائق المحلية، ثم يفتح حاوية للفرز ويرمي فيها بقايا نقانق نباتية وأطباق ورقية وغيرها من المواد القابلة للتحلل الحيوي.

ويقول الشاب الذي يعمل في قسم التواصل لدى منظمة “إيرث جاستس” وهو يغطّي النفايات بتربة بنية جافة للمساعدة في عملية التحلل “إنّ هذه البقايا هي من حفلة أقامها أحد الأصدقاء”.

وبعد ستة أشهر، تُستخدم المادة التي يتم الحصول عليها في أراض مجاورة للمساعدة في عملية زراعة الطماطم والكزبرة والخضر.

ويقول سيفارامان “إنّ صنع السماد يساعد على منع وصول النفايات العضوية إلى مكبات النفايات”، مضيفاً أن السماد ينتج كميات أقل من الميثان، وهو غاز دفيئة قوي جداً، ويساهم في استعادة الشعور بالانتماء إلى مجتمع لأفراده هدف مشترك.

وشارك سيم بلال (21 عاماً) في تحرّك للبيئة للمرة الأولى في العام الفائت، عندما قاطع مناظرة بين مرشحين لرئاسة البلدية لمطالبتهما بنشر خطة عملهما المتعلّقة بالمناخ.

ويقول الشاب المنخرط راهناً في حركتين هما “كاليفورنيا غرين نيو ديل كواليشن” و”يوث كلايمت سترايك” في لوس أنجلس “هذه أبرز مشكلة يواجهها أبناء جيلي”.

ومع أنّ الحصول على ترخيص للقيادة مسألة مهمة في حياة الأفراد بالولايات المتحدة، يؤكّد الناشط أن الثمن الذي يجب دفعه لذلك باهظ جداً.

وعندما يقرر عدم استخدام المترو، يلجأ في تنقلاته إلى لوح تزلج كهربائي ذي عجلة واحدة، وهي أداة ضرورية في مدينة ليست وسائل النقل العامة مُتاحة في مختلف شوارعها.

أما الملابس التي يرتديها فتعود إلى سنوات عدة، فيما جهازه اللوحي هو من طراز أُطلق قبل خمس سنوات وقد قام بتصليحه بعدما انكسرت شاشته. وتجسّد كل هذه التدابير فلسفته القائمة على مبدأ “اشترِ أقل واشتر بهدف الاستدامة”.

ويقول “إنّ ذلك صعب لأنّ بعض الأغراض الجديدة تبدو مذهلة ويكون الشخص راغباً في اتباع ما هو رائج”، مضيفاً “لكنّ المسألة لا تستحق ذلك بالنسبة إلي”.

وفي واشنطن، يشارك سيفارامان في تحرّكات تنظمها حركة “سنرايز”. وكان أوقف في سبتمبر بسبب تحرّك في نيويورك.

الطريق مازال طويل
الطريق مازال طويلا

لكنّه يؤكد أن صحّتيه الجسدية والنفسية تتحسّنان منذ أن اتخذ خيارات صديقة للبيئة.

ويشير إلى أنّ الفكرة القائلة بأنّ الإحجام عن استخدام الوقود الأحفوري يتسبب للفرد بحياة “حزينة وبائسة” هي “إستراتيجية تواصل شديدة الفاعلية” يستخدمها المعنيون بالقطاع.

ويضيف “من وجهة نظر صحية وعاطفية ومالية، ثمة فوائد كثيرة لعيش حياة من دون إنتاج نفايات مع اعتماد حلول مستدامة، وأنا شخصياً أشكّل دليلاً حياً على ذلك”.

واختارت إليزابيث هوغان أن تخفض بصمتها الكربونية بشكل تدريجي.

وهوغان مستشارة لمنظمات بيئية غير حكومية متخصصة في تلوث المحيطات بالبلاستيك.

وقد نصبت مع زوجها ألواحا للطاقة الشمسية على سطح منزلهما لإنتاج 80 في المئة من حاجة عائلتهما للطاقة. أما ما تبقى فمصدره طاقة الرياح عبر مشغلهما الكهربائي في مقابل مبلغ إضافي.

وتقول هوغان “كل مسيراتنا المهنية وحياتنا مرتبطة بالأرض. ولكنني لست مثالية”، فهي لا تزال تستخدم سيارتها القديمة وتستقل الطائرات في رحلات العمل.

وهي تعشق الجبن وليست نباتية تاليا، لكنها تحرص على أن تشتري مشتقات الحليب من مزرعة محلية تضع منتجاتها في حاويات زجاجية يعاد استخدامها.

16