أفغان يحلمون ببضعة أرغفة من الخبز

أفغانستان تعاني منذ فترة طويلة من سوء التغذية ولكنها ابتليت الآن في وقت واحد بالجفاف والحرب والفقر والبطالة وكورونا.
الأربعاء 2022/01/19
ثلج وبرد وجوع

كابول – منذ ساعات الصباح الأولى، هرعت مهاجرة إلى الفرن المتواضع في حيها الفقير لتنضم لقلة آخرين ينتظرون، وبرغم الانخفاض الشديد في درجات الحرارة، الحصول على بضعة أرغفة من الخبز تعوض وإن قليلا من حاجات عائلاتهم.

وتقول مهاجرة آمان الله، التي ارتدت عباءة سوداء طويلة ووضعت حجابا وكمامة طبية على وجهها، “إن لم آت بالخبز من هنا نذهب إلى الفراش جياعا”.

وفر ما يُقدر بخمسين ألف شخص إلى العاصمة كابول، حيث تنخفض فيها درجات الحرارة في الشتاء إلى أقل من الصفر في الليل.

وسوف يقضي الكثيرون الشتاء في ملاجئ مؤقتة أو حجرات ليست بها وسائل تدفئة، وفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

مليون طفل أفغاني دون سن الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد كما عجزت أمهاتهم عن إرضاعهم وتغذيتهم

وهناك قرابة 3.2 مليون طفل أفغاني دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد، وفقا لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة. وتسعى الكثير من الأمهات جاهدات لإرضاع أطفالهن لأنهن أنفسهن يعانين من سوء التغذية.

وتقطن مهاجرة، البالغة العشرينات من عمرها، مع زوجها المدمن على المخدرات وطفلتيها في منزل واحد مع ثلاث عائلات أخرى، وتقول “نحن أفقرهم، وليس لدي حتى فحم أو وقود في المنزل”.

وتعاني أفغانستان منذ فترة طويلة من سوء التغذية، ولكنها ابتليت الآن في وقت واحد بالجفاف والحرب والفقر والبطالة، وجائحة كورونا التي دمرت المحاصيل وقطعت المساعدات الدولية.

ومنذ سبتمبر أطلق أستاذ جامعي مبادرة فردية للحصول على تمويل يسمح له بتوزيع المساعدات. وضمن المبادرة نفسها، بدأ السبت حملة لتوزيع عشرة أرغفة من الخبز على 75 عائلة لمدة شهر في سبع مناطق مختلفة في كابول.

ووزع المتطوعون الثلاثاء الخبز في منطقتين تعدان بين الأكثر فقرا في كابول.

وتتذكر مهاجرة أياما صعبة مرت عليها وعلى طفلتيها، وتقول “عانيت الجوع لثلاثة أيام” في إحدى المرات، مضيفة “أحيانا لا نأكل سوى الخبز والشاي”.

وتعتمد مهاجرة اليوم بشكل أساسي على المساعدات القليلة التي تحصل عليها وإن كانت لا تكفيها وعائلتها الصغيرة.

وإن كانت تحاول بقدر المستطاع أن تهتم بطفلتيها، إلا أنها لا تقوى حتى على شراء الحليب لهما. وتقول “ساء وضعنا منذ أن أصبح زوجي مدمنا، حتى أني فكرت ببيع طفلتيّ، لكني تراجعت واتكلت على الله وحده قادر على مساعدتي”.

ومنذ عودة حركة طالبان إلى الحكم في منتصف أغسطس، جمدت الولايات المتحدة 9.5 مليار دولار من احتياطي المصرف المركزي الأفغاني، أي ما يعادل نصف إجمالي الناتج المحلي لأفغانستان في العام 2020.

الحصول على حصة من الخبز
الحصول على حصة من الخبز

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، إذ علق كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي نشاطهما في بلد كان اقتصاده قائما على الدعم الدولي، إذ كان يعادل 80 في المئة من الميزانية الوطنية.

وفيما كان الرجال والنساء ينتظرون الحصول على حصتهم من الخبز، كان الأطفال يلعبون ويتبادلون الضحكات في ما بينهم.

ووقفت طفلتان وضعتا الحجاب جانبا تراقبان عملية التوزيع، وقد ارتدت إحداهما حذاء ممزقا يفوق قياسه حجم رجليها الصغيرتين.

وبعد انتهائه من توزيع الخبز، يقول صاحب الفرن المتواضع مكرم الدين “الناس فقدت أعمالها، ولم يعد لديها أي دخل.. وبسبب ذلك بتنا نستخدم كيسا ونصف كيس فقط من الطحين مقارنة مع أربعة أكياس في السابق”.

وتقف نورية إلى جانب خمس نساء أخريات جميعهن يرتدين البرقع الأزرق الذي تشجع حركة طالبان النساء على ارتدائه في البلاد.

واعتادت نورية الحصول على مساعدات قليلة من أصدقاء زوجها المتوفي، لكن حتى هذا لم يعد ممكنا.

وتقول الوالدة لخمسة أطفال “لم يحضروا لنا مشتريات منذ شهرين، ويقولون لي إنه لم تعد لديهم أموال”.

وتقتصد العائلة كثيرا في أكلها، تقول نورية “نأكل الأرز أو شوربة الجزر واللفت.. ونضع فيها قطعا من الخبز بدلا من اللحم”.

وتضيف “لا يفهم أطفالي وضعنا الحالي، ولا أقوى أن أقول لهم إنه ليس لدينا ما يكفي لنأكل”.

الناس فقدت أعمالها

واضطرت أسر نازحة، تعيش في أحد المخيمات بمدينة مزار الشريف عاصمة ولاية “بلخ”، إلى بيع أطفالها وكلاها للحصول على المال من أجل البقاء على قيد الحياة، بحسب ما ذكرت قناة “طلوع نيوز” التلفزيونية الأفغانية الأحد.

وتساعد لجنة خيرية الأسر النازحة بالمعونات الغذائية والمالية لثنيها عن بيع أطفالها وكلاها.

ويبلغ سعر الطفل الواحد ما بين 100 ألف و150 ألف أفغاني (عملة أفغانستان)، وسعر الكلية الواحدة ما بين 150 ألفا و220 ألف أفغاني.

وذكرت الأسر أنها اضطرت لاتخاذ مثل هذا القرار بسبب الفقر والمشكلات الاقتصادية في البلاد، بالإضافة إلى تفشي جائحة كورونا.

وذكرت واحدة من أفراد أسرة نازحة “إننا غارقون في مشكلات. لا أحد يهتم بنا. نحن في عناء شديد”.

ولدى كل أسرة ما بين طفلين إلى سبعة أطفال.

وديلبار هي واحدة من النازحين بسبب الحرب، التي تعاني أسرتها من الجوع.
وذكرت ديلبار أنه لم يكن لديها أي خيار سوى بيع كليتها للعناية بأطفالها.

وتحث منظمات ومواطنون أفغان المجتمع الدولي على تقديم مساعدات إنسانية للأفغان، حيث تواجه البلاد كارثة إنسانية شديدة.

18