ألمانيات يقتحمن مجال الملاحة البحرية ويأملن أن يصبحن قباطنة

هل مجال البحارة لا يزال يخضع لسيطرة الرجال؟
السبت 2024/02/24
النساء في ألمانيا انضممن إلى العمل على السفن

هامبورج (ألمانيا) - لم تكن سفتلانا تيم فنجروف قد تجاوزت السابعة عشرة من عمرها عندما قامت بأول رحلة بحرية في حياتها.

بدأت رحلتها بالسفر جوا من ألمانيا إلى كوريا الجنوبية، ومنها توجهت إلى ميناء مدينة بوسان وركبت سفينة.

وتقول تيم فنجروف التي بلغت الآن 30 عاما من العمر، “بالطبع كان شعوري وقتها رائعا وتجربتي مثيرة، لأنك لا تستطيع أن تتخيل ما يمكن توقعه”.

وأبحرت تيم فنجروف عبر المحيط الهادئ، إلى أمريكا الشمالية والوسطى، ثم عادت إلى آسيا في رحلة استغرقت ستة أسابيع، وهي كل أيام عطلتها المدرسية.

وجاءت الرحلة في إطار برنامج للرحلات البحرية أثناء العطلات أعدته رابطة أصحاب السفن الألمانية.

ومن المعروف أن عالم النقل البحري ظل لفترة طويلة مملكة يستحوذ عليها الرجال، غير أن عددا متناميا من الدراسات والمنظمات والفعاليات والبرامج سعت لتشجيع النساء على الانضمام إلى العمل على السفن.

هناك عدد أقل من النساء في صفوف الإدارة العليا لشركات النقل البحري، مقارنة بأعداد النساء اللاتي يعملن في مهنة الملاحة

ونجحت هذه الأنشطة في تشجيع البعض، مثل تيم فنجروف التي دخلت إلى عالم النقل البحري، من خلال ملاحظة ومتابعة ما تفعله أطقم السفن التي تبحر معها من مهام.

وتطورت الأمور معها لتصبح في 2021 ثاني مسؤول فني، بشركة هاباج لويد العملاقة للشحن البحري ومقرها هامبورج، وهي وظيفة تتضمن مراقبة العمليات الفنية، وإصلاح الأعطال وتنسيق أعمال الصيانة، إلى جانب العمل ضمن فريق الهندسة الميكانيكية.

وتقول “إنني مديرة”، وهو منصب يجعلها واحدة من الأقلية النسائية التي احتلت مناصب قيادية.

وهناك عدد أقل من النساء في صفوف الإدارة العليا لشركات النقل البحري، مقارنة بأعداد النساء اللاتي يعملن في مهنة الملاحة.

وتقول المنظمة البحرية الدولية إن النساء يمثلن ما نسبته 1.2 في المئة فقط من قوة عمل الملاحين على مستوى العالم، وفقا لبيانات تقرير القوى العاملة للبحارة للمجلس البحري الدولي لعام 2021.

وفي ألمانيا بلغت نسبة النساء 3.8 في المئة من بين قرابة 3300 قبطان أو ضابط بحار أو من بين الوظائف المماثلة، وذلك في سبتمبر 2023، وفقا للأرقام التي أعلنتها وكالة “كنابشافت بان سي” للتأمينات الاجتماعية.

وتوضح جابي بورنهايم أول امرأة ترأس رابطة أصحاب السفن في ألمانيا أن نسبة النساء العاملات في الملاحة البحرية تبلغ ما نسبته 6.7 في المئة من إجمالي الموظفين العاملين على السفن التجارية وسفن الصيد العاملة في أعالي البحار، والخاضعين لتأمين اشتراكات المعاشات في ألمانيا والبالغ عددهم الإجمالي 7900، مما يعني أن نسبة الألمانيات تزيد بدرجة أكبر عن الرقم الدولي المسجل وهو نحو 2 في المئة.

وتعمل كل من المنظمة البحرية والرابطة على زيادة هذه النسبة بدرجة أكبر.

