أغلى رسام سعودي يحول منزله إلى رواق للموسيقى والأزياء

الرياض – أسس الفنان السعودي عبدالناصر غارم قبل خمس سنوات “استوديو غارم”، وهو بيت منخفض له فناء وبه العديد من غرف العمل، أراد من خلاله إنشاء مكان للفنانين الشبان الذين لديهم أفكار جديدة ولم يحصلوا على فرص لاستثمارها، ولا يمتلكون بنية تحتية لتنفيذ هذه أفكارهم. وخصص يوما لفناني الموسيقى ويوما آخر لمصممي الأزياء.
هذا البيت الذي أسسه في العاصمة السعودية الرياض يبدو عاديا من الوهلة الأولى، لكن عند دخوله يتبين أنه ليس عاديا، إذ ينبعث منه ضوء نيون أخضر ووردي يسقط فوق الشارع الجانبي المظلم، وبه باب معدني يسد الطريق المؤدي إلى الفناء الداخلي المضيء، وهناك داخل الفناء مسجد مبني من الأسلاك، يلقي بضوئه النيون عبر سور العقار، نحو الخارج. ليس هناك لافتة على الجرس وليس هناك رقم للمنزل.
وبسروال فضفاض وقدمين حافيتين، جلس الرجل الذي تباع أعماله في المزادات بمئات الآلاف من الدولارات، وسط فوضى يبدو أنها مرتبة. وأسندت أرفف مليئة بالكتب حتى السقف، إلى الجدار. وبين الجدران والرفوف هناك رسوم وصور لمشاريع “إنه مكان للتفكير” وفقا لغارم، “ننتج أعمالنا الفنية ونعرضها في الخارج، ولكننا نستطيع التفكير بحرية هنا”.
ويعتبر غارم (45 عاما) أحد أشهر فناني السعودية ومنطقة الخليج المعاصرين. وقد بيع أحد أعماله الفنية خلال مزاد عام 2011 في دبي بـ842 ألف دولار، وتسبب هذا العمل في شهرة غارم، الذي قال إنه أنفق هذا المبلغ على تدريب شباب الفنانين السعوديين “فليس هنا تدريب فني صحيح”.
وكانت هناك صورة بحجم كبير معلقة على الحائط خلف غارم، إنها صورة لطائرة مقاتلة موضوعة داخل حُلي عربي تقليدي.
ويصنع غارم، الذي خدم نحو 25 عاما في الجيش السعودي، لوحة العرض بنفسه من الأختام. ويقوم بتقطيع حروف آلاف علب الأختام ويركبها من جديد على شكل لوحات عرض بعضها بارتفاع متر، ثم يقوم بطباعتها. وعند تدقيق النظر في هذه الصور يتبين أنها تحتوي على رسائل.
وتسعى المملكة لتقديم شيء لجيل من الشباب نشأ في وطن بلا دور سينما عامة، ولم يسمح بها سوى العام الماضي.
ويعتزم معهد الفن الذي أنشأته مؤخرا مؤسسة “مسك” التابعة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، من خلال ذلك توفير منصة لشباب الفنانين ودعمهم من خلال توفير منح وتدريب فني لهم وإشراكهم في مئات البرامج، وذلك لأنه ليس في السعودية حتى الآن وسط فني سوى ذلك الموجود بالفعل في مدينة جدة، أو تلك المجموعة الفنية الصغيرة التي شكلها غارم.
ويرى غارم أن معهد الفن الملكي يمثل فرصة جيدة خاصة لشباب الفنانين.
وأفاد شاويش وهو واحد من 11 فنانا يعملون بشكل دائم مع غارم في الاستوديو الخاص به، “إنه زمن الأبطال”، مضيفا “الفنان الذي يصدم ثم يقبع في السجن، هو فنان يريد أن يكون بطلا”، “عليك أن تقرر في هذه الأيام ما إذا كنت تريد أن تكون بطلا أم يكون لك تأثير بعيد المدى”.
وقرر غارم ممارسة نفوذ بعيد المدى من خلال هذا الاستوديو على تشكيل المجتمع السعودي، حيث يريد أن يبدأ الناس بأنفسهم في التفكير.
يرى الفنان السعودي أن جيل الشباب أصبح يتمتع الآن بفرص مختلفة تماما، وأنه لا يحتاج سوى إلى مكان يستطيع فيه إطلاق أفكاره بحرية.