أقدم أسواق الموصل يرمم شتاته

مع إعلان انطلاق أعمال إعادة إعمار أقدم الأسواق التاريخية في مدينة الموصل العراقية يستعيد هذا المعلم الحضاري ذو القيمة المعمارية والفلكلورية مجده وألقه، والذي يعد جزءا من تاريخ الموصل القديم ومركزا اقتصاديا أساسيا للمدينة وضواحيها.
بغداد – أعلن محافظ نينوى العراقية نجم الجبوري، الاثنين، بدء أعمال إعمار أقدم سوق تاريخي في مدينة الموصل مركز المحافظة (شمال)، والذي تعرض لتدمير شامل على يد تنظيم داعش قبل سنوات.
وقال الجبوري في بيان إن “الملاكات الهندسيَّة (المهندسون والموظفون والعاملون) باشرت بإعادة بناء أكبر الأسواق في الموصل القديمة، وهو سوق الموصل الجديد، بعد تدميره بالكامل من قبل عصابات داعش الإرهابية”.
وأوضح أن “مدة الإنجاز ستكون 250 يوما وبعمل متواصل، وفق تصاميم ستأخذ الطابع الجديد والمتطور”.
ويعّد سوق مدينة الموصل القديمة، الذي تعود جذور تأسيسه إلى عهد الفتح الإسلامي، أكبر الأسواق في نينوى ويعتبر معلما حضاريا عريقا يمثل جزءا من تاريخ الموصل القديم ومركزا اقتصاديا أساسيا للمدينة وضواحيها.
وتنتشر الأسواق في مناطق وأماكن عديدة في الموصل القديمة لكن أعدادا منها تركزت في مكان معين وسط المدينة لتكون أسواقا كبيرة ما جعلها تصبح أكبر وأشهر أسواق الموصل التاريخية. وعلى مر تاريخ المدينة، ارتبط تطور أسواق الموصل بالحضارات المختلفة التي تعاقبت عليها كما تأثرت هذه المراكز التجارية الهامة بأهم الأحداث التاريخية التي عاشتها الموصل.
وبسبب تأثر أسواق الموصل بالأحداث والمحطات التاريخية التي عاشتها المدينة، أصبحت تشكل واحدة من أهم المعالم والشهود على عهود الازدهار والانتكاسات التي مرت على الموصل. كل هذه الأسباب والتاريخ الحافل والعريق والقيمة المعمارية والفلكلورية، جعلت هذه الأسواق ضمن أبرز المعالم التي جعلت الموصل جزءا هاما من تراث الإنسانية وهو ما يستحق عن جدارة فخر العراقيين واعتزازهم.
ويؤكد موقع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) أن السوق القديم في الموصل حيث كانت تُباع التوابل القادمة من الهند والصين لما يزيد على ألف عام، وحيث متاجر الكتب في شارع النجفي، يجسد شكلا من أشكال تجارة البضائع وتبادل الأفكار التي تثري الموصل منذ فجر التاريخ.
وكان اختلاف المهن أسلوبا لتقسيم السوق القديمة في الموصل ودافعا لاكتساب طابع حيوي، إلى جانب أنها نشأت حول مسجدي النوري الكبير والحدباء. كما كانت هذه الأسواق أحد العوامل المؤسسة للهوية التاريخية والثقافية والاجتماعية لأهل الموصل.
ومن العناصر المميزة التي صنعت لأسواق الموصل شهرتها وأكسبتها تفردا طابعها المعماري الثري وأسماؤها التاريخية وقيمتها الاقتصادية والتجارية ورمزيتها على مر التاريخ.
ويقول مسؤولون عراقيون إن البنى التحتية الأساسية بالإضافة إلى ممتلكات المدنيين، في مدينة الموصل، تعرضت إلى دمار يصل إلى نحو 80 في المئة. وأعلن العراق في عام 2017 تحقيق النصر على تنظيم داعش باستعادة كامل أراضيه التي كانت تقدر بنحو ثلث مساحة البلاد، والتي اجتاحها صيف 2014، لكن التنظيم لا يزال يحتفظ بخلايا نائمة في مناطق واسعة بالبلاد ويشن هجمات بين فترات متباينة.
وقدرت الحكومة العراقية في فبراير 2018 الحاجة الفعلية إلى إعادة إعمار المناطق التي تعرضت إلى الدمار بسبب المعارك ضد تنظيم داعش، بقيمة 88.2 مليار دولار على مدى 10 سنوات، وفق دارسة أجراها خبراء عراقيون ودوليون.