أكثر من عقد على اجتياح بغداد والعراق ينتظر ديمقراطية لم تأت

الأربعاء 2014/04/09
بدأت تظهر على العراقيين علامات الاستياء وعدم الاكتراث بالسياسة

بغداد – يحيي العراقيون اليوم الذكرى 11 للغزو الأميركي للعراق، وتأتي هذه الذكرى وسط أزمة محتدمة بين الأطراف السياسية، وتصاعد كبير في أعمال العنف والإرهاب وانعدام الأمن وانهيار مقومات الدولة الذي جعل بغداد مدينة للفساد والتفجيرات وإحدى أخطر 10 مدن في العالم.

بعد مرور حوالي عقد من الزمن على اجتياح القوات الأميركية للعاصمة العراقية، بغداد، يتطلّع العراقيون بأمل ضعيف إلى أن تتحسن ظروف حياتهم، خصوصا من الجانب الأمني؛ وهو أمل تهدّده الحرب الدائرة في سوريا والتي فتحت باب الإرهاب والجماعات الجهادية على مصراعيه لينشطوا بكثافة أكبر في العراق الذي يسجّل كل شهر أرقاما أكبر في عدد الضحايا والقتلى نتيجة التفجيرات، وفق الأرقام التي ذكرتها الحملة الشعبية الوطنية للإحصاء “حشد“.

وقد كشفت الحملة عن سقوط 5872 عراقيا بين شهيد وجريح جراء أعمال العنف والتفجيرات التي شهدها العراق خلال الربع الأول من العام الحالي، فيما جددت مطالبتها للأمم المتحدة والمجتمع الدولي بإدراج التفجيرات الإرهابية وأعمال العنف على لائحة جرائم الإبادة الجماعية.

وقالت حملة “حشد” إن العراق قدم خلال الربع الأول من العام الحالي أكثر من 2028 شهيدا و3844 جريحا جراء أعمال العنف والتفجيرات الارهابية التي تستهدف الابرياء والمدنيين العزل دون هوادة، مشيرة الى أن اعداد من يسقطون ضحايا في العراق بشكل شهري لم يحدث في الكثير من الحروب والصراعات المسلحة. وأبدت الحملة، استغرابها من استمرار الصمت الدولي عما يجري في العراق من جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية التي تقف وراءها بعض الدول والحكومات عبر دعم وتمويل وتنظيم الجماعات الإرهابية.


وضع أمني مضطرب


ويعيش العراق على وقع أعمال عنف زاد من معدّلاتها الوضع السياسي المضطرب في ظل الاستقطاب الذي يطبع المشهد العراقي والذي يزداد احتقانا مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية. حيث يتجه أبناء العراق إلى صناديق الاقتراع في الـ 30 من شهر أبريل الجاري لاختيار برلمانيين جدد في جو سياسي متأزم وحالة أمنية مضطربة وشارع مزدحم بالمآسي والدماء وجماعات جهادية تسيطر على جانب كبير من البلاد وتخوض حربا مع الحيش من أجل فرض السيطرة على معاقل البلاد. فإلى جانب تنظيم “داعش” وعملياته المسلّحة غرب البلاد وشمالها، كما في العاصمة بغداد، تخوض الكثير من الميليشيات الشيعية العراقية، مثل عصائب أهل الحق المدعومة من إيران (مجموعة انفصلت عن جيش المهدي التابع إلى الصدر)، وكتائب حزب الله، ومنظمة بدر، القتال في سوريا دعما لنظام الأسد. وقد باشرت هذه الميليشيات تعبئة صفوفها من جديد داخل العراق، ويتردّد أنها تسلّلت إلى داخل القوى الأمنية.

9200 مرشح يتنافسون على مقاعد البرلمان العراقي الـ328

وتُركّز هذه المجموعات بشكل أساسي على استهداف المجموعات الجهادية السلفية، إلا أنها نفّذت أيضا سلسلة من الهجمات ضد المدنيين السنّة، ما يُثير خطر اندلاع نزاع مذهبي جديد وشامل، وفق ما جاء في تحليل لمريم بن رعد، الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط والعراق عن معهد كارنغي الدول.

ومع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية، المقرّر إجراؤها رسميا في 30 أبريل المقبل، يجد العراق نفسه غارقا في مأزق سياسي وعسكري جديد مشابه لما مرّ به في العام 2004، ثم حمام الدم المذهبي في العام 2006.

وتذكّر هذه التطورات، وفق مريم بن رعد، “بالمسار الشديد الهشاشة الذي يسلكه العراق بعد أكثر من عامين على انتهاء المرحلة الأخيرة من الانسحاب العسكري الأميركي من البلاد.


