أكبر مقلب للنفايات بالعالم يصبح متنزها يبهر الزوار في نيويورك

نيويورك - رغم أن جاذبية المتنزه الذي كان في السابق موقعا لمقلب للنفايات، لا تزال بعيدة عن أن يكون لها سحرها الخاص، فإن من إيجابيات هذا المتنزه أنه يعمل على استعادة البيئة الطبيعية التي كانت موجودة فيه منذ زمن ولّى، بشكل يساعد الناس والحياة البرية على حد سواء، في مدينة نيويورك على الازدهار.
وحتى الآن أصبح المتنزه الذي يحمل اسم “فرشكيلز” جاهزا بالكاد لاستقبال الزوار، حيث لا توجد سوى علامات طرق قليلة تشير إلى مكانه، كما أن الوصول إليه يستغرق رحلة طويلة، من مانهاتن باستخدام وسائل النقل العام.
أما من يفضل استخدام السيارة لزيارة المتنزه، فإن الطريق لن يكون أكثر سهولة كما يتصور، حيث سيضطر إلى التنقل في طريقه إلى دوار يقع بين طريق سريع ومستودع وفندق بجزيرة ستاتن، قبل أن يصل إلى عمود ضخم بلون الصدأ، مدون عليه عبارة “متنزه فرشكيلز”.
ولذا فليس من المستغرب أن الموقع شهد العام الماضي عددا قليلا نسبيا من الزوار، بالرغم من أنه إذا سأل المرء سو دونوجهو رئيسة هيئة المتنزهات والترفيه بنيويورك، عن قلة عدد الزوار، فسترد قائلة إن هذا الوضع في طريقه إلى التغيير.
متنزه "فرشكيلز"كان في وقت من الأوقات أكبر مستودع للمخلفات في العالم
وتعرب دونوجهو عن آمالها بتطوير المتنزه مستقبلا، وتقول إن “هذا المشروع الذي حوّل موقعا للقمامة إلى متنزه، سيكون بمثابة نموذج لمشروعات إعادة استخدامات الأراضي في مختلف أنحاء العالم، ومثالا براقا لكيفية استفادة الحياة البرية في المناطق الحضرية، من استعادة البيئات الطبيعية”.
وتضيف إن تطوير المتنزه يؤكد أنه في الإمكان إعادة مولد مكان ما، بعد الأوضاع السلبية التي كانت سائدة في الماضي، ورحبت بحقيقة أن متنزه “فرشكيلز” صار الآن بالضبط، عكس ما كان عليه من قبل.
وتشير بيانات مكتب دونوجهو إلى أن المتنزه، الكائن في وسط جزيرة ستاتن، كان في وقت من الأوقات أكبر مستودع للمخلفات في العالم.
وكان موقع المتنزه ذات يوم مستنقعا للمياه المالحة، حيث اعتاد الأطفال السباحة فيه في فصل الصيف، وتم تحويله إلى مقلب للقمامة عام 1948.
وبحلول عام 2001 أصبح يؤوي قرابة 150 مليون طن من النفايات، تم جلبها أساسا بالسفن من منازل مدينة نيويورك.
المشروع، الذي حول موقعا للقمامة إلى متنزه، سيكون بمثابة نموذج لمشروعات إعادة استخدامات الأراضي في مختلف أنحاء العال
وتكومت النفايات بالتدريج لتتحول إلى جبال عالية من القمامة، بعضها أكثر طولا من تمثال الحرية، وكانت جبال المخلفات تقف في جزيرة أخرى في ميناء نيويورك، ولا تفصلها مسافة بعيدة عن تمثال الحرية.
ومع تراكم القمامة انتشرت الرائحة الكريهة، وازدحمت حركة المرور، كما انتشرت سمعة سيئة لجزيرة ستاتن، التي كانت لا تزال ينظر إليها في الكثير من الأحيان على أنها الحي الخامس المنسي في نيويورك.
وكان سكان الأحياء الأخرى يقولون من حين إلى آخر، إن الجزيرة بكاملها أصبحت مستودعا كبيرا للقمامة.
وقد نجح المسؤولون في إغلاق مستودع النفايات عام 2001، في أعقاب التماسات من جانب النشطاء استمرت عدة عقود، عندئذ بدأت الآمال تراود الجميع، بتحويل الموقع إلى متنزه عام.
وبعد مرور عقدين من الزمن، تم الآن افتتاح المرحلة الأولى من المتنزه للزوار، وقال إريك آدمز عمدة نيويورك، في الحفل الافتتاحي للمتنزه، إن “ما كان في الماضي منظرا قبيحا للعين، أصبح الآن متنزها على مستوى عالمي رفيع”.
المشروع سيكون مثالا براقا لكيفية استفادة الحياة البرية في المناطق الحضرية
وفي بداية الجولة بالمنتزه، يبدو القسم الأول منه، الذي يطلق عليه اسم “التل الشمالي”، مثل أيّ متنزه آخر حيث يحفل بالمروج والأشجار، وتوجد به بحيرة ومكان مرتفع لهواة مراقبة الطيور، وأرائك وممرات يبلغ طولها نحو كيلومتر، لمحبي المشي وركوب الدراجات.
وتشير المعلومات المدونة بنشرة إعلامية يتم توزيعها، إلى أن الغزال وطيور مالك الحزين والسلاحف تتجول في المكان أيضا.
ويمكنك حقا أن ترى مدى التغيرات التي طرأت على الموقع، بمجرد أن تنظر إلى الصور التي التقطت له في وقت سابق، حيث تظهر أكواما من القمامة منتشرة في المكان، وفي أعلى الصور تظهر طيور النورس وغيرها من الطيور، وهي تحلق وتدور بحثا عن الطعام.
واستغرق العمل في تطوير المتنزه عدة عقود، حيث قامت مجموعات من المتخصصين بإغلاق أماكن القمامة وزرع النباتات بكثافة، لتغيير شكل المكان تماما وإضفاء لمسات جمالية عليه، بل حتى استطاعوا التخلص من رائحة القمامة.
غير أن المرحلة الأولى من تطوير المتنزه، التي تعرف باسم “التل الشمالي”، هي مجرد بداية حيث تشكل ما نسبته 1 في المئة فقط من إجمالي مساحة المنطقة، التي من المقرر أن يشغلها متنزه “فرشكيلز” ذات يوم، وفي نهاية المطاف من المنتظر أن تبلغ مساحة هذه المنطقة، ثلاثة أمثال حجم متنزه سنترال بارك في مانهاتن.
ولا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين تنفيذه، غير أنه لا يزال هناك متسع من الوقت، قبل أن يتم افتتاح المتنزه بكامله في عام 2036.
وانبهر الكثير من الزوار بالفعل بعد تجولهم في الجزء الأول، الذي تم افتتاحه من المتنزه، ويقول أحد الزوار “إنه متنزه رائع لركوب الدراجات، وأنا لا أستطيع أن أصدق أنه كان في وقت من الأوقات أكبر مستودع للقمامة في العالم”.