وتقول المنظمة البحرية وهي إحدى وكالات الأمم المتحدة “في هذا المجال الذي يسيطر عليه الرجال تاريخيا، تبذل المنظمة جهدا مشتركا لمساعدة المجال على أن يتخذ خطوات صوب الأمام، ودعم النساء لتحقيق تمثيل حقيقي في هذا النشاط الاقتصادي يتماشى مع التوقعات التي حفل بها القرن الحادي والعشرون”.

بينما تقول بورنهايم “لا نستطيع ببساطة أن نغفل وضع نصف تعداد البشرية، خاصة بالنظر إلى النقص في الأيدي العاملة الماهرة”.

وأصبح من المعتاد أن تكون الضابطة الفنية تيم فنجروف، هي المرأة الوحيدة على ظهر السفينة المبحرة، مع نحو عشرين من أفراد طاقم البحارة، وتتذكر أنه ذات مرة كان معها امرأتان تعملان على نفس السفينة، وتقول “وقتها أطلقوا عليها وصف سفينة نسائية”، نظرا لهذا الحدث النادر.

وعن عملها على سفينة كل طاقمها من الرجال تقول فنجروف “لم أجد شيئا مختلفا على الإطلاق، وأنا أتعامل مع هذا الوضع بشكل جيد”.

من المعروف أن عالم النقل البحري ظل لفترة طويلة مملكة يستحوذ عليها الرجال، غير أن عددا متناميا من الدراسات والمنظمات والفعاليات والبرامج سعت لتشجيع النساء على الانضمام إلى العمل على السفن

ومع ذلك هناك تساؤلات تتردد عن السبب في أن مجال البحارة لا يزال يخضع لسيطرة الرجال، وأيضا حول العقبات التي تعترض طريق النساء للعمل في هذه المهنة، وما هو التغيير الذي حدث.

وتحاول فرانشيسكا إيكهوف رئيسة الفرع الألماني للرابطة النسائية الدولية للنقل البحري والتجارة الإجابة على هذه التساؤلات فتقول إن “هذه المهنة ليست سهلة، واعتاد الناس على ترديد عبارة أن النساء ليست لديهن القوة البدنية على تحملها”.

وتضيف إن الظروف تغيرت مع ذلك حيث أن “الرجال اعتادوا في الماضي على حمل كل قطعة من حمولة السفينة، في أجولة على أكتافهم، أما اليوم فأصبح لدينا رافعات وحاويات وخلافه”، وتوضح أن السفن صارت أكثر تطورا من الناحية الفنية، وتقلص دور العمل البدني، مما جعل تحقيق الجودة في العمل أكثر سهولة، حتى من الناحية النظرية.

ويتفق الكثيرون مع رأي إيكهوف، وعلى سبيل المثال تقول بورنهايم رئيسة رابطة أصحاب السفن في ألمانيا “غالبا ما تسود التحيزات لفلسفة العمل الشاق والنبرة الحادة في الحديث، ولكن بفضل التكنولوجيا لم يعد العمل يتطلب الجهد البدني الشاق، كما كان المعتاد في الماضي، كما أن التفاعل على ظهر السفينة يتشكل بروح الفريق القوية”.

غير أن التكنولوجيا وحدها لا يمكنها تغيير حقيقة أن البحارة يضطرون غالبا إلى الابتعاد عن أسرهم لعدة أشهر في الرحلة الواحدة، وهو أمر تعلمه تيم فنجروف جيدا، فهي أمضت فترة أعياد الميلاد وهي في عرض البحر خلال الأعوام الخمسة الماضية، في رحلات تتطلع خلالها إلى تناول وجبة مع أسرتها، أو تحتفل معها حول شجرة الكريسماس على ظهر السفينة.

وفي هذا الصدد تقول إيكهوف “لا يزال تحقيق التوازن بين الأسرة والمهنة يمثل مشكلة”، وتضيف أن هناك أيضا مجالات في العمل الملاحي يسهل الجمع بينها وبين الحياة الأسرية، لأن هذه المجالات تشبه بشكل أو بآخر رحلات اليوم الواحد، أو رحلة لمدة أسبوع مثل العبارات التي تذهب في الصباح وتعود في المساء.

وتؤكد إيكهوف قائلة “إنني من مشجعي فكرة أن يصبح المزيد من النساء قباطنة للسفن”.

16