العنف الانتخابي


في العام 2013، بلغت حصيلة القتلى أعلى مستوى لها منذ العام 2008، بحسب الأمم المتحدة، مع مقتل نحو تسعة آلاف شخــص. وأكثر من العنف المزمن، لاتزال أسئلة عدّة عن هوية العراق، والمشهد السياسي الجديد في البلاد، وركائز إعادة إعمارها على المستوى الاقتصادي-الاجتماعي، من دون أجوبة. وفي الأعوام القليلة الماضية، تفاقم الشعور المزمن بالتهميش الذي يعاني منه السنّة والذي لايزال نقطة خلافية أساسية، ويعود السبب في تعاظم هذا النفور إلى خطاب رئيس الوزراء نوري المالكي وسياساته المذهبية الفاضحة، ومناوراته التي تستهدف السياسيين السنّة. إذ لايزال السنّة، يطالبون بإعادة دمجهم في المؤسسات بشكل كامل، ويندّدون بالقمع الذي يتعرّضون له على أيدي الجيش وقوى الأمن العراقية”.

وتضيف الباحثة في تحليل للوضع في العراق مع اقتراب الانتخابات أنه بدأت تظهر على العراقيين علامات الاستياء وعدم الاكتراث بالسياسة، وبالانتخابات التشريعية المقبلة على وجه الخصوص.

مع اقتراب الانتخابات يجد العراق نفسه غارقا في مأزق مشابه لما مر به في 2004، ثم حمام الدم المذهبي في 2006

أفسد العنف الانتخابي وعدم الاستقرار كل العمليات الانتخابية التي أجريت حتى الآن والتي كان يُفترَض بها ترسيخ الديمقراطية وتحقيق الرفاه، الأمر الذي أدّى إلى تزايد الشعور بالغربة لدى السنّة في نزعة ستستمر على الأرجح خلال الانتخابات في أبريل المقبل في حال إجرائها في موعدها. فضلا عن ذلك، ساهمت الحملة المتواصلة لاجتثاث البعث، ومنع العشرات من الترشّح للانتخابات عبر اتّهامهم بارتكاب جرائم والمساومات المعقّدة حول تشكيلة الحكومة، في تجريد النظام الانتخابي والمنظومة السياسية الجديدة بكاملها من المصداقية.

في استطلاع للرأي في الشارع العراقي بدا واضحا أن الرأي الأعم والأغلب هو الرفض التام لعملية الانتخابات التي تجري في الوقت الحالي لعدم ملائمتها الوضع العراقي الراهن. وقد أكّد أغلب العراقيين الذين التقتهم “العرب” على أن أنهم لا يثقون في المترشّحين والوعود الموجودة ضمن برامجهم الانتخابية. وفيما أشار بعض المواطنين إلى أنهم لا يتوقّعون تغييرا كبيرا وأن النتيجة واضحة وهي عودة (الوجوه نفسها للساحة البرلمانية)، أكد آخرون أنهم يميلون لانتخاب مرشحين من الأقليات الدينية مثل المسيحيين أو الصابئة وغيرهم، حتى أن أحد المواطنين تمنى أن يكون رئيس الوزراء القادم مسيحيا.

وتشكلت الحكومتان الحالية والسابقة، اللتان ترأّسهما نوري المالكي لثماني سنوات وفق مبدأ حكومة الشراكة الوطنية. وقد بدأت حملة الانتخابات التشريعية العراقية المقررة في الثلاثين من الشهر الحالي والتي يخوضها المالكي بقوة أمام خصومة للثبات والفوز بولاية ثالثة في الوقت الذي تجتاح البلاد اسوأ موجة عنف.

وعقب الإطاحة بحكومة الرئيس العراقي السابق صدام حسين في عام 2003، شهد العراق ثلاث عمليات انتخابية. كانت الأولى عبارة عن انتخاب لجمعية وطنية، أو ما يسمى أيضا بمجلس النواب العراقي أو البرلمان العراقي المؤقت، الذي انبثقت عنه الحكومة العراقية الانتقالية. والعملية الانتخابية الثانية تمثّلت في تصويت على الدستور العراقي الدائم، أما الاقتراع الثالث فكان عبارة عن انتخابات عامة لاختيار مؤسسات حكم دائمة في العراق تستمر دورتها الانتخابية أربع سنوات إضافة إلى دورات انتخابية لمجالس المحافظات.

ويتنافس نحو 9200 مرشح يمثلون 107 قوائم انتخابية منها 36 ائتلافا سياسيا و71 كيانا سياسيا، أبرزها دولة القانون وكتلة المواطن وكتلة الأحرار ومتحدون للإصلاح والعراقية العربية والكردستانية على مقاعد البرلمان العراقي الـ328، وذلك في الانتخابات البرلمانية المقررة في الـ30 من الشهر الجاري.

7